الفايننشال تايمز

هيمنت الأزمة بين قطر والسعودية وبعض الدول العربية الأخرى ، وأصداء الهجوم الذي تعرضت له لندن السبت الماضي على صحف الثلاثاء البريطانية ، التي تناولت هذين الموضوعين في افتتاحياتها ومقالات الرأي فيها فضلًا عن تحقيقاتها وتقاريرها.

وتناولت الفايننشال تايمز الأزمة القطرية ، كما نشرت في صفحتها الأولى تقريرًا لمراسلها من دبي، سيمون كير، يرى فيه أن ما حرك السعودية ومصر ودولة الإمارات المتحدة والبحرين لقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وإغلاق الحدود معها والأجواء والموانئ بوجه وسائل نقلها، كان فدية بمبلغ مليار دولار قدمتها قطر لتحرير أعضاء في عائلتها الحاكمة كانوا في رحلة لصيد الصقور واختطفوا في العراق.

وينقل المراسل عن أشخاص، يقول إنهم على صلة بالصفقة التي تمت في أبريل/نيسان ، قولهم إن ما أغضب السعودية وحلفاءها هو دفع الدوحة لفدية إلى جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة تقاتل في سورية ورجال أمن إيرانيين.

وقالت الصحيفة إنها تحدثت إلى أشخاص من الأطراف المشتركة في صفقة إطلاق سراح الرهائن، من بينهم مسؤولان حكوميان وثلاثة قياديين من الميليشيات الشيعية العراقية وشخصيتان قياديتان في المعارضة السورية.

وتضيف أن مبلغ 700 مليون دولار دفع إلى شخصيات إيرانية وميليشيات محلية تدعمها إيران، لتحرير القطريين الـ 26 المختطفين في العراق ، كما دفعت الدوحة من 200 إلى 300 مليون دولار إلى جماعات إسلامية في سورية ، ذهب معظمها إلى جماعة فتح الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة مقابل إطلاق سراح 50 مسلحًا شيعيًا كانوا في قبضتهم.

 

"كتائب حزب الله" ويوضح التقرير أن القضية بدأت مع قيام ميليشيا كتائب حزب الله في العراق باختطاف القطريين في ديسمبر/كانون الأول 2015 ، ويضيف أن ثلاثة من قادة الميليشيا العراقية قالوا إن الرهائن نقلوا إلى إيران.
 
ودفعت الفدية إلى إطلاق سراح 26 من العائلة الحاكمة في قطر اختطفوا في العراق
وترى الصحيفة أن هذه الميليشيا على صلة بجماعة حزب الله اللبنانية، التي تقاتل لدعم نظام الرئيس بشار الأسد في سورية.

وتنقل الصحيفة عن دبلوماسيين لم تسمهما قولهما إنهما يعتقدان أن محفز اختطاف القطريين كان لإعطاء حزب الله وإيران ذريعة للتفاوض لإطلاق سراح مقاتلين شيعة محتجزين لدى جماعة فتح الشام السنية المتشددة في سورية ، التي كانت تعرف سابقًا بإسم جبهة النصرة وتمثل فرع تنظيم القاعدة في سورية.

ويضيف الدبلوماسيان أن الصفقة شملت اتفاقًا منفصلًا لتسهيل إجلاء بلدتين يحاصرها مسلحو المعارضة السورية مقابل أخريين يحاصرهما مسلحون شيعة ، وتنقل الصحيفة عن دبلوماسي غربي قوله "لقد ظلت قطر وإيران تبحثان لوقت طويل عن غطاء لعقد هذه الصفقة، وقد وجدتا ذلك أخيرًا.

كما تنقل عن شخصيات قيادية في المعارضة السورية قولها إن قطر استخدمت ترتيبات الإجلاء لدفع مبلغ 120 إلى 140 مليون دولار لجماعة فتح الشام، فضلًا عن 80 مليون أخرى لجماعة إسلامية أخرى هي أحرار الشام.

"ترويض الجارة" ، وتقول الصحيفة ذاتها في افتتاحيتها إن السعودية قد تحركت لترويض جارتها "المغرورة" ، وترى أن عوامل عدة وقفت وراء هذا التوتر، أولها إن الدول الخليجية تلوم قطر على إيوائها ودعمها للعديد من الحركات الإسلامية، المعتدلة والمتطرفة، في عموم المنطقة.

وترى الصحيفة أن العامل الثاني تمثل في اندلاع التوتر عندما رفضت قطر أن تساير التوجه الإقليمي "للسعودية وحلفائها" لدعم الانقلاب العسكري الذي اطاح بحكومة جماعة الإخوان المسلمين المنتخبة في مصر ، والثالث هو رفض قطر مسايرة التوجه السعودي بتصعيد الضغط على إيران.

أما العامل الرابع فهو توافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووجهات نظر الإدارة الأمريكية الجديدة بشأن الشرق الأوسط مع وجهات نظر السعودية، ومن بينها رغبتها في تبني موقف منحاز بشكل مفتوح في النزاع الشيعي السني في منطقة الشرق الأوسط.

وترى صحيفة التايمز في افتتاحيتها بهذا الشأن أن استياء وغضب جيران قطر منها كان يختمر منذ أعوام ، مشيرة إلى أن الملك السعودي ، سلمان بن عبد العزيز، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابو ظبي قد اختارا في الوقت الحاضر نسيان دعوة الرئيس الأميركي لتوحيد الصف السني في مواجهة إيران ، وأعلنا حملة مفتوحة ضد قطر لمزاعم ميلها للتقارب مع إيران ودعمها للأقليات الشيعية في المنطقة.

