في الماضي، كان السؤال عن جنس الجنين الذي سيولد، أحد الأسئلة الهامة والحاسمة خلال فترة الحمل. كان هذا السؤال يخبئ بين طياته مفاجأة ما، فقد أضطر كل زوج وكل زوجة لانتظار إجابته حتى يوم ولادة الطفل، ورؤيته للنور. لكن، ومنذ سنوات الخمسين من القرن الماضي، تم الشروع باستخدام أجهزة الأمواج فوق الصوتية (الأولترا ساوند - Ultrasound) في مجال الطب عامة، وخصوصا في مجال الحمل والولادة. وبات بالإمكان معرفة جنس المولود منذ الأسبوع الرابع عشر من الحمل، حيث يتم ذلك من خلال عملية تصوير بسيطة بالأمواج فوق الصوتية، يقوم بإجرائها طبيب النساء. يتيح هذا النوع من التصوير، للطبيب وللأهل على حد سواء، رؤية العضو التناسلي لدى الجنين ومعرفة جنسه مبكّراً. الأمر الإيجابي هو أن هذا الفحص يتح للزوجين إمكانية الاستعداد للمستقبل، سواء من حيث اختيار اسم المولود أو حتى على مستوى شراء وتجهيز الاحتياجات واللوازم. من جهة أخرى، يمكننا القول إن هذا الأمر، قضى بشكل كامل تقريبا على عنصر المفاجأة التي كان الكثيرون من الأزواج يعشقون انتظارها. يتم تحديد جنس الجنين منذ اللحظة الأولى التي يلتقي فيها الحيوان المنوي بالبويضة. فإذا كان الحيوان المنوي يحمل الكروموسوم Y، يكون المولود المنتظرذكراً. أما إذا كان الحيوان المنوي يحمل الكروموسوم X، فإن المولود سيكون أنثى بالتأكيد. بكلمات أخرى: إذا التقى الكروموسوم Y الآتي من الرجل مع كروموسوم X الذي تعطيه المرأة، فإن المولود سيكون ولداً. أما إذا التقى كروموسومان من النوع X، فإن المولود سيكون أنثى. لا تؤثر الكروموسومات على جنس المولود فحسب، بل إنها تتيح أيضا معرفة ما إذا كان المولود سيعاني في المستقبل من عمى الألوان (Color blindness) أو من مرض نزيف الدم (هيموفيليا -Haemophilia) تحمل الأم كروموسومات من نوع X فقط، وليس لديها كروموسومY، بينما يحمل الرجل كروموسومات من نوع Y وكذلك كروموسومات من نوع X. ولذلك، فإن جنس المولود يتحدد وفقا للكروموسومات التي يحملها الحيوان المنوي 'المحظوظ' الذي سيحظى بتخصيب البويضة. وإن كان الأمر يبدو للوهلة الأولى وكأن الرجل وحده هو المسؤول عن تحديد جنس المولود، إلاّ أن المرأة أيضاً تلعب دوراً هاماً في هذه المسألة، حيث أن جنس الطفل يتعلّق، أيضاً، بموعد الإباضة وبدرجة الحموضة التي تكون سائدة في الطريق التي يقطعها الحيوان المنوي إلى البويضة. تبدأ الإباضة قبل بدء نزيف الدورة الشهرية (الحيض) بـ 14 يوما، وعندها تبدأ المرأة بالشعور بحدوث تغييرات في درجة حرارة الجسم ومستويات الهورمونات في البول. هناك إدعاء يقول إنه كلما كانت العلاقة الجنسية بعيدة عن فترة الإباضة، يكون احتمال ولادة الذكور أقل. وتفسير هذا الإدعاء هو أن درجة الحموضة في الطريق إلى البويضة من الممكن أن تتغير من خلال اتباع أنظمة غذائية مختلفة، علما بأن جنس المولود يتحدّد -وفق ما أسلفنا - حسب درجة الحموضة. اليوم، هنالك طرق علمية تساعد في تحديد جنس المولود. فمثلاً، عند إجراء عملية الإخصاب خارج الجسم (أطفال الأنابيب)، يكون بالإمكان بعد حدوث الإخصاب بثلاثة أيام فقط، أخذ خلية من الجنين وتحديد جنس المولود بشكل مباشر. وذلك من خلال فحص عينة من الكروموسومات التناسلية في الخلية الخاضعة للفحص. وهكذا، يكون بالإمكان التخلّص من الأجنة غير المرغوب بها. لكن هنالك من يدّعون أن هذه الطريقة غير أخلاقية! لذلك، تم تطوير طريقة أخرى تعتمد على فصل الحيوانات المنوية قبل إجراء الإخصاب. حيث من المعروف أن الحيوان المنوي الذي يحمل الكروموسوم Y يكون أخف وزنا، وأسرع حركة من الحيوان المنوي الذي يحمل الكروموسوم X. غير أن المشكلة هنا تكمن في أن فارق الوزن صغير جداً، الأمر الذي جعل البعض يدّعي عدم نجاعة هذه الطريقة، ويدعو للعودة إلى طريقة التخلّص من الأجنة غير المرغوب بها، من أجل تحديد جنس المولود. تلخيصا لكل ما جاء أعلاه، بإمكاننا القول إن التطور العلمي نقلنا من المرحلة التي كان الأهل فيها يستمتعون بانتظار المفاجئة الكامنة بالإجابة على سؤال جنس المولود، إلى مرحلة قدرتهم على طلب تحديد جنس المولود قبل حصول الحمل فعليا.