القاهرة - مصر اليوم
داخل محكمة شمال القاهرة في العباسية.. التي تضم بين جدرانها قاعات محاكمات، تتداول قضايا جنح وجنايات، لكن اليوم حين تمر أمام قاعة جنح الوايلي، تستمع وتشاهد تفاصيل جريمة قتل أو جريمة إنسانية أو جريمة عائلية.
"الضحية ربة منزل"، والمتهمين ابنتها ونجل الأخيرة، قتلوها بعد أنّ منعوا عنها الطعام لمدة 3 أيام، بسبب خلافات على شقة سكنية، جريمة يمكن إدراجها تحت بند "عقوق الوالدين"، سمها كما تشاء، لكن قبل التسمية تعرف على تفاصيلها من واقع أوراق القضية، التي حملت رقم 2276 لسنة 2017، وفصل فيها المستشار محمود صبري رئيس محكمة جنح الوايلي، وأصدر حكما بمعاقبة المتهمين طبقا لما هو منسوب إليهم من اتهامات في تحقيقات النيابة وتحريات المباحث والمواد المنصوص عليها في قانون العقوبات.
- جثة داخل جوال بجوار صندوق قمامة في الوايلي -
كانت الساعة تشير إلى السادسة صباح الأربعاء، 17 مايو 2017، عثر أهالي حي الوايلي، على جثة داخل جوال بجوار صندوق قمامة، حسبما ورد في محضر الشرطة، وعقب تلقي البلاغ، انتقلت قوة أمنية من المباحث إلى مكان البلاغ، وعثرت القوات على جثة لسيدة في حالة تعفن، ترتدي جلبابا به أثار دماء، ولم يتمكن أي من رواد المنطقة من التعرف على الجثة، نظرا لحالة التعفن التي كانت عليها.
- الابنة وراء الجريمة -
طبقا لما ورد في محضر التحريات، فعقب العثور على جثة المجني عليها، أُخطرت نيابة حوادث غرب القاهرة آنذاك بتفاصيل الواقعة، وانتقلت إلى مسرح الجريمة، وقررت عرض الجثة على الطب الشرعي، لتشريحها وبيان سبب الوفاة. كما بدأ فريق من مباحث الوايلي وإدارة البحث الجنائي في القاهرة، البحث لتحديد هوية المجني عليها والكشف عن الواقعة.
وحسبما ورد في التحريات، تبين أنّ الجثة لربة منزل تدعي خيرية عبدالفتاح (72 عاما)، وأنّ وراء ارتكاب الواقعة ابنة المجني عليها ونجل الأخيرة، وأنّهما قتلا الضحية "جوعا"، نظرا لوجود خلافات بينهما، وقضايا مدنية خاصة بالعقار والشقة التي كانت تقيم فيها الضحية.
شرحت أوراق التحريات التي قدمت للنيابة العامة، كيف توصلت لتحديد هوية المجني عليها والوصول إلى مرتكبي الواقعة، لصدور قرار إذن بضبطهم، وجاءت كالتالي، أنّ الضحية تعاني من مرض مزمن منذ فترة زمنية طويلة، وتقيم بمفردها، وتتردد عليها ابنتها "فاتن أ" (33 عاما)، ربة منزل، وحفيدها "أحمد ف" نجل الأخيرة، لشراء مستلزماتها، كما أنّ هناك خلافات منذ 3 أشهر بين الضحية وابنتها، بسبب رفض المجني عليها مساعدتها ماديا، كما أنّ هناك خلافات على العقار والشقة التي تمتلكها الضحية.
وبحسب أوراق التحريات، فقبل العثور على الجثة بيومين، ترددت المتهمة وابنها على الضحية مرتين، وضمت التحريات مقطع فيديو سجلته كامير محل تجاري في المنطقة، كشفت عن حمل المتهمين جوال في وقت معاصر للعثور على الجثة، وأصدرت النيابة قرارا بضبط وإحضار ابنة الضحية وحفيدها لمناقشتها فيما هو منسوب إليهما من اتهامات، من خلال ما احتوت عليه تحريات المباحث.
- ماتت من الجوع -
عقب صدور إذن من النيابة بضبط المتهمين، انتقلت قوة أمنية إلى محل إقامة المتهمين، في عقار قريب من مكان إقامة الضحية، وتم ضبطهما، وأوضحت التحريات أنّ المتهمة الأولى ابنة الضحية، اعترفت بأنّها تسببت في وفاة المجني عليها، بعد أنّ تركتها أكثر من يومين دون طعام، طبقا لما ورد في محضر الشرطة.
