أبوظبي - وكالات
في المدرسة؛ علّق الطالب أحمد آمالاً كبيرة على دراسته المستقبلية في الجامعة، وحينما كان مقيداً في المرحلة الثانوية، ظل ينتظر تتويج سنوات المثابرة بالنجاح، للمضي في تحولات منتظرة تتمثل في الالتحاق بالجامعة، ثم تحقيق التميز ليظل مثالاً يحتذي به الآخرون.. وطوت المدرسة صفحاتها، معلنة انتقال أحمد إلى الجامعة، التي رآها أفضل مما توقع، وثابر ملتزماً بقوانين الجامعة وأنظمتها، وشارك فتميز في الأنشطة والبرامج الطلابية..في المقابل، لم يعر سيف زميل أحمد في المدرسة والجامعة، التعليم الجامعي اهتماماً يذكر أو قيمة تستحق، وظن أن الجامعة أو الكلية ما هي إلا فترة ممتعة قوامها التسلية والترفيه، حسب ما ترسخ في ذهنه من بعض المسلسلات والأفلام التي صورت الحياة الجامعية على أنها وقت للاستمتاع في سن الشباب، من خلال الحصول على سيارة، والذهاب إلى السينما بصحبة الأصدقاء، أو الالتقاء في مطعم مع الطلبة، وذلك هو التصور الذي رسمه ونفذه الطالب سيف، لتكون النهاية رسوباً فرسوب ثم فصل نهائي من الجامعة.المشهد السابق، قصة حقيقية عاشها طالبان منذ سنوات، كان التفكير بينهما مختلفاً، إذ سيطر التفكير الإيجابي على طموح الطالب الأول في حياة جامعية متميزة، بينما جسدت الحالة الثانية التفكير السلبي الذي يتصوره البعض عن الجامعة.. في هذا السياق يتحدث بعض طلبة الجامعات والخريجين عن الصورة النمطية التي رسمها البعض في مخيلتهم عن الحياة الجامعية، ليكشفوا بعض الأخطاء التي وقع فيها أقرانهم، مقدمين للطلبة المستجدين نصائح من ذهب، توجههم نحو الطريق الصحيح.الطالب محمد الشامسي من كليات التقنية العليا في دبي، أكد أن الطالب في السنة الأولى يكون تائهاً مشتتاً، يحتاج إلى من يستند إلى رأيه سواء عند اختيار التخصص أو في كيفية ممارسة وقضاء اليوم الجامعي على نحو مثالي، كذلك فإنه يحتاج إلى الدعم والتشجيع من محيطه، وحينما لا يجد الطالب ذلك، فقد يجد المسافة التي تفصله عن الدراسة طويلة جداً، وهو ما ينعكس سلباً على دراسته، وهنا لا بد من القول إنه حري بالطالب أن يتجه ومنذ السنة الأولى في الجامعة إلى الانخراط في الأندية الطلابية وفق ما يتماشى مع ميوله ورغباته، والمشاركة في مختلف البرامج والأنشطة الجامعية، مما سيجعله قادراً في غضون أيام من الاندماج مع الطلبة من مختلف المراحل، وبالتالي الاستفادة في كيفية السير في الحياة الجامعية والدراسة على نحو أفضل.الخطوة الأولى التي حرص على تنفيذها الشامسي في السنة الأولى من دراسته الجامعية، التحاقه بمجلس الطلاب ليتعرف على الوجوه الجديدة والنماذج الطلابية الناجحة والمتميزة، وهو ما عزز من انتمائه إلى الدراسة الجامعية وحفزه على تحقيق الكثير من القفزات النوعية في مجال تخصصه، فقد أسس نادياً لـ «الروبوت» في السنة الدراسية الثانية له، وأشرك فيه طلاباً في السنة الأولى، وسرعان ما تأهلت المشاريع المنفذة في النادي للمشاركة في مسابقات عالمية في أميركا ودول أخرى، وظفر الفريق بمراكز متقدمة، لذلك فهو ينصح جميع طلبة السنة الأولى بتكثيف المشاركة، والمبادرة دون تردد أو تقاعس، على اعتبار أن الجامعة هي مساحة شاسعة للإبداع.أما عبدالله الشحي خريج، فاكتشف أن واقع الحياة الجامعية مغاير كلياً لما كان يسمع، فحينما كان في الثانوية العامة، حذره طلبة وأصدقاء كثر من صعوبة الدراسة في الجامعة، ما ترك في مخيلته تصوراً خاطئاً عن الدراسة أقلقه كثيراً، لكن السنة الدراسية الأولى كشفت غير ذلك، فقد بدت الدراسة أسهل مما اعتقد، وقد اندمج في الحياة الجامعية سريعاً بفضل مجموعة الأصدقاء التي رافقها في بداية مشواره في الجامعة.وأشار الشحي إلى أن هناك طلبة لم يأخذوا الدراسة على محمل الجد، وبدا عليهم التلكؤ والتراجع وعدم الالتزام في الكثير من الأحيان، والدليل أن إجمالي الدارسين في الدفعة التي التحق معها في الدراسة الجامعية بلغ 120 طالباً، لكن عدد خريجي هذه الدفعة تقلص إلى 40 طالباً، عازياً السبب إلى عوامل مختلفة أبرزها عدم تنظيم الوقت وفقدان الانضباط، وتقديم الرغبات الشخصية على الالتزام بالدراسة والمحاضرات، مثل الخروج لتناول الطعام بين الاستراحات وهدر وقت الطالب في غير المفيد ومثل تلك الممارسات، وقد أدرك هذه الحقيقة والأخطاء الكثير من الطلبة ولكن متأخراً؛ للأسف.وأضاف الشحي إن الطالب بحاجة إلى تأهيل قبل الولوج إلى الحياة الجامعية، وحري بالمدارس التنسيق مع وزارة التعليم العالي لتخصيص يوم جامعي لكل طالب في الثانوية العامة يرغب مستقبلاً في الالتحاق بالكلية أو الجامعة، ليتعرف على الحياة الجامعية عن كثب قبل موعد دخولها، ويعيش الدور في حضور المحاضرات وارتياد المكتبة والمرافق الأخرى في الحرم الجامعي، ما يجعلهم على استعداد تام للدراسة بعيداً عن الإشاعات التي يتناقلها الطلبة أنفسهم، كذلك ستحدد تلك التجربة بدقة وقناعة رغبة الطالب بما يناسبه من تخصصـات.من الأوهام التي يغرق فيها الطالب، حسب ما أشار أحمد سعيد طالب في جامعة الشارقة، الجري خلف المظاهر الشبابية في السنوات الدراسية الأولى، والوقوع في الشللية وصحبة أصدقاء السوء، ومثل هذه التصرفات قادت بعض الطلبة إلى خسارة مقاعدهم الدراسية في سنوات مبكرة. ولفت إلى وجود طلبة يحجبهم النوم عن الالتزام بالحضور إلى الجامعة أحياناً، وفي المساء تجدهم ينغمسون في السهرات الشبابية ولا يتابعون دروسهم، ما يجعلهم مستقبلاً أمام صدمة وفي حيرة من أمرهم، وذلك بعد هبوط المعدل التراكمي، ليجد الطالب نفسه في مأزق حقيقي، وقد تخلى بعض هؤلاء عن الدراسة ولجأوا إلى العمل مبكراً.