شركات الطيران الأميركية

لا يُعد السفر الجوي تجربة مسرة كثيرا، فالمقاعد الضيقة، ورسوم التذاكر والأمتعة العالية، ما هي سوى القليل من الشكاوى التي لا تُحصى.

لكن من الجهة البراقة؛ وبعد سنوات من التعامل مع وسائل التسلية على الطائرات، التي عفا عنها الزمن، يبدو أنَّ التقنيات الجديدة قد تُسلي الركاب بشكل أفضل، ما يجعل قطع المسافات الطويلة عملية يسيرة تتم بسرعة.

وقد أعلنت غالبية شركات الطيران في الأشهر الأخيرة عن تحسينات وتحديثات على رحلاتها الداخلية في الولايات المتحدة الأميركية، ومنها تأمين وسائل تسلية مجانية إلى الركاب الجالسين في مقاعد الدرجة العادية.

وتتيح هذه الخدمات الجديدة استخدام الأجهزة الجوالة،، إما لاستقبال البث التلفزيوني المجاني، والموسيقى والألعاب، أو لاستئجار الأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية، من دون الحاجة إلى دفع رسوم الـ"واي فاي"، وفي صلب العديد من العروض الجديدة هناك "غوغو إير" (Gogo Air) الشركة الرائدة في مضمار إنترنت الطيران، التي تقدم خدمة "واي فاي" على الطائرات، فضلا عن خيارات تسلية جديدة أخرى.

فخدمة "ديلتا استوديو" الجديدة التي تقدمها "خطوط دلتا للطيران" على سبيل المثال، تعتمد على "غوغو"؛ وكانت قد أطلقت هذه الخدمة في آب/ أغسطس الماضي لتتوافر لكل الركاب في رحلتهم التي تدوم 90 دقيقة، وتتيح لهم استقبال البث الحي من قنوات التلفزيون الفضائية، فضلا عن الموسيقى، وألعاب الفيديو، من دون الحاجة إلى تسديد رسوم "واي فاي".

لدى فتح نافذة تصفح في اللابتوب، أو الجهاز اللوحي، أو الهاتف، سترى لائحة تقدم خيارات من الأفلام السينمائية، والبرامج التلفزيونية، التي يمكن استقبال بثها مجانا أو استئجارها، وذلك يعتمد على مكان جلوسك، إذ سيجري سؤالك عن اسمك، ورقم مقعدك، لدى تسجيل الدخول.

وما يسمى بالأفلام الجديدة أو من الدرجة الأولى، هي مجانية لركاب الدرجة الأولى، ورجال الأعمال، وركاب الدرجة الاقتصادية الذين رفعت درجتهم، بيد أنَّ "دلتا" تقول إن ركاب الدرجة العادية يحصلون أيضًا على شيء مجاني، ويمكنهم دفع 6 دولارات لمشاهدة أفلام إضافية، ودولار واحد لمشاهدة البرامج التلفزيونية.

ولكن إذا رغبت في تصفح الإنترنت، أو الكشف على البريد الإلكتروني، فعليك أن تسدد كلفة خدمة "واي فاي"، لكن إذا رغبت في الحصول على المحتويات المجانية التي يجري بثها، فعليك قبل ركوب الطائرة تنزيل تطبيق مشغل الفيديو من "غوغو".


وكانت شركة "ألاسكا إيرلاينز" قد أعلنت أخيرا أيضًا عن خدمة مشابهة من "غوغو" التي تجيز للمسافرين استئجار الأفلام السينمائية والبرامج التلفزيونية، حتى ولو لم يتوافر اشتراك منفصل بـ"واي فاي" خلال الرحلة.

أما شركة "جيت بلو" الرائجة بفضل توافر التلفزيون الفضائي على طائراتها على جميع المقاعد، فهي تعتمد أيضا على الأجهزة الخاصة، وعلى "واي فاي" سريع.


والخدمة الأخيرة هنا تستخدم الأقمار الصناعية لبلوغ الإنترنت، بدلًا من النظام الدارج أكثر، الذي يعتمد على البث الأرضي إلى الجو، ما يحقق سرعات تنافس شبكات النطاق العريض التي نستخدمها في منازلنا.

والشركة هذه لا تزال تنشر "واي فاي" السريع عبر أسطولها من الطائرات، وذكرت أن نصف هذا الأسطول بات مجهزًا بهذه الخيارات.

