القاهرة - مصر اليوم
تبدلت حياة "محمود" رأسًا على عقب، بعد مكالمة هاتفية عادية، حيث حاولت المتصلة مد جسور التواصل بينهما دون سابق معرفة، صداقة امتدت لعلاقة عاطفية وتعاملات مالية ثم علاقة جنسية، انتهت بجريمة قتل أثارت ذهول وصدمة سكان قرية بسيطة في مركز أوسيم شمال محافظة الجيزة.
وحلمت "سها" بيوم زفافها مرتدية الفستان الأبيض في حفل بهيج بحضور الأهل والأحباب، ومن ثم الاستقرار في عش الزوجية وتكوين أسرة يسودها الحب والتفاهم، تحقق الجزء الأول من الحُلم، ورُزقت بطفل بات شغلها الشاغل إلا أن جاء النصف الثاني من الرواية بما لا تشتهيه العروس، وصل قطار الزوجية محطته الأخيرة بعد تفاقم المشكلات.
وعادت ذات الـ25 ربيعًا للعيش في كنف والدتها بهموم أثقلت كاهلها، تدور أسئلة في رأسها بشأن مستقبلها والرضيع الذي أتم عامه الأول للتو، لم تكد تهنأ بعقد قرانها الذي ظنت أنه رباط العمر لن تنقطع أوصاله مهما حدث، إلا أن حصولها على لقب "مطلقة" كان الحقيقة التي أفاقتها من الكابوس، وبات جُل هما ملأ أوقات الفراغ التي أضحت عنوان حياتها بعد طلاقها.
اقرا ايضا :
مصري يطلب تطليق زوجته بعد 12 ساعة من الزفاف
ذات ليلة داخل مسكنها بمنطقة البراجيل أمسكت "سها" هاتفها المحمول، ضغطت على زر الاتصال برقم مجهول، لا تعرف هوية صاحبه، ولدى الرد "الرقم غلط" أسرعت بالاعتذار وإغلاق الخط، قبل أن تجدد اتصالها لكن هذه المرة، بهدف مد جسور التواصل بينها وذلك الشخص.
مكالمة تلو أخرى توطدت معها علاقة "سها" مع "محمود" الذي يصغرها بعامين، تعددت اتصالاتهما في الصباح والمساء، تطرقا خلالها الصديقان إلى شؤون الحياة دون خطوط حمراء حتى تطورت العلاقة إلى أخرى ذات طابع عاطفي بمشاعر جياشة، رغم معرفتها أن محبوبها عامل بسيط تنحدر أصوله إلى محافظة سوهاج.
وكان الشاب الصعيدي يحضر إلى القاهرة للقاء محبوبته، حتى تعددت لقاءاتهما الغرامية على فترات، إلا أن العشيقة وضعت سيناريو مخالف للقاء مرتقب، طلبت من "محمود" الذهاب معها إلى منزلها والمبيت رفقتها، تزامنًا مع عدم تواجد والدتها، ولاقى الطرح قبول الشاب.
واستقل "محمود" قطار الصعيد قاصدًا قاهرة المعز حيث كانت "سها" في انتظاره، وقاما بجولة ترفيهية توجها بعدها إلى شقتها، وبات العشيقان في غرفة واحدة لمدة يومين متتاليين في غفلة من الأم، التي كانت تخرج لقضاء احتياجات المنزل، تعود منهكة تبحث عن أخذ قسط من الراحة في غرفتها التي تجاور أربعة جدران تأوي العشيقان.
واستيقظت الأم على صوت بكاء حفيدها، أسرعت إلى غرفة ابنتها لتوبيخها على عدم اعتناءها رضيعها لكن مفاجأة غير سارة كانت في انتظارها، الطفل على السرير وإلى جواره والدته جثة هامدة مسجاه على وجهها تسيل دماء من فمها لتتسمر في موضعها، فقدت القدرة على الحركة للحظات أطلقت بعدها صرخات استغاثة بالجيران.
