القاهرة - مصر اليوم
في الوقت الذي تهرع فيه الفتيات لإهداء أمهاتهم هدايا عيد الأم ومباركتهم والدعاء لهم، تجلس "عايدة عبد الله" رفقة فرشتها الممزقة، في زاوية صغيرة بأحد الشوارع الجانبية في ميدان الجيزة، دون أنيس بعدما اضطرت للعيش في الشارع بعد طلاقها من زوجها وترك منزلها، ووصف بناتها لها بالمختلة عقليًا، واتهامها بإساءة سمعتهن عندما كانت تراقب كل تحركاتهن.
أصبحت تخشى الأيام فلم تعد تنتظرها مثل الماضي، فهي من كانت تتمنى أن يسرع الدهر لترى بناتها يتخرجن من أفضل الجامعات، ويتحقق حلمها لتفتخر بهن أمام العالم، فكم كانت تسهر على راحتهم وتمدهم بالدفئ والحنان، وتراقبهن خوفًا عليهن من الفتن، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وبدون مقدمات تحول حلمها إلى كابوس مرعب يحطم على ما يصطدم به.
وقالت الأم المصرية وهي ترى بحزن الأبناء يهرولون لشراء الهدايا لأمهاتهم طلبا للرضا عكس حالها: «كنت براقب بناتي عند ذهابهم إلى الكلية لأني كنت أخاف عليهم بسبب رؤيتي للبنات يرافقن الشباب في الجامعات، فخشيت أن يحذوا خطاهم، وعندما يروني كنت أدعى المرض وإني ذاهبة إلى الطبيب وعندما علموا بمراقبتي لهم قالوا «أنت بتسيئي لسمعتنا».
اقرا ايضا :
عجوز تطلب الخلع من زوجها بعدما ربطها في رجل الكنبة
وبدأت السيدة الخمسينية تروي مسلسل خروجها من المنزل ببولاق الدكرور للعيش في زاوية شارع بميدان الجيزة الذي فضلته لتعيش حياة كريمة من وجهة نظرها، فبدأت تجمع أكياس البلاستيك والعبوات الفارغة وتبيعها لتحصل على قوت يومها نظير عملها، بجانب ما تتقاضاه من التضامن الاجتماعي ليكون عونًا لها على مصائب الحياة التي لا تأتي فرادى، وتعود بعدها للنوم على فرشتها البالية من جديد.
وبنبرة صورت يكسوها الحزن الممزوج بشيء من الانكسار بدأت الأم المكلومة تلملم ما فاتها من ذكريات لتسرد كواليس أحد لياليها في الشارع: «بعد ما خرجت للشارع في يوم شتاء والمطر يتاسقط بكثافة أعتقدت أن أطفالا بيرجمونني بالحجارة وعندما أستيقظت لأعنفهم وجدتها قساوة المطر فعدت إلى النوم، وربنا بيحيمني من البرد طوال الشتاء برغم أن المطر فوقي مباشرة، وأنا على كل هذا بالي مرتاح أكثر من منزلي بسبب بناتي».
ولم تعد الأم ترى بناتها منذ تسع أعوام، وعلمت بعد ذلك بزواج اثنتين منهن بعد تخرجهما من الجامعة، والثالثة ما زالت تدرس في الثانوية العامة وعندما سألت الجيران ماذا تقلن بناتها عنها الآن ليأتي الرد كالسهم الذي استوطن في منتصف قلبها بأنهم يعتبرونها ميتة، ويقولون هذا لأزواجهن، ليتبخر كل ما كان من أمل لدى الأم في العودة لمنزلها من جديد، وتقول إنها كانت تعيش حياة سعيدة رفقة زوجها إلا أن العلاقة ساءت بعدما ادعوا إني مجنونة وأسيء لسمعتهن.
وتنهي الأم المكلومة حديثها والدموع تملأ الجفون إنها لم تكن تتمنى مكروها لبناتها، لكن الآن لن تذهب إليهم مهما حدث معلقة: «حسبي الله ونعم الوكيل في بناتي وأنا في عيد الأم دلوقتي لأني لم أتمنَ لهم مكروها، وهن سبب فيما يحدث لي الآن»، متمنية الحصول على غرفة مناسبة للعيش بها، ولو على سبيل الإيجار لتقي نفسها من مخاطر الشوارع.
قد يهمك ايضا :