وضمت التحريات أيضا، اعترافات المتهمة وطريقة التخلص من الجثة بمساعدة ابنها، وتبيّن أنّها كانت تتردد على المجني عليها بصفة مستمرة لشراء مستلزماتها، وبعد فترة وقعت بينهما مشادة كلامية، بعد أنّ طردت المجني عليها، المتهمة من الشقة التي تقيم بها، ما دفع الأخيرة لرفع قضية ضدها، كي تمتلك الشقة بحجة أنّها مريضة.
وأوضحت التحريات، أنّ الضحية أُصيبت بحالة إعياء وقيء منذ فترة زمنية، وأنّها تتردد عليها منذ أسبوع، وطلبت المتهمة من الضحية مبلغا ماليا، إلا أنّ الضحية رفضت الإنفاق عليها بسبب القضايا التي بينهما، وقبل الحادث بـ72 ساعة، كانت المتهمة في شقة المجني عليها، وفوجئت بإصابتها بحالة إعياء شديدة، وطلبت الضحية شراء لها طعام لعدم قدرتها على شراء الطعام بسبب مرضها، فرفضت المتهمة وتركتها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة "جوعا".
وعقب مرور 48 ساعة على الوفاة، قررت المتهمة بمساعدة ابنها، التخلص من الجثة كي لا ينكشف أمرها، فوضعتها داخل جوال، وألقت الجثة بجوار صندوق قمامة، حسبما اعترفت المتهمة في محضر الشرطة، كما اعترف المتهم الثاني "نجل المتهمة الأولى"، بالاشتراك مع والدته في التخلص من جثة جدته.
- آخر مرة شفتها من شهرين -
التقت "الوطن" نجل الضحية، الذي قال إنّ شقيقته المتهمة، كانت مسؤولة عن رعاية والدته، وكانت تقيم معها في الشقة، لكنها حاولت الاستيلاء عليها، فرفضت والدتها، فقررت المتهمة معاقبتها، وزاد: أختي كانت ديما بترفض تخليني أقابل والدتي".
- بنت عاقة لأمها -
الحزن على وفاة الضحية كان ممتدا في العقار، "رامي ح" (33 عاما)، موظف، وأحد جيران المجني عليها، يقول لـ"الوطن": "بنت الضحية كانت بنسيئ معاملة والدتها، أنا ساكن في الشقة اللي تحت المجني عليها، وكنت ديما بسمع المتهمة وهي..
محامي الضحية "علاء أ"، قال لـ"الوطن"، إنّ المجني عليها وكلته قبل وفاتها، بمباشرة بعض الإجراءات القانونية الخاصة بالعقار الذي تملكه الضحية، والشقة التي تقيم بها، كما أنّ هناك خلافات بين الضحية وابنتها على ملكية الشقة التي تقيم فيها موكلته.
- الحبس عامين -
أوراق القضية كانت تُنظر أمام المستشار محمود صبري رئيس محكمة جنح الوايلي، وأصدر فيها حكما بالحبس لكل متهم، وكفالة 3 آلاف جنيه لكل منهما، وجاء الحكم بعد أنّ فنّد المستشار محمود صبري رئيس المحكمة، أوراق القضية التي احتوت على تقرير الطب الشرعي، الذي تضمن عدم ثبوت أي إصابات ظاهرة في جسد الضحية، والحكم الذي أصدره المستشار صبري كان بتهمة القتل الخطأ، وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما في تقديم الرعاية الصحية اللازمة للضحية.
والنيابة العامة أشارت إلى ذلك في أوراق التحقيق، واستخلصت من ظروف الواقعة، أنّ وفاة المجني عليها كان ناتج عن قصور نجلتها، والمتهم الثاني في رعايتها، بسبب عدم رغبتها في إنفاق مبالغ مالية، وأنّ سبب عدم إبلاغهما عن وفاة المجني عليها، بسبب رفع قضايا مدنية خاصة بالنزاع على العقار محل سكنها، وخشية منهما رفض القضايا عقب الإبلاغ عن وفاتها، وهو تصور يستحيل معه عقلا ومنطقا، أنّ تتولد لدى المتهمين نية إزهاق روح المجني عليها، ووصف ما فعلته النيابة بأنّه جنحة قتل خطأ مؤثمة بالمادة 233 من قانون العقوبات.
- حكم أول درجة -
قال محامي المتهمين عقب صدور حكم حبس عامين لكل متهم، وكفالة 3 آلاف جنيه، أنّه سيستأنف على الحكم الصادر من محكمة جنح الوايلي، الذي أصدره المستشار محمود صبري رئيس المحكمة ضد المتهمين، بعد أن أدانت النيابة العامة المتهمين بتهمة القتل الخطأ، وأنّ هذا الحكم هو حكم أول درجة.