القاهرة ـ محمود حماد
يُعد فندق "أولد كتراكت" أسوان، قطعة من التاريخ الحي، ممزوجة بعبق الأساطير، وسحر الحضارة الفرعونية، تتلمسها بوضوح على جدرانه، وقاعاته، وأفنيته، وكذلك أضواؤه الخلابة التي تتناثر بالليل على سلسلة من قطع الجرانيت الزهري، تتراص بعفوية على شاطئ نهر النيل، الذي يطل عليه الفندق العتيق، حسب ما يلقبه البعض .ويبعد الفندق عن مطار أسوان الدولي 58 كيلو مترًا، ويعتبر الأسطورة الثالثة على مستوى العالم، والأولى في الشرق الأوسط، التي تخلقها مجموعة "سوفتيل" الفندقية على المعايير الفرنسية، واستوحى الفندق اسمه من موقعه، في "كتراكت"، والتي تعني التقاء النيل بالحاجز الجرانيتي، ما يخلق شلالًا صغيرًا، والذي اعتبر قديمًا نقطة انتهاء الحضارة الإنسانية، ومع ذلك تتوالى القصص على الفندق لتخلق أسطورة تلو الأخرى من أروقته وغرفه، فلقد بدأت حكاية الفندق منذ إنشائه في العام 1899 ميلادية، مع امتداد السكة الحديد لجنوب مصر، حيث زادت أعداد السياح، لزيارة مدينة أسوان والتمتع بآثارها، وجوها الشتوي المشمس، ومع زيادة الأعداد بدأ التفكير في بناء فنادق على ضفاف النيل، بالإضافة للمراكب النيلية المتحركة، لتزيد من الطاقة الفندقية للمدينة. وتم بناء الفندق على الطراز الفيكتوري، حيث كان الطابع الإنكليزي غالبًا على الطراز المعماري لهذه الفترة الزمنية، وصمم الفندق على كتلة صخرية، مما يتيح لنزلائه التمتع بمظهر النيل المتجه إلى الشمال، وظهر أول إعلان للفندق في جريدة "إجيبشيان جازيت" في 11 كانون الأول/ديسمبر في العام 1899، ونص الإعلان على تواجد غرف كبيرة، وشقق فندقية، ومكتبية، وطاولة بلياردو، ومدفأة، وكهرباء، يعملان طوال الليل، وكان الفندق في ذلك الحين يستوعب نحو 60 ضيفًا مقيمًا. وكان حفل افتتاح المطعم الرئيس في 10 كانون الأول/ديسمبر في العام 1902، وحضره حاكم مصر آنذاك، الخديوي عباس حلمي، والابن الثالث للملكة فيكتوريا، ديوك كونوت، واللورد وليدي كرومر، والسير ونستون تشرشل، ومهندس سد أسوان، جود إيرد، الذي أرسى حجر أساس السد في اليوم ذاته، بالإضافة إلى باقة كبيرة من رجال الدولة والوزراء. وحرص الفندق منذ ذلك الوقت، على استضافة عِلْيَة القوم، ومشاهير العالم، على مر السنين، كان أشهرهم أغاخان الثالث، الذي واظب على زيارة الفندق كل عام للعلاج من مرض الروماتيزم، وكانت أولى زياراته للفندق في العام 1937، حيث قضى شهر العسل في الجناح الجنوبي، في الدور الثاني، وعقب وفاته في العام 1957، طلب أن يدفن في أسوان، واستغرق بناء قبره نحو عامين، واليوم يستطيع الضيوف أن يروه من شرفة الفندق في الوقت الحالي. ومن زُوَّار الفندق التاريخيين أيضًا، قيصر روسيا، نيكولاي الثاني، وعالم الآثار الإنكليزي، هاورد كارتر، مكتشف مقبرة الملك الذهبي توت عنخ آمون، وملك مصر، الملك فاروق، والكاتبة الشهيرة أغاثا كريستي، والتي كتبت قصتها العبقرية، "جريمة على ضفاف النيل، حيث استوحت أحداثها أثناء جلوسها في شرفة غرفتها في الفندق، كما صُوِّر الفيلم، فيما بعد في "كتراكت"، وملك المغرب، محمد الخامس، والأميرة ديانا، ملكة القلوب. وأكَّد أحد مريدو الفندق، الخبير الاقتصادي المعروف، ورئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر، هاني توفيق لـ"مصر اليوم"، أن "فندق "أولد كتراكت" أسوان، يعني العراقة، وعبق التاريخ"، واصفًا الفندق بـ"أنه جميل، ونظيف، ومُجدَّد بالكامل، فضلًا عن أن منظر النيل وقت الغروب يذهب بالعقل، ولكن معدلات التوافد ضعيفة"، متأسفًا على "حال السياحة المصرية، قائلًا، إن "القلب يدمي على السياحة، وحال أصحاب المنشآت السياحية، والعاملين فيها خلال الوقت الجاري". ويحتوي الفندق على 4 مطاعم، تُقدِّم الأطباق العالمية، والشرقية، للفطور، والغداء، والعشاء، ويضم مطعم "كاببجي" الشرقي، شرفة ذات إطلال بانورامي على نهر النيل، كما تُقدِّم بارات الفندق الـ4 المشروبات المنعشة، ويطل الكورنيش على جزر الفنتين، بينما يتحول البار إلى صالة بيانو في المساء، على طراز شرقي كلاسيكي.