موسكو - حسن عمارة
يعد ديمتري ماركوف المشرف على جماعة معارضة للسلطات الروسية اسمها "السلطات المجرمة" على موقع "فكونتاكتي" وهو أكبر شبكة اجتماعية في روسيا - تضم نحو 14 ألف عضوا ينتقدون علنا سياسات الكرملين بما في ذلك تلك المتعلقة في أوكرانيا، وفي إحدى الأيام عندما اتجه ماركوف لفتح باب شقته بعدما سمع جرس الباب في سانت بطرسبرغ في وقت سابق من هذا العام فوجئ بأشخاص لكموه حتى سقط على الأرض وأصابوا عينه وفر المهاجمون عندما صرخ ماركوف مستغيثا بأي شخص لاستدعاء الشرطة، ويعد الحادث هو الأحدث في سلسلة اعتداءات وهجمات على الروس الذين ينتقدون علنا حكومتهم على مواقع الشبكات الاجتماعية، في ما تم الاعتداء على مشرف آخر للمجموعة الاجتماعية نفسها وهو إيغو اليكسييف في حزيزان/ يونيو.
وأوضح أندريه سولداتوف خبير الأمن الروسي: منذ تشرين الثاني/ نوفمبر هناك حملة واضحة على ما يكتبه الناس سيما على موقع فكونتاكتي، ويبدو أن الموقع تحت رقابة مشددة، وفضلا عن الاعتدا تعرض ماركوف للمضايقة على الإنترنت، فقد أنشأ حسابا على موقع فوكونتكاتي باسم ألكسندر بتروغرادسكي لتقديم معلومات مفصلة للمستخدمين عن ماركوف، وتلقى شقيق ماركوف أيضا رسالة تهديد من مستخدم مجهول، وجاء في الرسالة "تحدثنا كثيرا عن ماركوف لدي جي السابق في نادي للمثللين وفي بعض الأحيان يتعرض للضرب عندما يرى أعماله الفنية الرجال العاديون، وأنا أعرف 3 منهم وهم حاليا في رحلة استكشافية لكنهم قالوا إنهم سيعودون وسيحرمون ماركوف من شيء لن ينمو أبدا".
وبين سولداتوف أن الحريات على الإنترنت تحت التهديد في روسيا منذ اعتماد تشريعات صارمة لتنظيم شبكة الإنترنت وهو ما أطلق عليه البعض "قانون القائمة السوداء" في وقت مبكر من فترة الولاية الثالثة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2012، ورغم أن السلطات تصر على أن التشريع بهدف إلى مكافحة المواد الإباحية والمواقع التي تروج لتعاطي المخدرات والانتحار في سن المراهقة، يقول النقاد إنه يتم استخدام القانون لفرض الرقابة الحكومية، وفي كانون الأول/ ديسمبر حُكم على مُدون بالسجن لمدة 5 سنوات في سجب سيبريا بعد أن انتقد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا في أشرطة فيديو نشرت على موقع فكونتاكتي ويوتيوب، ومُنع فاديم تيومنستيف من نشر أي شيء على الإنترنت بعد أن قضى مدة عقوبته، وتم سجن الناشط "رافيس كشابوف" من تتارستان لمدة 3 سنوات عام 2015 لتنديده بدعم روسيا للانفصاليين في شرق أوكرانيا، والضم غير القانوني لشبه جزيرة القرم في مشاركات عبر الإنترنت.
وحُكم على أندريه ببييف بالسجن لمدة عامين و3 أشهر بسبب إعادة نشر مشاركتان تنتقدان السلطات إحداهما حول شبه جزيرة القرم والأخرى كان صورة لأنبوبة معجون للأسنان وكُتب عليها "Squeeze Russia out of yourself"، ويعد العنف الجسدي ضد مستخدمي الإنترنت شئ جديد، وأوضح المراقبون أن التصرفات العدائية إما تكون بناء على طلب من شخص آخر أو عملية فردية شجعها التشريع القمعي الجديد، وتابع سولداتوف " على مدار السنوات الثلاث الأولى اعتمد النظام على التخويف وعلى أحكام مع وقف التنفيذ، ولكن منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي كانت هناك سلسلة من الأحكام الفعلية وتم إرسال الكثير من الأشخاص إلى السجن لمجرد تبادل صور؛ وبالتالي تم تكثيف القمع على ما يكتبه الناس على الشبكات الاجتماعية".
