الحب طاقة حيوية نابضة

 

تندرج طاقة الإنسان ضمن اهتماماته الحيوية، ومع تقدم الزمن وتصارع نبض الحياة وكثرة ضغوطها ومشاكلها ينمو الإدراك بأهمية الطاقة النفسية والسلوكية، ومما لاشك فيه أن ديننا الحنيف قد عالجها وفق معايير ربانية إما مباشرة أو عن طريق الاقتداء بالسلوك النبوي الذي يعدّ النموذج الإنساني الكامل والخالي من العيوب التي يتصف بها غيره، ومن تلك الأمور التي عولجت الطاقة العاطفية التي تؤثر بشكل مباشر على نفسية وأخلاق وسلوك وجسد الإنسان، فالحب هو نشاط إنساني سامٍ بشكل يومي وليس بأمر ثانوي.

وعن دور العاطفة المتولدة من العلاقة الزوجية والحميمة كطاقة تعالج الإنسان وتدفعه لكل تقدم ورقي يحدثنا المستشار الأسري عبدالرحمن القراش في السطور الآتية:


بداية يقول القراش: "الحب طاقة نابضة مستمرة لابد أن تظل متدفقة في حياة كل زوجين، لذلك فإن من أبرز الأخطاء التي يقع فيها الزوجان إما بعلم أو دون علم جعل الحياة اليومية بينهما رتيبة ومملة وخالية من المشاعر وكأنها تأدية واجب فقط، لذلك تكثر المشاكل والعوائق التي لا تجعل الحياة تستمر، وإن استمرت فتكون كئيبة"، مشيراً إلى أن أهم تلك الأخطاء الافتقاد للعناصر الأساسية المولدة لطاقة الحب بين الاثنين، والتي تتمثل في ما يلي :

1. القبلة: هي تعبير دافئ، وليست مجرد بادرة رومانسية بين الأزواج، بل هي مؤشر بيولوجي أساسي يتعلق بالانجذاب الجسدي، وتثير تفاعلات واسعة بين مجموعة كبيرة من الهرمونات التي قد تؤدي إلى نجاح العلاقة أو فشلها بعد القبلة الأولى، لذلك من يفقدها في حياته فقد افتقد الانسجام العاطفي الذي ينعكس على الشخص من حرارة الأنفاس بالطاقة الإيجابية.

2. العناق: هو تعبير عن المشاعر الداخلية بين الطرفين، فكلما كانت المشاعر أكبر كلما كان الاحتضان بطريقة أفضل، ويأتي ذلك بشكل لا إرادي جراء تفاعل الجسدين بالمشاعر والأحاسيس الداخلية، ومن فوائده أنه يعطي قدرة أكبر على تحمل الصدمات والأزمات النفسية، ناهيك عن المضي قدماً في الحياة اليومية بكل ثقة وراحة تامة، خصوصاً كلما شعر أحدهما بالتعب فإنه يتذكر أن هناك مخبأ في صدر الآخر يفضي له بما يقلقه، ومن يفتقد الاحتضان اليومي فقد حكم على نفسه بتحمل جبال من المعاناة الروحية والجسدية معاً .

3. المغازلة اليومية: هي إشعار الطرف الآخر ببقائه بقربه دوماً، فالتغزل اللفظي قيمة قبل أن يكون ألفاظاً تقال، والنظرة والابتسامة والهمسة واللمسة والمناداة بأجمل الألفاظ دوماً تعتبر إشارات جيدة تعكس للطرف الآخر أنه مهتم ويحاول جذبه نحوه ولا يريد فراقه، ولكن من يكثر من النقد أو التذمر أو الصمت أو الأحاديث المملة فإنه يعيش وحيداً دون الشعور بالحب، ويسبب طاقة سلبية للطرف الآخر .

4. الشعور بالأمان والتقدير: أي أن يشعر كل طرف بالأمان والتقدير لما يقوله ويفعله وما يقدمه من عواطف، فالمحبة مرتبطة بالأمان والتقدير، كما أنها مرتبطة بالشعور بقيمة الذات، مما يوفر طاقة الإنسان ليوجّهها في الإبداع والانطلاق للأمام، فتنعكس على طمأنينته ومشاعره وعطائه، مما لا يجعله يبحث عن حلول فعالة لحياته.

5. المفاجآت: جميعنا نحب المفاجآت التي ليس شرطاً أن تكون مادية فقط، فهناك أمور تسعد كل شخص حسب معرفة الطرف الآخر واهتمامه به، بل إن أبسط الأشياء تعني الكثير لمن تحب، ويجب أن يفتش الإنسان عنها بصدق وسينعكس أثرها على الطرفين بالطاقة الإيجابية، ولكن من يعتبر أن المادة وحدها هي الكفيلة بإسعاد من يحب فقد حصر نفسه في طريق ضيق جداً ربما يتلبد بالغيوم في حال قل ما لديه .