القاهرة-مصر اليوم
منذ نعومة أظافري وأنا محجوزة لياسر.."ياسر لمروة" و"مروة لياسر"، كانت والدتي ووالدة "ياسر" في الأصل صديقتين خلال الدراسة، وتزوجت والد ياسر قبل أمي بثلاثة أعوام، وفي إحدى المناسبات العائلية تعرفت أمي على أبي، الذي هو صديق والد ياسر، وبحكم العمل والجيرة أصبحت الأسرتان في حكم الأهل، كان ياسر شابًا وسيمًا، يهتم بتفاصيل مظهره بشكل مبالغ فيه، وكنت أراه دائمًا بشكل شبه يومي، إما وأنا ذاهبة إلى كليتي أو حين عودتي منها، وكان أكثر ما يلفت نظري له هو اعتياده على الوقوف والضحك مع كل من حوله، خاصة بنات الجيران.
وبرغم سماعي دائمًا لكلام والدتي عنه وإطرائها عليه من ناحية الشكل والتربية وخفة الظل، إلا أنني كنت دائمًا ما كنت أسمع دون تعليق مني على الأمر، وفي إحدى المرات التي صادفني فيها ياسر وأنا في طريقي للكلية استأذنني في أن يوصلني بسيارته للجامعة، فاتحني برغبته في الارتباط بي، كاشفًا عن مشاعره تجاهي، وأنه كان في انتظار الوقت المناسب ليفاتحني، وها أنا ذَا في نهاية دراستي الجامعية، وليس هناك ما يسمح بالارتباط، فطلبت منه وقتًا للتفكير، فحقًا هو بالنسبة لي أخ ولا أشعر تجاهه بغير ذلك، وقلبي وقف عاجزًا عن حبه.
علمت أمي برغبة ياسر في الزواج بي، فطارت هي وأبي فرحًا، ووجدت نفسي أمام أحلام تُبنى وتصورات للزفاف وتخطيط لمنزل الزوجية، وكيف أنهم متفقان تقريبًا على كل شيء مع وياسر وأبويه، فأبلغت أبي أن ياسر بالنسبة لي أخ، ولا أراه أكثر من ذلك، تعجب وقال إنه اعتقد أن طلب ياسر سوف يسعدني، لأنه يلاحظ تفاهما وانسجاما بيننا في وجود الأسرتين في المناسبات العامة. حقيقة أصّر أبي وأمي على أن أمنح نفسي فرصة وأقبل بالخطوبة، وبعدها قد تتغير وجهة نظري مع وعد منهما بعدم إجباري على شيء، فكانت خطوبتنا بسيطة وصارت الأمور مثلما خططوا جميعا من قبل، بدأت اختلط واقترب من شخصية ياسر، حتى لاحظت أنه يطلب مني طلبات معينة قبل النزول معي، ويصر أن يسألني عن الملابس التي أرتديها وأنا بصحبته.
كانت نظراته لي في البداية لما ارتديه لا تريحني، فهو ينظر لها نظرة ازدراء وعدم رضا، وفي إحدى المرات طلب أن يأتي معي لشراء ملابس كهدية، ذهبت معه وفوجئت به يختار ملابس غريبة، أقل ما يُقال عنها إنها ملابس خارجة، حتى أنني خجلت من أن أجرب تلك الملابس في المحل، وأظهر بها أمامه، وبالطبع رفضت شراء الملابس كما رفضت ارتداءها، وأصر هو على شرائها، تدخل أبي في الحوار معه ومناقشته ولفت نظره إلى أنه يجب عليه أن يحافظ علي، وأن يحرص على أن أبدو معه بمظهر لائق، ولكن ياسر أصر على موقفه، معللًا ذلك بأن تلك الملابس ترتديها البنات في كل مكان ولا حرج من ارتدائها، وأنها مواكبة للموضة ولا حرج منها.
بعد هذا الموقف امتنع ياسر عن الخروج معي نهائيًا، وصار يجلس معي في زيارته الأسبوعية لي في البيت لفترة طويلة، حتى أتى موعد زفاف صديقه وطلبت منه أن أذهب معه، لكنه رفض بإصرار رهيب، فلم أجد معني لسلوكه معي، سوى أنه يستشعر الحرج من مظهري، وأنه يريد خطيبته وفتاته بمظهر معين لا أحترمه أنا، اتصلت بصديقه وعلمت منه مكان حفلة الزفاف، وذهبت هناك فوجدت ياسر وسط الفتيات منهمكًا في وصلات رقص حتى أنه لم يلحظ وجودي.
تقدمت منه، لأسلم عليه وسط زملائه، فنظر إلى مليًا وكأنه غير مصدق ما رأى، ولم يكن وجودي وحده هو المفاجأة على ياسر، ولكن مظهري وما أبدو عليه كان كفيلًا أن يصدمه، فأخذ بذراعي وتجول بي في الحفل كله معرفًا الناس بي هذه مروة عروستي، أصر على أن نلتقط صورًا مع العروسين ومع أصدقائه، وظل طول الحفل ينظر إلى ويردد "أنت أجمل من فلانة ومن فلانة". ما هذا؟ بعض المساحيق والكثير من العري جعله فخورًا بي إلى هذا الحد، عدنا مساء وبداخلي قرار لا رجعه فيه "لن أكون يومًا لهذا الرجل، لن أكون يومًا لمن يسعد حينما أتعرى" لن أكون لمن خجل مني وأنا محتشمة، وأنا ملتزمة، فهل أخطات فيما فعلت؟، هل أقبل بمن ارتضى لي التعري، مع العلم أني فتاة شيك وأنيقة جدا بشهادة الجميع وأتمتع بقدر كبير من الجمال ولكن خطيبي يخجل من ظهوري معه وأنا محتشمة.
الرد أرى أنك لم تتسرعي في قرارك، فالأصل في الرجل أن يحافظ ويغار على بيته وأسرته، فما بالك بخطيبته وزوجة المستقبل التي ستحمل اسمه، أما من يتباهى بعري زوجته أمام أصدقائه، فهذا رجل "ديوث" لا يؤتمن على عرض ولا يصون شرفًا. لقد اخترت رضا الله، فتأكدي أنه تعالى سيعوضك برجل يفهم قدرك ويقدر تحشمك والتزامك، الحياة الزوجية السليمة لا تبنى إلا على الحب ولا تستقيم سوى مع الاحترام المتبادل، وأعتقد أنك بعقلك نفسه ومنهجك نفسه لن تحترمي رجلًا لا يغار عليك، وستتحول الحياة بينكما لمشاكل لا تنتهي، لأنك لن تحترميه من داخلك، وسيظل ضئيلًا أمام ما رأته عيناك.