القاهرة – محمد عبد الحميد
نجح العداء الجزائري توفيق مخلوفي، صاحب ذهبية سباق 1500 م في أولمبياد لندن 2012، في اختراق الكينين في اختصاصهم وأحرز فضية سباق 800 م في أولمبياد 2016 المقام في ريو دي جانيرو حتى 21 آب/أغسطس، ورغم وجوده محاصرًا بين 3 عدائين كينين من أصحاب الاختصاص بمن فيهم البطل الأولمبي والعالمي وحامل الرقم القياسي دافيد روديشا، تمكن "الأسد" مخلوفي من الإفلات وإنهاء السباق في المركز الثاني.
وتصدر روديشا كما هو متوقع الترتيب بزمن 1.42.15دقيقة وهو الأفضل له هذا الموسم، أمام مخلوفي 1.42.61 دقيقة، فيما ذهبت البرونزية إلى الأميركي كلايتون مورفي بزمن 1.42.93 دقيقة، وخاض روديشا (28 عامًا) سباقا تكتيكيا بامتياز وبخبرة كبيرة مستفيدًا من دور الأرنب الذي قام به وبأفضل طريقة مواطنه الفريد كيبكيتير بطل العالم السابق للشباب الذي يصغره بثمان أعوام.
وانطلق روديشا بسرعة في الحارة الثالثة، وتصدر مع الفرنسي بيار-امبرواز بوس بعد 50 مترًا، وقطع أول 200 متر بنحو 23 ثانية قبل أن يبدأ كيبكيتير المهمة الموكولة إليه، وأنهى الكيني الشاب اللفة الأولى بحدود 49.23 ثانية يطارده روديشا من الخلف قبل أن يستلم زمام المبادرة في آخر 300 م ويضع جميع المتسابقين خلفه، فيما تأخر مخلوفي في الانطلاق وتجاوز مشاركين عدة كان آخرهم الفرنسي بوس ساعيًا إلى الفضية بعدما اقتنع بعدم قدرته على مزاحمة روديشا على الذهب.
وعبر مخلوفي (28 عامًا) عن سعادته ورضاه عن أدائه بإحراز الفضية، وقال بعد السباق لوكالة فرانس برس "أنا سعيد جدًا في هذه الفضية وراض عن نتيجتي، والأهم الآن بالنسبة إليّ الخلود للراحة لاستعادة طاقتي قبل تصفيات 1500 م". وبعد ساعات من انهائه سباق 800 م، سيخوض مخلوفي تصفيات الدور الأول من السباق الذي يحمل ذهبيته، ولم يكن موسم مخلوفي مقنعًا بحسب النقاد والصحافة المحلية فكان عرضة للانتقاد من فترة، لكن ذلك لم يزعزع ثقته بنفسه، وكانت الفضية اول ثمار هذه الثقة.
وحمل مخلوفي على منتقديه قائلاً "هناك أناس لا يفقهون شيئًا في ألعاب القوى ويتحدثون كثيرًا على التلفاز لأن لديهم الوقت الكافي، ولو كانوا مفيدين لساهموا في تحقيق الميداليات في هذه الرياضة"، ورأى مخلوفي الذي سجل رقما شخصيًا ووطنيًا، "كان سباقًا سريعًا وقويًا جدًا، وأنه اختصاص للكينيين، وأشارك لأول مرة في هذه المسافة في بطولة كبيرة، وقدمت أفضل ما لدي، فحطمت رقمي ورقم الجزائر".
وهذه هي الميدالية الأولى للجزائر في ريو دي جانيرو، والثالثة للعرب بعد ذهبية البحرينية راث غيبيت في 3 آلاف م موانع، وبرونزية الملاكم المغربي محمد ربيعي في وزن 69 كلغ، ورفع مخلوفي رصيد الجزائر إلى 16 ميدالية في تاريخ مشاركاتها في الالعاب: 5 ذهبيات و3 فضيات و8 برونزيات. من جهته قال روديشا: "تحقيق زمن 1.42 دقيقة أمر رائع. لم أشكك بقدراتي سابقا. من الرائع إحراز ميدالية ذهبية ثانية في هذا السباق (بعد لندن 2012). هذه أهم لحظة في مسيرتي".
وحقق روديشا رقمًا مميزًا، لكنه فشل في تحطيم أو معادلة رقمه العالمي المسجل في لندن 2012 والبالغ1.40.91 د، وهو عانى من إصابات مؤخرًا وحلّ ثالثًا في التصفيات الكينية المؤهلة، وفي كل الأحوال، أصبح روديشا أول عداء ينجح بالدفاع عن لقبه منذ النيوزيلندي بيتر سنيل عام 1964. وحلق مخلوفي الذي يعتبر العداء البريطاني محمد فرح قدوة له، في سباق 1500 م في ألعاب لندن الأولمبية ولم يلحق به أحد مانحًا العرب أول ذهبية في الألعاب، ليسير على خطى مواطنيه نور الدين مرسلي في أولمبياد اتلانتا 1996 وحسيبة بولمرقة في برشلونة 1992 ونورية بنعيدة مراح في سيدني 2000 الذين احرزوا ذهبية المسافة ذاتها.
وستكون الفرصة متاحة له لتحقيق انجاز تاريخي في حال نجاحه بالحفاظ على اللقب، وتظهر على مخلوفي ملامح صحراوية قاسية، شخصية الشجعان وبنية جسدية صلبة قادرة على مواجهة التحديات، وهو ابن مدينة سوق أهراس الواقعة بالقرب من الحدود التونسية (560 كلم شرق الجزائر العاصمة)، والملقبة "سوق الأسود" لأنها كانت كانت من أكبر الأسواق لتجارة الأسود.
ولم يكن مشوار مخلوفي مفروشا بالورود، فتحدى عراقيل كثيرة بسبب رفض التكفل به واجباره أحيانًا على تغيير المدربين والضائقة المادية التي واجهها، وتمكن بارادته الحديدية وشجاعته من تحطيم جميع الحواجز، وبلغ مخلوفي، الابن البكر لعائلة من 6 اولاد، نصف نهائي سباق 1500 م في بطولة العالم 2009 في برلين، قبل أن يكرر ذلك في نسخة 2011، ويتوج جهوده بذهبية أولمبياد لندن.
وأحرز أيضا ذهبية بطولة افريقيا 2012 في 800 م، وذهبية الألعاب الأفريقية 2011 في مابوتو، واستبعد الاتحاد الدولي لألعاب القوى مخلوفي من ألعاب 2012 بتهمة غير عادية وهي عدم بذل الجهد الكافي في تصفيات سباق 800 م بعد نسيان الاتحاد الجزائري سحب اسمه من السباق إثر تأهله إلى نهائي 1500 م، ثم السماح له بعد ساعات قليلة بالمشاركة بعد تقديم أدلة دامغة على إصابته في الركبة.