القاهرة - مصر اليوم
لم تتخيل "آية"، وهي ابنة الخامسة عشرة، أن الحياة الزوجية التي تنتظرها أي فتاة ستكون نهاية مستقبلها، بعدما تزوّجت من أحد شباب قريتها، وهي قاصر، بعقد عرفي، وبعد انفصالهما رفض الزوج إثبات نسب ابنته. "آية محمد فرج - 18 عاما"، ابنة قرية ميت حبيب، التابعة لمركز سمنود بمحافظة الغربية، مطلّقة ولديها طفلة تُدعى "ساندي"، عمرها عام ونصف، تقول "آية" في حديثها: "تزوّجت وأنا عمري 15 سنة، كنت أدرس بالمرحلة الثانوية بالتعليم الفني التجاري، ولم يكن لديّ فكرة عن الزواج وقتها، كل ما كنت أفكر به هو أنه سيكون لديّ شقة وزوج نخرج معًا ونقضي أوقاتًا جميلة، كما أحلم بها، ولكني فوجئت بالواقع المرير، فطبيعة الزواج بالقرية أن الزوجة تخدم في بيت العيلة، وأن أهلي كان لديهم فكرة بهذا الأمر، وتحوّل زواجي من أحلامي بالأوقات السعيدة التي أقضيها مع زوجي، إلى خدمة أفراد عائلته الكبيرة الذين يعيشون معنا في نفس المنزل، وقتها أدركت أنني وقعت ضحية".
تستكمل الضحية: "بدأت المشاكل تزيد بيني وبين زوجي، فأنا طفلة عمري 15 عامًا، مطلوب منها أن تخدم عائلة مكونة من 17 فردًا، وأنا لم أتعلّم شغل المنزل، لأني كنت أدرس وقالت لي أمي أنني سأتعلم مع الوقت ولكن لم تكن لدي القدرة البدنية على كل هذا المأساة".
"لو كان الزمن رجع بيا لورا".. تقولها "آية" وهي تنهار بالبكاء، مضيفة: "كل ما بفتكر التعب، وأنا في السن ده بجري في المحاكم عشان أثبت جوازي واعرف أسجل بنتي اللي اتولدت بعد سنة ونص من الزواج، ورفض والدها كتب كتابنا بشكل رسمي بعد المشاكل اللي كانت بيننا بسبب رفضي الخدمة في بيت العائلة". وأضافت أنها أنجبت "ساندي" وظلت 7 شهور دون تسجيل أو استخراج شهادة ميلاد لها، حتى رفعت قضية نسب وكسبتها الزوجة، وتم استخراج شهادة ميلاد للطفلة دون أن يتم الزواج بشكل رسمي للزوجين. وتستمر "آية" في سرد معاناتها مع طفلتها لمدة 7 شهور غير مسجلة فيها، قائلة: "كنت بروح أقف في الوحدة الصحية لحد ما كل الناس تطعّم عيالها وتمشي وأشوف لسه فاضل تطعيم ولا لأ وأطعم بنتي في السر عشان أعرف موظفة هناك، لأني مش معايا شهادة صحية ليها، وبعد إثبات النسب عن طريق المحكمة، أصدرت المحكمة حكمًا بحبس زوجي 6 أشهر لتهرّبه من إثبات النسب، فساومني على أن نتزوج رسميًا ويطلقني بعدها رسميًا في نفس اليوم مقابل أن أتنازل عن القضية ولا يتم حبسه، وبالفعل قمت بالتنازل عن القضية وحصلت على شهادة طلاق منه بعد إثبات الزواج والنسب".
والتقطت السيدة أزهار الجالبة، والدة آية، والحاصلة على شهادة الدراسات الإسلامية، أطراف الحديث، قائلة إنها لم تكن ترغب في تزويج ابنتها في هذه السن، ولكن ظروف سفر زوجها للخارج وأمر حماها بزواج ابنتها من ابن شقيقه الذي أتى من فرنسا محمّلاً بالمال باحثًا عن عروسة من العائلة، جعلها لم تعترض ووافقت، قائلة "زيها زي بنات العيلة كلهم متجوزين وهما في السن دا".
وأشارت إلى أنها اتفقت على كتب الكتاب رسميًا عندما تصل ابنتها إلى السن القانونية مقابل كتابة عقد عرفي وشيك من العريس وشيك من والد العروسة يتم إيداعهما عند إمام المسجد الذي يقوم بإشهار الزواج، وبعد زيادة المشاكل مع عائلة زوج "آية" ورفضه إثبات نسب ابنته والزواج الرسمي من ابنتها، طالبت الشيخ الذي أشهر الزواج ولديه الأوراق بأخذ الأوراق ورفع دعوى على زوج ابنتها حتى يتم إعلان زواج رسمي، ولكن الشيخ رفض، ما أدى إلى ولادة الطفلة والانتظار لأكثر من 7 شهور دون تسجيلها، فقامت برفع دعوى على الشيخ بأنه زوّج ابنتها وهي قاصر، مشيرة إلى أن الدعوة تم رفعها قبل إعلان زواج رسمي لابنتها.
وأضافت والدة آية: "مكنش قدامي حل تاني عشان أثبت نسب الطفلة وزواج ابنتي، وهو معاه الشيكات والعقد العرفي وراح سلمها للمحكمة، ولو مكنتش رفعت عليه قضية وقتها مكنش سلمهم، لأنه أبلغني أنه على استعداد للتدخل وإنهاء المشكلة مقابل التنازل عن حقوق ابنتها".