القاهرة - رويدة حسين أحمد
لاشك في أن العلم والمعرفة من أهم متطلبات الحياة، إذ بها يستطيع الإنسان أن يتعرف على العالم من حوله بصورة صحيحة، فتتيح له هذه المعرفة الاستفادة من الإمكانات المتاحة له، فيطوعها لتسهيل حياته وجعلها أكثر راحة ومتعة، كما أن العلم والمعرفة دليل للهداية وقائد للمعرفة الحقة برب الكون، (أفلا يتدبرون، أفلا ينظرون، أفلا يتفكرون)، فكثير من الآيات في القران الكريم تدعو إلى التأمل في أسرار الكون، وتمدح العلماء والعلم (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) ( إنما يخشى الله من عباده العلماء).
والعلم قسمان، ديني ودنيوي، فمن العلوم الدنيوية الجغرافيا والتاريخ و العلوم والرياضيات والهندسة والتكنولوجيا… وكل علم له منهاجه ومحتواه، وقد تتجمع هذه العلوم في مجموعات متجانسة الأهداف والمنهاج، إلا أن الشاهد يدل على أنها جميعا تتكامل لتوفر للإنسان المعرفة والفهم لما يحيط به، والناظر إلى هذه العلوم جميعا بمنظار الحقيقة المجردة يكتشف أنها الموصل إلى الله وإلى الدين بطريقة أو أخرى.
تعتبر مجموعة الرياضات والعلوم والهندسة والتكنولوجيا من المجموعات العلمية الحية، التي تحتاج إلى البرامج التطبيقية حتى يتيسر فهمها والاستفادة منها في المجالات المتنوعة، كالصناعات إبداعا وابتكارا فيها، هذا الإبداع والابتكار يخلق للدول ريادة العالم، ويوفر الوظائف والرفاهية لمواطنيها، فاقتصاد اليوم قائم على الاختراعات والابتكارات، مما حدا بالدول الاهتمام بهذه المواد، فتنوعت وتعددت جوانبه، بإجراء الدراسات النظرية والتطبيقية حولها، لتطوير أساليب تدريسها ومناهجها ومعلميها. وفي بعض الأحيان تدرس هذه المواد بشكل منفصل عن بعضها البعض، وهذا هو النموذج المعمول به في أغلب الاستراتيجيات التعليمية في أغلب دول العالم، من مرحلة الأساس وحتى نهاية الدراسة الثانوية، حيث يدرس الطلاب الرياضيات والعلوم كمواد دراسية منفصلة، وبمعزل عن مادة التكنولوجيا التي تعتبر من أهم المواد التي نستخدمها في حياتنا العملية اليوم، كما تتم دراسة الهندسة بمنهج منفصل كذلك. إلا أن هناك اتجاها حديثا لدمج المواد المتجانسة، وقد بدا باستحياء في تدريس المواد بطرق تدريس يتم فيها دمج بعض الفقرات في المواد المتجانسة.
اقرأ أيضًا:
دراسة تؤكد أن رسومات الطفل مرتبطة بمستوى ذكائة
تعتبر مواد (العلوم، الرياضيات، الهندسة، التكنولوجيا) من المواد التي تحيطها كثير من الإشكالات المتعلقة أحيانا بطرق التدريس و أحيانا أخرى بالمنهج، مما قد يسبب إعراض بعض الطلاب عن الاستمرار في دراستها والتخصص فيها، مما أدى إلى ظهور العديد من الدراسات والبحوث التي سعت للكشف عن هذه المشكلات، كما أقيمت العديد من المؤتمرات لتلافي هذه المشكلات، بالإضافة إلى السعي لتحقيق الاستفادة القصوى منها لتحفيز قدرات الطلاب الإبداعية والابتكارية. وقد أسفرت هذه الجهود في الولايات المتحدة الأمريكية عن استراتيجية يتم فيها دمج الرياضيات والعلوم والهندسة والتكنولوجيا في برنامج واحد يسمى stem education . وفيما يلي استعراض للتخصصات التي يشملها البرنامج:
– الرياضيات
تعتبر الرياضيات من أهم التخصصات العلمية، تسمى لغة العلوم إذ أن هذه العلوم لا يكتمل فهمها إلا عندما تتحول نتائجها إلى معادلات، وتتحول ثوابتها إلى خطوط (المكاشفي،2011). وساهمت الرياضيات في تطوير العلوم من المرحلة الوصفية إلى المرحلة الكمية (عبد السميع،1985).
كانت بداية العلوم الرياضية في مجال البناء لقياس الأرض وحساب المثلثات لقياس الزوايا والميول (بابكر ،2011). ثم تطورت الرياضيات وأصبح لها عدد من الفروع، ومع تطور التعليم تطورت وسائل وطرق تدريسها ومنها: العرض، المحاضرة، المناقشة، الاستنباط، القياس، مجموعة الاكتشاف، حل المشكلات ، الألعاب، والألغاز.
لوحظ حديثاً أن هناك تدنٍ في تحصيل التلاميذ في الرياضيات وأن تدريسها يغلب عليه حفظ المفاهيم والنظريات الرياضية، وهذه الطرق لا تحقق غالبية الأهداف المرجوة من تدريس الرياضيات (كمبال،2010). وهو ما يتطلب البحث عن حلول ومقترحات، ومن ضمن الآليات التي استخدمت لذلك البحوث والمؤتمرات، و منها مؤتمر القاهرة الذي أوصى بالتركيز على طريقة حل المشكلات، باعتبارها طريقة تتيح للطلاب الممارسة وتساعد على تحفيز دافعيتهم لتعليم الرياضيات، كما أوصى المؤتمر بالاستفادة الكاملة من قدرات الآلات الحاسبة والكمبيوتر في تعليم الرياضيات (بابكر،2011). وتعتبر هذه بداية في طريق دمج بعض التخصصات مع بعضها بطريقة تطبيقية.
– العلوم
دراسة العالم الطبيعي كما هو، وتحليل علاقاته للوصول إلى قوانين الطبيعة المرتبطة به، سواء كانت مكونات مرتبطة بالفيزياء أو الكيمياء أو علم الأحياء وعلم الأرض، لمعالجة أو تطبيق الحقائق والمبادي المرتبطة بهذه التخصصات (الدوسري 2015). طبيعة العلوم علمية عملية، تقوم على التفكير العلمي وحل المشكلات، من خلال الملاحظة والتجريب، وقد أوصى المؤتمر التربوي لتطوير التعليم قبل الجامعي في القاهرة (2007) بالاهتمام بالجانب العلمي، ودعم البحوث العلمية التي تتعلق بالجوانب التطبيقية في تدريسها)خليفة،2011).
– الهندسة
هي العمليات والإجراءات اللازمة لتصميم الأدوات، والنظم والهياكل التي تساعد البشر وتلبي احتياجاتهم، وهي تستخدم قوانين الطبيعة والعلوم والوقت والمال والأدوات، وتستخدم مفاهيم الرياضيات وأدوات التكنولوجيا في تطبيقها.
– التكنولوجيا (التقنية)
وهي الأدوات التي يتم تصميمها كتلبية لاحتياجات الإنسانية مثل: الموازين لمعرفة الأوزان ومقارنتها، والعدسات للنظر عن كثب للكائنات الحية، والأدوات الرقمية مثل أجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والأجهزة المحولة…
قد يهمك أيضًا: