القاهرة - مصر اليوم
في حين أن الجهود موجهة للحد من التنمر المباشر وغير المباشر بأشكاله التقليدية: اللفظي، الجسدي والعاطفي، إلا أن وجود شكل آخر من أشكال التنمر لا تقل أهمية عن الأشكال الأخرى هو التنمر الإلكتروني والذي يستخدم فيه الفاعل ( المتنمر ) الوسائل الإلكترونية في فعلته ضد الآخرين، ونجد أن ثقافته تقل أو تكاد تكون معدومة بين أوساط المجتمع، المدرسة و الأسرة، لذلك كان هذا الموضوع لتسليط الضوء على ماهية التنمر الإلكتروني، أساليبه، الأضرار الناتجة عنه، و دور كل من الأسرة، المدرسة والمجتمع في علاج التنمر الإلكتروني.
تتجاوز خطورة التنمر الإلكتروني خطورة التنمر التقليدي لكون التنمر الإلكتروني غير معروف الفاعل للضحية بالإضافة إلى كون مادة التنمر موجودة في بعض الأحيان على الشبكة المعلوماتية، والأكثر خطراً أن هذه المادة تنتشر انتشاراً واسعاً ليس له حدود مكانية أو زمانية، وهذا يعني أن التنمر الإلكتروني ليس له زمن للنهاية.
هل التنمر الإلكتروني يعد جريمة؟
للإجابة على هذا التساؤل نستعرض في البداية معنى الجريمة الإلكترونية:
اقرأ أيضًا:
ماذا تعرف عن الويبنار webinar وتطبيقه في تعزيز العملية التعليمية ؟
ذكر المراغي في دراسة تحليلية عن الجريمة الإلكترونية أنها: ” كل سلوك إجرامي يأتيه الجاني عن عمد باستخدام الحاسب الآلي.”
وعرفها Leslie D.Ball بقوله هي: “فعلٌ إجرامي يستخدم الحاسب في ارتكابه كأداة رئيسية”
ويمكن القول أن الجريمة الإلكترونية هي إجراء أو فعلٌ إجرامي يعاقب عليه القانون نتيجة إلحاقه الضرر بالآخرين.
ولكون التنمر في الأصل جريمة يعاقب عليها الشارع نتيجة إلحاقها الضرر بالطرف الآخر، هو كذلك عند استخدام التقنيات المختلفة كأداة جريمة إلكترونية لينتج لدينا التنمر الالكتروني الذي تسبب في ايذاء العديد من الأشخاص وخاصة المراهقين، يمكنك في جولة قصيرة على الإنترنت أو الاطلاع على بعض البحوث المنشورة منذُ عام 2003م تجد عددا لا يستهان به من قصص وأحداث ناتجة عن التنمر الإلكتروني كانت حديث العالم، وتطور الأمر أكثر بانطلاق الجيل الحديث من التقنية الذي ساعد كثيراً على سرعة التواصل بمختلف أشكاله النصية، الصوتية والمرئية المباشرة وغير المباشرة والتي أدت في أحيان كثيرة إلى كسر حدود الحرية الشخصية.
كما سبق معنا أن خطورة التنمر الإلكتروني تكمن في كون المتنمر مجهول الهوية في أغلب الأحيان، بالإضافة إلى أن مادة التنمر متوفرة على الشبكة المعلوماتية ( الإنترنت ) بصورة دائمة إذا لم يتم التدخل من الجهات ذات العلاقة لإزالتها، وهذا يعني أن التنمر قد يطول زمنه على الضحية مما يتسبب في أضرار مختلفة.
ولخوف الضحية من الفضيحة وانتشار معلومات عنه خاصة، فإنه يسير خلف المتنمر ويلبي طلباته ومطامعه لإنهاء التنمر، ولكن يكتشف بعد زمن ومماطلة أن الأمر يزيد سواءً دون علاج يذكر.
تعريف التنمر الإلكتروني
ذُكر في موقع ويكيبيديا أن التنمر هو استخدام الإنترنت والتقنيات المتعلقة به بهدف إلحاق الضرر بالآخرين بطرق متعمدة ومتكررة وعدائية.
وذكرت الجمعية النسائية البحرينية – التنمية الإنسانية أن التنمر الإلكتروني هو العمل على إيقاع الأذى على الطرف الآخر وذلك باستخدام الأجهزة الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت مثل الأجهزة اللوحية.
ونعرف التنمر الالكتروني بأنه فعلٌ عدائي يقوم به المتنمر إلكترونياً باستخدام التقنية الحديثة ضد طرف آخر بغرض إلحاق الضرر به مادياً، معنوياً، اجتماعياً ونفسياً.
