عمان ـ وكالات
يثير زواج "المسيار" جدلا كبيرا في الأردن، في ظل ورد تقارير عن تزايد هذه الظاهرة الدخيلة التي تخلف آثارا سلبية كبيرة على المجتمع.ويشير تحقيق استقصائي نشرته صحيفة "الغد" الأردنية الاثنين إلى أن أغلب الزيجات التي تتم عبر "المسيار" تجمع بين طرفين متناقضين: سائح عربي يبحث عن المتعة وفتاة فقيرة تسعى للتخلص من العنوسة.ويستعرض التحقيق عدة حالات من النساء اللائي اخترن المسيار إما للتخلص من العنوسة التي تبلغ 40 بالمئة في الأردن أو للهروب من ضغط المجتمع بعد رحيل أزواجهن.وتقول أم محمد (35 عاما) إن عمها زوّجها قسرا من رجل سعودي ميسور كان يأتيها مرة في العام لمدة عشرة أيام فقط، وتضيف "زوّجني رغما عني ليتخلص من همّي لأني يتيمة وأرملة وما معي إلا سادس ابتدائي".ورغم أن قران أم محمد موثّق في المحكمة الشرعية الأردنية، إلا أن الزوج (السعودي) اشترط عليها شفاهة أن يكون "مسيارا". ومنذ عامين لم تسمع أي خبر عن هذا الزوج، ولم تنجب منه لاشتراطه ذلك، ولم يعد ينفق عليها، فأصبحت "معلّقة" لا تدري كيفية الخلاص منه.وأم محمد واحدة من آلاف الأردنيات من خلفيات مجتمعية وثقافية متفاوتة وقعن في فخ "المسيار" خلال محاولتهن التخلص من وصمة "عانس - مطلقة - أرملة في مجتمع تقليدي محافظ، وصمتن لاحقا على انتهاك حقوقهن القانونية والاجتماعية مع الحرمان من الأمومة.ويؤكد مراقبون أن معظم زيجات المسيار تتم بين أزواج من جنسيات عربية (سعودية بشكل خاص) وزوجات أردنيات، مشيرين إلى أن المجتمع الأردني لا يعترف بهذا النوع من الزواج الذي يستغل المرأة ويحرمها من حقوقها الزوجية ويخلف تداعيات اجتماعية خطيرة.وفيما تعترض نسبة كبيرة من الأردنيات على زواج المسيار، يرى بعض الرجال أنه حل جيد لمشكلة العنوسة.ويرى أحمد (متزوج بأربع نساء "شرعا" وثلاث "عرفيا") أن زواج المسيار يخفف من عبء الزوج "بسبب الرفض الاجتماعي لفكرة التعدد، وعدم الإنفاق"، متسائلا "طالما أن المرأة وافقت على الزواج، ما المشكلة"؟وتشير دراسة للباحث الأردني اسماعيل الزيود (نشرت في 2010) إلى وجود أكثر من 100 ألف فتاة عزباء في الأردن، وترد ذلك إلى ازدياد تكاليف المعيشة وتفاقم نسبة البطالة بين الشباب.وتتضارب الفتاوى حول زواج المسيار في الأردن، حيث يحرمه بعض الفقهاء لما فيه من انتهاك صارخ لحقوق المرأة، فيما يكتفي البعض الآخر بتحريم شروطه باعتبارها باطلة دون تحريم العقد الذي ينطوي على "مسيار مبطن" باعتباره عقدا شرعيا "مكتمل الشروط".ويؤكد أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية د.محمود السرطاوي لصحيفة "الغد" أن زواج المسيار "لا يريده الشرع ولا يقبله بحال من الأحوال وهو حرام من الناحية الشرعية لأنه لا يحقق مقاصد المشرع، من تحصين فردي، ومجتمعي، وإيجاد نسل".فيما يشير المحامي الشرعي نضال العبادي إلى عدم وجود أي مشكلة مع زواج المسيار من الناحية القانونية الشرعية، لأنه "لا يوجد أي نص في قانون الأحوال الشخصية الأردني وحتى في دائرة الإفتاء ينص على تحريمه، وإنما أذنوا للمرأة أن تتنازل عن بعض حقوقها، وأذنوا للرجل أن يتنازل عن بعض حقوقه".ورغم الخلافات الكبيرة التي يخلفها زواج المسيار، يتحدث البعض عن وجود أنواع جديدة من الزواج بدأت تنتشر بين الشباب الأردني أبرزها "زواج الهاتف" و"زواج الإنترنت" وغيرها من الزيجات التي يردها البعض إلى الانفتاح الكبير بفعل الثورة العلمية والتكنولوجية.