القاهرة - مصر اليوم
يتحدث الغرب، كما عبّر ليلة رأس السنة، وما تلا من تصريحات، عن تخوف كبير من أن خطر الإرهاب عليه لا يزال قائماً… جاء هذا في فرنسا، وعلى لسان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، ووعوده بتكثيف الحرب على الإرهاب عام 2016، مع ما تحمله استطلاعات الرأي من تراجع ثقة الفرنسيين به إلى مستوى ما قبل هجمات باريس، وما تؤكده الأخبار عن هجمات إرهابية مخطّط لها، أرعبت الغرب في بقية الدول، وجعلته مذعوراً، يرتعش خوفاً وهلعاً من تلك الهجمات، ومحاولاً أخذ احتياطاته، فجاءت احتفالاته بليلة العام الجديد مترافقةً بالمخاوف، حذرةً، قلقةً مع انتشار الأمن في كل مكان.
هذا الغرب إلى الآن لا يعدو حديثه عن مكافحة الإرهاب ثرثرةً إعلامية فقط،إذ ما زالت أقواله تناقض أفعاله، ولم يقم بمبادرة دولية مهمة، تسعى لإخراجه من معاييره المزدوجة للتخلص من هذا الرهاب الإرهابي الذي زرعه في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة سورية.. وهاهو يعيش الآن تحت رحمته مع أن الخلاص بأيديه، وبما يحفظ استقرار بلاده وأمنها، وكذلك بما ينهي الحرب الدائرة على سورية، واستعادتها لاستقرارها وأمنها الذي كانت تفاخر به العالم قبل أن تمتد إليها يد الغدر الوهابية التي أطلقها الغرب الذي يعجز الآن عن كفّها خدمةً لمشروعاته وأطماعه العدوانية في هذه المنطقة.
أما الآن، واليد السورية موضوعة على الزناد، ومع الانتصارات المتوالية على الإرهاب التي يحققها الجيش العربي السوري في الميدان، فإن هذا الغرب يحتاج وقفةً متأنيةً مع الذات، وقد بلغ مستوى الصمود الأسطوري السوري ذروته في وجه كلّ المخططات والمؤامرات التي أرادت النيل من هذا البلد، وكذلك النظر فيما جرّته أجندته الاستعمارية المشبوهة على المنطقة من ويلات، عملت على انهيار المدنّيات والحضارات، وكبّلت الشعوب، ودمرت دولها، واعتدت على سيادتها، تحت ظلّ الذريعة المخترعة التي اخترق بها هذا الغرب الوعي الجمعي العالمي، والذي سرعان ما انكشفت أهدافه ومراميه، ومآربه عندما تموضع الإرهاب، وتوسع، وتمدّد، واستيقظت خلاياه في كل مكان في الغرب الذي قوّى ساعد الإرهاب ودعمه، فارتدّ منعكساً عليه.
وما نقلته الصحف الفرنسية عن احتفالات أول العام ووصفها بأنها دمعة وابتسامة، أمر يدعو للتعليق على هذا المنعكس الخطر الذي صنعته حكومات الغرب نفسها، وتنظر إليه الآن بقلق، من دون النظر إلى الحلول الناجعة التي تمتلكها، وتصبّ في إطار التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب، وتنفيذ القرارات الأممية المتعلقة بدحره والقضاء عليه، وتحديد التنظيمات الإرهابية التي على المجتمع الدولي قاطبةً الحذر منها ومكافحتها، وهو ما نبهت إليه الدولة السورية، مراراً وتكراراً، فيما مضى من سنّي الحرب المجنونة عليها، وأكدته على لسان قيادتها، وعبر معاركها لدحر الإرهاب والتصدي له.
ماذا ينتظر الغرب بعد؟
سؤال، على الغرب نفسه أن يجيب عنه، قبل أن يشرب كثيراً من مرّ الكأس الإرهابية التي سقا منها سورية بخاصة ودول المنطقة بعامة، ورغم أن ليلة العام الجديد مرت من دون حوادث تذكر، لكن التحدي ما زال قائماً، والتهديد الإرهابي ما زال يتوعّد مَنْ صنع السمّ الإرهابي بتذوقه وشربه حتى الثمالة، ولو بعد حين، إذا لم يعد هذا الغرب إلى رشده، ويتخلص من معاييره المزدوجة ومكابرته العدوانية، ويدرك كم سبّب من ألم ومعاناة لدول يتباكى عليها بكاء التماسيح.. فهل كان عليه ليخرج من جلده الإرهابي أن يكتوي بالنار الإرهابية التي أشعلها في سورية، خدمةً لأهدافه ومطامعه العدوانية المجنونة…وهل يحمل العام الجديد، صحوةً غربيةً واضحة ومكافحةً جدية للإرهاب قبل أن تدمي مخالبه الجسد الأوروبي بعدما أدمت جسد المنطقة؟.