اوجونغ كولون - ا ف ب
على درب غير معبد يطل على حقول الارز الخضراء في غرب اندونيسيا ترك وحيد القرن الاندر في العالم اثار حوافره في الوحل واثار قضماته على اوراق الشجر. هذه المخلفات هي اقصى ما يمكن ان يأمل به الناس الساعين الى القاء نظرة على وحيد قرن جاوا الذي هو موضع اجلال كبير في التقليد المحلي اذ يعتبر "الأب الاكبر" (أبا جيدي). ويقدر عدد هذا النوع من الحيوانات بحوالى خمسين حيوانا فقط. وهي تعيش بغالبيتها في المنتزه الوطني في أوجونغ كولون المعروف بطبيعته الخلابة والذي يقع في الجزء الغربي من جزيرة جاوا الإندونيسية. ويأمل أنصار الحفاظ على الطبيعة أن تضع أول محمية لحيوانات وحيد القرن ستشيد في المنتزه خلال الأشهر المقبلة حدا لاندثار هذا الحيوان الذي كان منتشرا بالآلاف في جنوب شرق آسيا. لكن وحيد قرن جاوا لم يسلم من الصيد غير الشرعي وتراجع مواطنه الطبيعية إثر نشاطات الإنسان، ما أدى إلى تدهور اعداده تدهورا شديدا، شأنه في ذلك شأن جميع أنواع حيوانات وحيد القرن في أنحاء العالم أجمع. وهو بات، بحسب الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، "على آخر رمق". وستمتد المحمية الجديدة على 5100 هكتار من الغابات المطيرة الكثيفة ومجاري المياه العذبة والمستنقعات في هذا المنتزه المدرج في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). ولن تفتح المحمية قبل آذار/مارس، لكن مسؤولين عن المنتزه كشفوا بالاستناد إلى آثار الحوافر في الوحل والقضمات أنهم يعتقدون أن تسعة حيوانات باتت تتنقل في المواقع الجديدة المخصصة لها. وشرح روسديانتو المسؤول عن المواطن الطبيعية في المنتزه لوكالة فرانس برس "هذا يعني أن خطتنا القاضية بتخصيص هذه المحمية لحيوانات وحيد القرن بدأت تجدي نفعا". وبصورة عامة، كانت حيوانات وحيد القرن تعيش أصلا في موقع محدد من المنتزه، غير أن المحمية الجديدة وسعت نطاق المنطقة المخصصة لها بعد نقل المزارعين الذين كانوا يسكنوها بغية تفادي الصدامات بين الإنسان والحيوان قدر المستطاع. ويتم حاليا تشييد الجزء الاخير من المحمية وهو سياج كهربائي يرسم الحدود الفاصلة التي ينبغي على الحيوانات البقاء ضمن نطاقها وعلى البشر عدم تخطيها. وقام المسؤولون عن المنتزه الذين يعدون موظفين حكوميين بزرع النبات الذي تأكله حيوانات وحيد القرن. وقال موه هيروني القيم على هذا المنتزه لوكالة فرانس برس "نأمل أن يساعد هذا المنتزه على تسريع وتيرة تناسل الحيوانات". لكن اقامة المحمية التي تديرها الحكومة وتمولها جمعية "انترناشونال رينو فاونديشن" ومقرها في الولايات المتحدة، لم تكن بالامر السهل. وكان يفترض ان تفتح ابوابها في العام 2011 لكنها تأخرت بسبب البيروقراطية وهي مشكلة منتشرة في الارخبيل الاندونيسي المترامي الاطراف مما يؤدي الى عدم فاعلية كبيرة. وتعثترت الاشغال ايضا لمدة سنة بسبب احتجاجات السكان الذين طالبوا بتعويضات على اراض زراعية اضطروا الى التخلي عنها فضلا عن مدافعين محليين عن الحيوانات اعتبروا ان استخدام معدات ثقيلة لبناء السياج يهدد البيئة. لكن يبدو ان المشروع تجاوز كل هذه العوائق ويفترض ان تفتح المحمية ابوابها قريبا. الا انها تشكل خطوة صغيرة على طريق انقاذ وحيد قرن جاوا العسيرة. ويعتبر مسؤولون في اوكونغ كولون ان عدد وحيد القرن في العام 2012 كان 51 حيوانا بما في ذلك ثمانية صغار وحيد القرن، مستندين في ذلك الى صور التقطتها كاميرات خفية. وهم يأملون ان يكون العدد الفعلي في حدود السبعين وسيقومون بتقدير جديد للعدد بعد معاينة البيانات الخاصة بالعام 2013. وقضية وحيد قرن جاوا تلقي الضوء على معاناة حيوان وحيد القرن في العالم مع انواع اخرى مهددة بالاندثار فيما اندثرت انواع فرعية من الان. ويشكل الصيد غير الشرعي تهديدا كبيرا جدا اذ تستخدم قرون وحيد القرن في الطب الاسيوي التقليدي وتباع باسعار مرتفعة في السوق السوداء. وفي اندونيسيا يبقى اقل من مئة حيوان من نوع وحيد قرن سومطرة. وفي العام 2011 اعلن الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة ان نوعا فرعيا من وحيد القرن مندثرا في غرب افريقيا فيما قالت ان وحيد القرن الابيض الشمالي في وسط افريقيا "اندثر على الارجح". وكثفت آسيا الجهود لوقف تراجع اعداد وحيد القرن وقد شارك ممثلون عن دول عدة في تشرين الاول/اكتوبر في مؤتمر حول المسألة في جزيرة سومطرة (غرب اندونيسيا). وتعهدت الدول المشاركة ومنها اندونيسيا ونيبال والهند اتخاذ خطوات بزيادة اعداد وحيد القرن على اراضيها بنسبة 3 % سنويا. والخطر المحدق بوحيد قرن جاوا لا يقتصر فقط على الصيد غير الشرعي بل يتعداه الى ندرة الاطعمة المتوافرة له والمرض واحتمال وقوع كوارث طبيعية اذ ان الزلازل وانزلاقات التربة كثيرة في هذا البلد على ما يقول الصندوق العالمي للطبيعة-فرع اندونيسيا. ورغم مجموعة التهديدات هذه يأمل المسؤولون عن الحياة البرية ان تشكل المحمية خطوة في الاتجاه الصحيح. وقد تشجع هؤلاء ايضا بالدعم الكبير من السكان المحليين. فاي جهد لانقاذ "الاب الاكبر" مرحب به في منطقة تتواصل فيها معتقدات تعود الى عقود عدة وتتشابك مع الاسلام الذي يدين به معظم السكان. وقال سواهايا وهو مزارع في السابعة والستين لوكالة فرانس برس "علينا ان نبذل كل ما في وسعنا للحؤول دون اندثار وحيد قرن جاوا. السكان المحليون يعتقدون ان +ابا جيدي+ يجب الا يغيب عن وجه الارض والا حلت الكارثة علينا".