أشكال التنمر الإلكتروني
مع اتساع استخدام الشبكة المعلوماتية ( الإنترنت ) في مختلف المعاملات ودخول جميع فئات المجتمع إلى قائمة المستخدمين، بدأ في الظهور التنمر الإلكتروني وتطور مع الوقت وتعددت صوره، من أشكال وصور التنمر الإلكتروني:
رسائل التهديد التي تصل من مصدر مجهول إلى البريد أو الحساب الشخصي في تطبيق ما وتكرار الفعل.
التعليقات غير اللائقة اجتماعياً وأخلاقياً على صورة خاصة، أو مقال أو فيديو منشور على الإنترنت وتداوله بين أوساط المجتمع.
التصوير من غير علم الطرف الآخر ونشر صوره على وسائل التواصل المختلفة بهدف إلحاق الإيذاء به.
نشر صور حقيقية أو معدلة يبدو فيها الطرف الآخر في وضع لا يرغب للآخرين في مشاهدته.
نشر شائعة أو معلومات عن الطرف الآخر بهدف الإساءة أو تشويه السمعة.
حقوق الملكية الفكرية وتخريب المعلومات وسوء استخدامها.
التجسس من خلال تطبيقات صممت بهدف اختراق الخصوصية.
الدخول الغير مصرح وغير القانوني للشبكات بهدف الإساءة للآخرين.
التحرش والابتزاز من خلال قنوات التواصل الإلكترونية المتعددة.
الاتصال الهاتفي من طرف معروف أو مجهول يقوم فيه بنشر شائعات عن طرف آخر يهدف من خلاله إلى الإضرار بالآخر وتشويه سمعته.
انتحال الشخصية، ونشر مشاركات إلكترونية مختلفة تسيئ للآخرين.
التحايل وتسريب معلومات لا يرغب الطرف الآخر مطلقاً في اطلاع أحد عليها.
النبذ أو الاستبعاد الإلكتروني ويحدث عندما لا يرد شخص ما على رسالة إلكترونية أو فورية بالسرعة المتوقعة.
وسائل التنمر الإلكتروني
ذكر الهاجري (2004م) أن شبكة الإنترنت استخدمت في بدايتها بشكل رئيسي في تبادل المعلومات والبيانات، أما الآن فقد اتسع وتنوع استخدام الإنترنت حتى أصبح من الصعب حصرها، وهذا القول مع مطلع التسعينيات الميلادية حيثُ ظهور ما يسمى شبكة النسيج العالمية World wide web وذلك بسبب التطور الهائل في تقنية المعلومات والاتصالات والذي أدى إلى انتشار وتعدد وتنوع استخدام الشبكة.
منذ 1990م إلى 2019م شهد العالم ما يقارب 30 عاما من التقدم التقني وثورة الاتصالات وتطور الحاسب والذكاء الاصطناعي الهائل، ولهذا العديد من الفوائد والبحوث العلمية التي غيرت مجريات حياة البشر، ولكن كما أن في الحياة الواقعية خيرٌ وشر كذلك هو في الحياة الافتراضية خيرٌ وشر، 30 عاماً تقريبا كانت مليئة بالمنجزات الهائلة، والجُنح الخارقة التي في كثير منها لم يتم التوصل إلى الجاني.
ولك أن تتخيل أنواع الوسائل المستخدمة في التنمر الإلكتروني التي تعد أداة الجريمة في العالم الافتراضي ويمكن أن نذكر منها:
التراسل الفوري باستخدام البرامج أو التطبيقات المختلفة.
البريد الإلكتروني.
التراسل النصي.
مواقع شبكات التواصل الاجتماعية.
غرف المحادثات ( الدردشة ).
المدونات المختلفة.
لوحات الحوار ( تستخدم للتعليق على موضوع معين ).
ألعاب الإنترنت.
الأضرار الناتجة عن التنمر الإلكتروني
أشكال متعددة للتنمر الإلكتروني ينتج عنها أضرار مختلفة الدرجات، وأغلب الدراسات التي أجريت كانت على طلاب المدارس وفئة المراهقين بالتحديد، حيثُ تكون التغيرات النفسية والجسمية لديهم في أوجها وتعرضهم لصدمات عاطفية كبيرة، واستعدادهم للقيام بأية ردة فعل اتجاه الطرف المتنمر، من هذه الأضرار يمكن أن نذكر:
فقدان المعلومات والبيانات الهامة.
اختراق الأنظمة والقوانين.
يؤدي إلى تفكير الضحية في المشكلة مما يسبب له تأخر دراسي أو فقدان عمله أو علاقته الاجتماعية.
التشهير بالآخرين والسخرية منهم.
العزلة عن المجتمع المحيط.
فقدان كلمات الدخول الخاصة والحسابات المهمة.
قد يقوم المتنمر بالدخول الغير مشروع على الصور الخاصة بالآخرين ونشرها دون علمهم.
اختراق الهواتف الذكية.