وتنقل عن مسؤول سعودي قوله إن بلاده تسعى إلى حماية أمنها القومي من خطر التطرف ، حيث أن قطر أقرت في السابق بصلاتها مع حماس وفصائل إسلامية متشددة تقاتل في سورية ، فضلًا عن جماعة الإخوان المسلمين ، لكنها تستدرك بالقول إن الجماعات الجهادية، في تعريفها العام، تدين بالكثير لمتبرعين سعوديين وللأيديولوجيا الدينية الوهابية المهيمنة في السعودية أكثر من دينها لأي بلد آخر.

 

وتنشر الصحيفة ذاتها تقريرًا واسعًا عن الآثار الاقتصادية للخطوة السعودية، يشير إلى أنها تسببت في خسارة نحو 8 مليارات دولار من قيمة أسهم هذه الدولة الخليجية الصغيرة ذات الاسثمارات الواسعة في الاقتصاد البريطاني، مقدرة ذلك بناء على انخفاض قيمة الأسهم القطرية في بنسبة 7% الأسواق المالية.

وأضاف التقرير أن الخلاف بشأن مزاعم الصلات بجماعات متطرفة تركت قطر، التي تعد أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم والمالكة لحصص كبيرة من أسهم شركات وبنوك بريطانية، من أمثال "باركليز وسينزبري وبورصة لندن، معزولة".

وأوضح التقرير أن مؤشر الأسهم في البورصة القطرية انخفض بنسبة 7.2% ليصل إلى 9,202,62 ، مما تسبب في خسارة نحو 8 مليارات دولار من قيمة الأسهم، وهو أكبر انخفاض يحدث في يوم واحد منذ ثمانية أعوام.

وأشار التقرير إلى أن قطر تسيطر على ما قيمته 40 مليار جنيه إسترليني من الأصول البريطانية، من بينها أعلى بناية في بريطانيا المسماة "شارد" ونصف الحي التجاري في منطقة كناري وارف بلندن، وسلسلة من العقارات المهمة في العاصمة البريطانية.

وقالت إن قطر أعلنت في مارس/آذار الماضي عن خططها لاستثمار 5 مليارات جنيه إسترليني أخرى في بريطانيا بمعزل ، عن تأثير التصويت بالخروج عن الاتحاد الأوروبي على الاستثمارات في بريطانيا.

وخصص معظم صحف الثلاثاء الموضوعات الرئيسية في صفحاته الأول وعددًا من صفحاتها الداخلية لمتابعة أصداء الهجوم الذي شهدته العاصمة البريطانية السبت وأودى بحياة 7 أشخاص.

ووضعت صحيفة الديلي تلغراف عنوانًا لتغطيتها "جهادي وقح كان حرًا في التباهي بتطرفه على شاشة التلفزيون ، في إشارة إلى الكشف عن أن أحد منفذي الهجوم، كورام بات ، كان ظهر في فيلم وثائقي عن التطرف الإسلامي والجماعات الجهادية عرض في القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني في شهر يناير/كانون الثاني من العام الماضي.

ولفتت الصحيفة إلى أن هذا الكشف سيضيف المزيد من الضغط على السلطات البريطانية بشأن التعامل مع التطرف بعد أن تكشّف أن بات هو ثالث شخص متطرف خلال الأشهر الأخيرة ، يقوم بهجوم على الرغم من كونه معرفًا لدى السلطات الأمنية.

وتتحدث الصحيفة ذاتها في تقرير آخر كتبه محررها السياسي على صفحتها الأولى عن أن رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، قد أكدت أن حكومتها تنظر في اتخاذ إجراءات جديدة لمنع المواقع التي تروج للتطرف إذا فشلت شركات الإنترنت في القيام بفعل للحد من هذه الظاهرة على الإنترنت.

وتنقل الصحيفة عن تصريح خاص لها من ماي ، تقول فيه إن خيارها المفضل لمكافحة التطرف الذي يتكاثر على الإنترنت هو تشريعات تنظيمية متفق عليها عالميًا ، ولكن إذا فشل ذلك فإنها مستعدة لأن تسير لوحدها في فرض مثل هذه التشريعات التنظيمية.

وتضع صحيفة الغارديان عنوانًا رئيسيًا على صدر صفحتها الأولى "بريطانيا تواجه مستوى مختلفًا تمامًا من الخطر المتطرف" ، كما تشدد الصحيفة على حاجة بريطانيا إلى إصلاح جذري في إستراتيجياتها لوقف الهجمات "الجهادية"، لأن التهديد بات الآن في مستوى مختلف تمامًا من الخطر المتطرف.

وتواجه الأجهزة الأمنية البريطانية ضغطًا متزايدًا في أعقاب وقوع ثلاث هجمات في ثلاثة أشهر ، وتنقل الصحيفة عن مارك راولي ، مساعد رئيس شرطة سكوتلانديارد لشؤون مكافحة التطرف ، قوله إن التغييرات قد تشمل الشرطة وجهاز الأمن الداخلي أم آي 5 ، وشركات التكنولوجيا والقوانين ومناطق أخرى.
وأضاف راولي "خلال تسعة أسابيع احبطنا خمس مؤامرات ونجحت ثلاث هجمات  وهذا أمر مختلف تمامًا عن أي شيء شهدناه منذ وقت طويل" ، وتتحدث الصحيفة في تقرير واسع في صفحاتها الداخلية عن الضغط الذي تواجهه الأجهزة الأمنية البريطانية أعقاب وقوع ثلاث هجمات مميتة خلال ثلاثة أشهر، كما تكرس عددًا من صفحاتها لمتابعة التجمعات التي أقيمت لتأبين الضحايا ولشهادات بعض عوائلهم وصور لبعضهم.