الإسكندرية ـ هيثم محمد
من داخل أسواره كتبت أهم الكتب عن مدينة الإسكندرية، وله يأتي السياح من كل أنحاء العالم ليسألوا عنه خصيصًا لجمال تصميمه المتأثر بالطراز الفرنسي، إنه فندق "ماجيستك" سابقاً ومول "ماجيستك" حاليًا، والذي تعرض للتشويه المعماري، نتيجة الإهمال المتعمد، بهدف تحويله لكتله خرسانية جديده، من دون الاكتراث بقيمته التاريخية. ويقع "ماجيستك" في ميدان عرابي في منطقة المنشية، وسط الإسكندرية، ويعود تاريخ تشييده إلي بداية القرن العشرين على يد المعماري هنري غُرة بك، بتأثير فرنسي واضح، ويتميز بوجود قبتين أعلى البناء مشيّدتين بعناية شديدة. وبمرور الزمن ومع عدم الاهتمام بالمبنى أصابت القبتين المميزتين للمبنى عوامل التعرية، جراء الأمطار والرياح على مدار أكثر من مائة عام، ولأنها العائق الوحيد أمام مالك العقار من إضافة أدوار للمبنى، كانت عوامل التعرية بالنسبة إليه هدية على طبق من فضة، وبالفعل تركها حتى انهارت القبتان. ويقع المول ضمن منطقة الحفاظ، أي منطقة يحظر هدم أو تشويه الأبنية المقامة فيها، وفقاً لتصنيف الاثار، بالإضافة لكونه أحد الأبنية المدرجة في التراث. واكتسب المول سمات معمارية خاصة، تعود لخبرة مشيّده غرة بك، الذي درس العمارة في المدرسة المركزية في باريس، وتُعتبر مدرسة كلية فيكتوريا الإنكليزية في الإسكندرية أشهر وأهم أعماله، إلى جانب بعض الأبنية السكنية الأخرى و بنك "دي روما" في شارع فؤاد الأول (الآن البنك الأهلي). وداخل المبنى الأثري العتيق سُطرت أهم سطور عن مدينة الإسكندرية، فقضى الروائي الانكليزي الشهير فورستر شهور إقامته الأولى في الإسكندرية فيه، ومنه بدأ استكشافه للمدينة المزدهرة وقتها. وفي أوائل العشرينيات أصدر كتابه شديد الأهمية "الإسكندرية تاريخ ودليل"، الذي تحدث عن أهم مناطق مدينة الإسكندرية، الأمر الذي جعل العديد من السياح يأتون خصيصًا لزيارة ذلك المبنى، ليروا على الحقيقة وصف الكاتب لمدينة الإسكندرية، والمكان الذي وصفه فورستر في كتابه عن الإسكندرية. وتعرّض "ماجيستك" كغيره من المباني التاريخية بالإسكندرية، إلى الإهمال المتعمد، بغرض تحقيق المكاسب المادية. وأعلن عضو مؤسس مبادرة "أنقذوا الإسكندرية"محمد أبو الخير، أن الإهمال الذي أصاب المبنى يُعد أحد أخطر الخطوات لإهدار موارد الدولة السياحية، حيث إن المبنى الذي يرجع بناؤه للقرن العشرين، يُعد أهم المباني الأثرية، والتي يأتي لزيارتها سنويًا عدد كبير من السياح. وأوضح أبو الخير أن مبادرة "أنقذوا الإسكندرية" تقدمت بالعديد من البلاغات لقسم المنشية، وعدد من الشكاوى لوزارة الثقافة بشأن المبنى الأثري لعدم تشويهه بما يخالف القانون، الذي يحظر أن يتم تشويه أو هدم المباني التي تقع في مربع ميدان عرابي. وأكّد "أن الحملة وحفاظًا على التراث قامت بتقديم جميع الاستشارات الفنية والمتخصصة لترميم المبنى، إلا أن المالك أيضًا لم يلتفت، وواصل عمليات البناء وتشويه المبنى، في حين كون العديد من النشطاء السياسيين في الإسكندرية جبهات ضغط، لعدم تشويه وهدم المباني التراثية في الإسكندرية، والتي تُعد على حد وصفهم تاريخ الإسكندرية الذي يجعلها بمكانة كبرى تضاهي مكانات دول أوروبا". وقرّر محافظ الإسكندرية اللواء طارق مهدي، بعد العديد من النداءات والمحاضر في أقسام الشرطة، وقف تشويه المبنى بالمخالفة للقانون، ووقف البناء وهدم ما تم بناؤه أعلى المبنى بدلاً من القُبّتين، إلا أن القرار لم يدُم سوى عدد قليل من الأيام ليستأنف بعده مالك العقار البناء.