ويعتقد الكسييف الذي يعمل لدى مجموعة "السلطات الجناية" أن الهجمات منسقة بعناية، موضحا أن رجلان هاجماه من الخلف بينما كان يمشي في شارع هادي في سان بطرسبرغ وضربوه لمدة 5 دقائق ولم يسرقوا منه شيئا وتركوه مع كسر في الأنف والجمجمة وارتجاج في المخ، ويعتقد أنه مهاجموه خططوا بعناية لذلك وأنهم يعرفون جدول أعماله، وأفادت "يوليا" أحد سكان بطرسبرغ التي تشارك بشكل منتظم في المجموعة أنها تلقت زيارة مشبوهه في منتصف نيسان/ أبريل من رجلين أخبراها أنهما جيران جدد وقالا شيئا عن متجر جديد على وشك الافتتاح، وبدا الرجلا غريبان ولم تعتقد يوليا شيئا حتى تم إشعال سيارتها بين ليلة وضحاها بعد بضعة أسابيع، ونشرت قصتها وصورة الرجلان على موقع فكونتاكتي وتعرف صديق ماركوف عليهما. مشيرا إلى أنهما الرجلان عينهما اللذان رآهما يغادران مقر إقامة ماركوف بعد الاعتداء عليه، وأكدت يوليا أنه لا علاقة لها بماركوف وألكسييف بخلاف مشاركتها في مجموعة السلطات المجرمة.
وأضافت يوليا " إنهم ليسوا في قائمة أصدقائي ولم نكن أعضاء في المجموعات نفسها على الإنترنت، نحن لدينا خلفيات مختلفة تماما لا علاقة لنا ببعضنا البعض"، واكتشفت يوليا ورود اسمها في تعليقات مهينة على حساب غير مألوف على فكونتاكتي قبل فترة وجيزة من إحراق سيارتها، وانتقدت المشاركات آرائها المعارضة وكان الحساب باسم ألكسندر ألكسندروف واستخدم الحساب صورة لزوجها، ونشر مستخدم غير معروف عدة صورة لزوج يوليا خارج منزله، وتم مسح الحساب بعد أن قدمت يوليا شكوى للموقع، وبينما لا يوجد دليل حتى الآن على أن الهجمات تمت لدوافع سياسية لكن قائمة أسماء الأشخاص الذين تورطوا في مشاكل بعد انتقادهم للسلطات تنمو بسرعة.
وتعرض دانيل الكسندروف في كانون الثاني/ ديسمبر أحد نشطاء المعارضة الروس إلى تحية على موقع فكونتاكتي من مستخدم مسجل باسم ألكسندروف دانيلا أبو إلياس، واحتوى الحساب المزيف على سلسلة من الصور السرية لألكسندروف متجولا مع كلبه، وبعد 9 أيام تعرض لاعتداء في الشارع وضرب ومكث أسبوعا في المستشفى، وفي وقت سابق من هذا العام نشر الطالب روسلان ستاروستين صورة يتهكم فيها على بوتين على موقع فكونتاكتي، وفي نيسان/ أبريل تلقت زوجته طلب صداقة من مستخدم مجهول باسم "يفيغني كريستوفسكي"، واستخدم الحساب صورة لها ولزوجها كصورة شخصية على صفحته الخاصة، ونشر المستخدم المجهول المشاركة الأصلية لستاروستين مصحوبة بتهديد جاء فيه " هل تعتقد أنه يمكنك التبول بحرية والبلداء يضحكون من حول وتفلت من العقاب"، وبعد ساعات عدة تم إحراق سيارة ستاروستين، وجاء أحدث هجوم مشبوه في 12 حزيزان/ يونيو عندما هاجم رجال مجهولون موظف في فكونتاكتي معروف بمواقفه المناهضة للحكومة، وكسر المهاجمون 3 من أصابعه ووصفوا ضحيتهم بالخائن اليهودي وعضو في الطابور الخامس، وهو مصطلح كثيرا ما تستخدمه وسائل الإعلام الروسية لوصف المعارضة.