في الغالب يتسبب المتنمر بالإيذاء النفسي للطرف الآخر.
أساليب علاج التنمر الإلكتروني
لتعدد مصادر التنمر الإلكتروني مثل المدرسة، المجتمع، المحيط القريب ومصادر بعيدة، كان على كل جهة ذات علاقة بالأمر وضع تعريف يتناسب وطبيعة الفئة العمرية والبيئة المحيطة، فالأسرة تعرف أبنائها على التنمر بأسلوب يفهمه الأبناء، وعلى قواعد ضبط استخدام الإنترنت وآلية التواصل مع الآخرين من خلال برامج التواصل المختلفة، كذلك المدرسة يجب أن تقوم بدورها اتجاه التنمر الإلكتروني، بالإضافة إلى لجان التنمية الاجتماعية والجمعيات التعاونية.
أولاً: دور المدرسة
تدريب الكوادر المدرسية المختلفة على الحالات التي قد تنجم عن حدوث التنمر الإلكتروني.
إعداد البرامج التوعوية الثقافية التي تشرح ماهية التنمر الإلكتروني.
الاستفادة من البرنامج الصباحي (الإذاعة المدرسية) في التعريف بالتنمر الإلكتروني.
إعداد فريق مدرسي مؤهل وقائي توضع له مهام يعمل على تحقيقها، ويعمل على جمع الملاحظات والظواهر التي تدل على وجود التنمر الإلكتروني بالمدرسة.
حث الطلاب وكسب ثقتهم في الإبلاغ عن حالات التنمر الإلكتروني التي قد يتعرضون لها.
الإعلان من إدارة المدرسة عن العقوبات القانونية التي قد تطال الفاعل.
زيادة الرقابة في الأماكن التي يمكن حدوث التنمر الالكتروني بها بصورة أكبر من غيرها مثل الغرف التي يوجد بها أجهزة الحاسب ( معامل الحاسب – مراكز مصادر التعلم ).
دور أولياء الأمور
مراقبة الأبناء عند استخدامهم للأجهزة الإلكترونية وبرامج التواصل المختلفة.
استعراض المواقع الإلكترونية التي يزورونها باستمرار والتعرف على ماهية المادة التي تقدمها تلك المواقع.
وضع قوانين أسرية يمكن لها الحد من حدوث حالات تنمر إلكتروني مثل عدم الحديث مع اشخاص مجهولين، عدم فتح أية رسالة من جهة مجهولة.
أهمية إبلاغ أحد الوالدين في حال حدوث حالات تنمر إلكتروني مهما كانت.
تحديد أوقات لاستخدام الأجهزة الإلكترونية وبرامج التواصل الاجتماعية ولا يكون الأمر على مصراعيه للأبناء.
أهمية التعاون والتواصل مع إدارة المدرسة في هذا الشأن.
دور الجمعيات التعاونية
نشر الوعي بخطورة التنمر الإلكتروني بين أفراد المجتمع من خلال برامج توعوية.
التعاون مع الجهات ذات العلاقة مثل المعاهد المتخصصة والجامعات في إقامة الندوات.
جميع الأدوار مكملة لبعضها البعض وتؤدي إلى نتيجة إيجابية في حال تقديمها بشكل مناسب وفاعل بين مختلف الشرائح، وتقع المهمة على عاتق الجميع في حالات التنمر الإلكتروني وأن الأمر يتجاوز كونه أمرا نادر الحدوث، ونجد أن الأطفال والمراهقين يتماشون مع التقنية والتطور التقني أكثر بكثير من البالغين، ولك أن تتخيل الاختصارات في التواصل التي يفهمها المراهقون في التواصل مع الآخرين من خلال برامج التواصل المختلفة.
ختاماً
الإنترنت وثورة الاتصالات وتقنية المعلومات منحتنا وحققت لنا فرصا لا يمكن أن تكون لولا وجود هذه التقنية التي لم تعد ترفا بل ضرورة حياتية، لذلك علينا أن ندرك أهميتها والوقاية من خطرها الإلكتروني بصوره المتعددة.
ولتكون الفائدة أكبر والمعرفة أنفع لابد لنا من الاستخدام المتوازن للإنترنت وتقنياتها المتعددة، فنحن نتعامل مع جيل حديث من التطور التقني الهائل، نعرف أبنائنا وبناتنا بأدوار كل منهم وما يجب عليهم فعله في حال تعرضهم لأي مشكلة إلكترونية مهما كانت والأساليب التي يستخدموها اتجاه ذلك، فالنشء الحديث يتعامل ويتفاعل مع التقنية بصورة سريعة وكبيرة كسرعة تطورها، لذلك من واجبنا نشر الوعي بينهم وتزويدهم بالبرامج الثقافية التي تحد من وقوعهم في التنمر الإلكتروني.
قد يهمك أيضًا: