إمرأة "تُصلّح الأحذية"

رفضت أن تستسلم للفقر بعد مرض زوجها، حاولت جاهدة مساعدة أطفالها في تعليمهم لتحقق حلم والدهم بإلحاقهم بكليات القمة، تحملت المسئولية لتتحول إلى العائل الوحيد للأسرة حتى يتعافى زوجها، بحثت عن فرصة عمل شريفة ففوجئت بجميع الأبواب موصدة في وجهها، إلا أن الصدفة البحتة، خلقت رزقها، حين طلب منها نجلها شراء حذاء، ولضيق ذات اليد، قامت بإصلاح حذائه القديم، لتبدأ رحلة عملها "إسكافية".

"مريم يوسف" 24 عامًا، أم لثلاثة أطفال وزوجة لأب طريح الفراش بعد إصابته بضعف البصر، رفضت أن تقف عاجزة ومكتوفة الأيدي، فحاولت البحث عن عمل دون جدوى، ومع بداية العام الدراسي الماضي طلب منها نجلها الأكبر، سمعان 9 سنوات، شراء حذاء جديد، فكان ردها متألمة: "أجيب فلوس منين يا ضناي"، ثم أمسكت بمخيط وأصلحت حذاءه القديم المتهالك، حتى أعادته لحالته الأولى، ومن وقتها قررت أن تعمل مصلّح أحذية "إسكافي"، لتساعد أطفالها كي لا تتركهم فريسة للفقر والتسرب من التعليم.

ولأن القدر كتب لها رزقًا واسعًا، ذاعت شهرتها فى منطقة شرق النيل، وتحديدًا في قريتها نزلة عبيد في المنيا، ورغم شقاء المهنة، إلا أنها تشعر بسعادة غامرة مع كل نقطة عرق تنزلق على جبهتها الشريفة، تقول: "شغلانة الإسكافي متعبة جدًا ولكني اضطررت للعمل بها لأني مسئولة عن رعاية 3 أطفال وزوجي المريض ووالده ووالدته بالإضافة إلى شقيقته ونعيش جميعًا في منزل بسيط مساحته لا تتعدى 40 مترًا، وفي النهار أقوم بإنجاز عمل المنزل، وعندما يحل المساء أسهر لإصلاح الأحذية وقد يمتد ذلك أحيانًا للصباح وأنا مبسوطة جدًا بالشغل ده".