القاهرة - مصر اليوم
يُقدِم بعض الأهالي على تزويج بناتهن في سن صغيرة بدافع "الستر" أو الخوف من "العنوسة"، متجاهلين مستقبل الصغيرات بعد تلك الزيجات التي عادة تنتهي بالفشل مُخلفة مشاكل اجتماعية وقانونية.
ويلجأ المقدمون على تلك الخطوة -المخالفة للقانون- على إجبار الزوج على التوقيع على إيصال أمانة على بياض من نسختين، واحدة يحتفظ بها والد العروس والثانية تكون لدى المأذون الذي يزوج العروسين بلا وثيقة رسمية، ليكون إيصال الأمانة بديلًا لـ"قسيمة الزواج" ويتم الزواج على هذه الطريقة وحين بلوغ الفتاة السن القانوني للزواج تعود مع زوجها للمأذون مرة أخرى ليعقد قرانهما رسميا ويسترد العريس الإيصالين.
جرت وقائع قصة بطلتها طفلة لم يتعدّ عمرها الـ16 عامًا، في مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، تبحث مع أقرانها عن أحلامها المتمثلة في اللعب واستكمال تعليمها، بينما يبحث أهلها عن طريق آخر لـ"تستير" الصغيرة والتخلص من مسؤوليتها وإلقائها على عاتق شخص يكبرها بأعوام قليلة، ومع أول عريس طرق الباب وافقوا على الفور.
"سعاد. م" والدة الطفلة صاحبة المأساة وضحية زواج القاصرات بررت مخالفة القانون قائلة: "أنا اتجوزت بالطريقة دي وكل العائلة، لازم البنت تتستر بدري"، مضيفة خلال
حديثها لـ"هُن"، أن الزواج باستخدام "إيصالات الأمانة"، من الأمور المنتشرة في القرية التي يعيشون فيها لضمان حق البنت حتى بلوغها السن القانوني.
شعور بالارتياح صاحب أهل الفتاة الصغيرة بعد زواج الطفلة التي اضطرت للموافقة على رغبة الأهل دون وعي منها بخطورة ما تقدم عليه.
وعن الطريقة التي تمت بها الزيجة قالت الأم: "تزوجت ابنتي بعد تحرير شيك على بياض، احتفظ به والدها لضمان حق ابنتي إذا أخل الشاب بوعده في عقد القران رسميًا بعد إتمامها السن القانونية، كما يحتفظ الزوج بالشيك الآخر، وعقد الجواز العرفي والقايمة احتفظ بها المحامي".
وبعد مرور عدة أشهر على الزواج لم تتخيل الطفلة أنها ستصبح أما، في عمر صغير، لكنها أنجبت رضيعة لتبدأ المعاناة الحقيقية للفتاة -التي تحتاج هي نفسها لرعاية- حين اتضح أن الرضيعة ولدت بعيب خلقي في القلب يحتاج إلى العلاج والطفلة ليس لها تأمين صحي كونها غير مدرجة بالأوراق الرسمية، ولا تسمح حالة الوالدين المادية بعلاجها على نفقتهما الخاصة، فالأب 25 عامًا، يعمل ميكانيكيا، لا يتعدى أجره في الشهر 200 جنيه.
وتتابع الأم: "كانت حالة الرضيعة تحتاج إلى إجراء عملية ولم تكن أمها تعرف كيف تتعامل مع مرض ابنتها ولم يستطع الأب إثبات نسب طفلته لعلاجها على نفقة الدولة"، ونتيجة لذلك تأخرت حالة الطفلة الصحية حتى توفيت.
لم تسير علاقة الزوجين بشكل طبيعي بعد وفاة الرضيعة، نتيجة اتهام الزوج زوجته بإهمال ابنته، لتتركت الزوجة المنزل وتظل معلقة حيث لا تستطيع الطلاق لأنها في حكم القانون لم تتزوج، أو تعود وتثبت أنها متزوجة لأن عقد زواجها غير موثق.
وقال علي حسين، محامي، إن زواج القاصرات "تجارة رقيق" يخالف الأعراف والقوانين، ويحدث بإبرام عقد مطبوع على يد محامي، وعندما تبلغ الفتاة السن القانوني، يبرم عقدًا آخر يسمى "عقد تصادق"، يُكتب خلفه تاريخ العقد العرفي، وهذا الإجراء ضروري لإثبات النسب في حالة وجود أطفال، وهناك من لا يلجأ إلى محامي عند الزواج العرفي، خوفًا من المساءلة القانونية، ويتبع طرقًا أخرى أكثر إهدارًا للحقوق منها "إيصالات الأمانة"، التي تقطع بعد بلوغ الفتاة للسن القانوني ويحدث الزواج الرسمي أو الطلاق.