حضر قاطنو العقار للوقوف على ما يدور في شقة والدة سها، ومع اكتشاف وفاة الابنة، اتصل أحدهم بمفتش الصحة الذي حضر سريعًا لتوقيع الكشف الطبي على الجثة وإصدار تصريح الدفن، لكن الجميع كان على موعد مع مفاجأة صادمة لدى ثبوت وجود آثار كدمات وخنق بالرقبة ليؤكّد المفتش "مش هصرح بالدفن.. لازم نبلغ القسم".
تلقى المقدم محمود بسيوني، نائب مأمور قسم أوسيم، إشارة من شرطة النجدة بالعثور على جثة سيدة مخنوقة بغرفتها، حيث انتقلت قوة أمنية إلى محل البلاغ، وعاين رجال الشرطة مسرح الجريمة وتبين عدم وجود كسر في المنافذ، وتم نقل الجثة إلى المشرحة، تحت تصرف النيابة، ليوجه اللواء محمد عبد التواب، نائب مدير مباحث الجيزة بسرعة حل "الجريمة اللغز".
منذ اللحظة الأولى التي وطأت قدم المقدم أمثل حرحش، وكيل فرقة الشمال مسرح الجريمة، راوده شكًا بأن الجاني ليس غريبًا مسترجعًا جملة والدة الضحية، "بنتي كانت لابسة حلق"، ليكثف تحرياته بشأن علاقات المجني عليها، وتفريغ كاميرات المراقبة القريبة من العقار محل الواقعة، وصولًا إلى شاهدات لشخص غريب يُغادر العقار في عجلة من أمره تزامنًا مع اكتشاف الجريمة.
وقادت أعمال البحث والتحري، المقدم أمثل حرحش، لكشف غموض الجريمة، تبين أن المشتبه به الرئيسي مبيض محارة يدعى "محمود. ج"، على علاقة غير شرعية بالضحية، وهروبه إلى مسقط رأسه في مركز طهطا في محافظة سوهاج، حيث جرى ضبطه بالتنسيق مع قطاع الأمن العام وأمن سوهاج، وترحيله إلى الجيزة.
بدأ المتهم اعترافاته التفصيلية، لافتًا إلى أنه مارس الرذيلة مع "سها" داخل غرفتها في غفلة من والدتها واستغلال صغر عمر طفلها، مشيرًا إلى أنه تظاهر بنومه وتنامى إلى مسامعه حديث "سها" مع شخص غريب على مدار يومين.
ويتنهد الشاب محاولًا استيعاب ما آلت إليه الأمور، ليكمل حديثه مؤكدًا أنه في صباح اليوم الثالث، ارتدى ملابسه في طريق عودته إلى بلدته، حيث حرص على مواجهتها بالحقيقة: "عيب اللي بتعمليه على الأقل احترميني" فكان ردها حادًا: "حاجة متخصكش.. أنت مالكش كلام عليا".
وقعت مشادة كلامية بين العشيقين، طالب خلالها "محمود" العشيقة، برد مبلغ 4 آلاف جنيه اقترضته منه في وقت سابق فجاء ردها: "مالكش حاجة عندي.. وحاول تثبت إن ليك حق"، فاستشاط الشاب العشريني غضبًا، وخطف هاتفها المحمول محاولًا انتزاع قرطها الذي يزين أذنيها فقاومته ليقرر التخلص منها خوفًا من افتضاح أمره فخنقها بكليتا يديه، وفر هاربًا إلى مسقط رأسه "مرة واحدة لقيت الحكومة في البيت".
وسط حراسة أمنية مشددة، اصطحبت قوة من قسم شرطة أوسيم المتهم لتمثيل جريمته بالصوت والصورة في حضور فريق من النيابة العامة وسط صراخ الأم المكلومة محتضنة حفيدها محاولة استجماع قواها التي خارت، ثم ترحيله إلى محبسه انتظارا لإحالته إلى المحاكمة الجنائية العاجلة.
قديهمك ايضا :