وذكر ناطق بلسان الشركة أن العملية هذه ستنتهي في ربيع عام 2015، فإذا كنت في رحلة "فلاي فاي" فيمكنك التواصل مجانا مع الإنترنت بشكل مبسط، أو التحديث إلى الإنترنت السريع مقابل 9 دولارات، لكن هذه الأسعار ستتغير بعد أن يصبح الأسطول كله مزودا بهذه التقنية.

ومثل هذه العملية مكلفة، لكنني دفعت أكثر من ذلك بكثير للحصول على "واي فاي" من "غوغو"، والعمل عليها في مكان ضيق جدا، بيد أنَّ الكلفة جديرة أن يتحملها الشخص إذا رغب في مشاهدة فيلم سينمائي من "نيتفليكس".

أما المحتويات المجانية فتشمل برامج من "فوكس"، و"ناشيونال جيوغرافيك"، وفيديوهات تعليمية، ومقتطفات من الكتب، وبرامج طبخ.

وتجد الكثير من الشركات أنَّ تقديم "واي فاي" أفضل على طائراتها، مع القليل من خيارات المحتويات المجانية، أسهل وأرخص كلفة من تحديث هذه الوسائل الخاصة بالمقاعد في الدرجات الغالية، لتشمل مثلا تلفزيونات مركبة في ظهور المقاعد، كما أن القليل من العروض المجانية قد يطاول أيضًا مقاعد الدرجة الاقتصادية العادية. "وهو الأمر الوحيد الذي من شأنه إراحة المسافرين وتسليتهم"، كما يقول جاك بلانكيت كبير مديري "بلانكيت ريسيرتش" التنفيذيين، الشركة العاملة في أبحاث السوق التي مقرها هيوستن في أميركا.


وأوضح بلانكيت أنَّ خطوط الطيران كانت بطيئة في خوض غمار تقنيات السفر الجوي بعد المحاولة الكبرى التي جرت في هذا الصدد عقب تركيب الهاتف الجوي على ظهر المقاعد من الخلف، والتي برهنت عن فشل ذريع.

 

وأضاف أنَّها "زادت من ثقل الطائرات ووزنها بنسبة كبيرة، واستهلكت الكثير من الطاقة، وتطلبت نظاما للاتصالات يصل بين الطائرة ومركز آخر على الأرض، وبعد هذا الفشل كان من الصعب إقناع شركات الطيران تجربة تركيب (واي فاي) على طائراتها".

وتابع "بعد أن أصبحت الأجهزة الشخصية كالهواتف، والأجهزة اللوحية، واللابتوب من الأمور الشائعة، وقيام مزودي خدمات "واي فاي" من الطرف الثالث بتحمل نفقات تصفح الإنترنت على الطائرات، أدركت شركات الخطوط الجوية أنَّ جلب الركاب لأجهزتها الخاصة للحصول على التسلية خلال الرحلات قد يكون رخيص الكلفة وسهلًا".


ويتوقع خلال السنوات المقبلة أن يستمر "واي فاي" أثناء الرحلات في زيادة سرعته، وأن يصبح رخيص الكلفة، فقد أعلنت "فيرجن أميركا" قبل أسابيع أنَّها حدثت خدمات "واي فاي" على متن طائراتها التي تقدمها "غوغو"، لتصل إلى 10 ميغابت بالثانية وهي السرعة التي توازي ما هو موجود في المنازل.

وقد تكون الاتصالات خلال الرحلة الجوية أبطأ ربما، نظرا لتشارك الجميع بـ"واي فاي"، لكن مع ذلك يبدو هذا الأمر إنجازا محسنا.


وكشفت "غوغو" إنها اختبرت أسلوب "واي فاي" الذي يعتمد على الأقمار الصناعية بدلًا من نظام الأرض إلى الجو، وهذا من شأنه تأمين تواصل تبلغ سرعته 70 ميغابت في الثانية، وهذا حتى مع مشاركة العديد من الركاب في استخدامه، يظل يعتبر إنترنت سريعا.

لكن القليل من شركات النقل الجوي لا تزال بطيئة في اعتماد هذه التحديثات، ومثال على ذلك شركة "يونايتد" التي تقدم "واي فاي" لنصف أسطول طائراتها، رغم أنَّها قد أعلنت عن خطط لتوفير "واي فاي"، ونظام "غوغو" في بعض طائراتها الصغيرة في "يونايتد إكسبريس" ابتداء من أوائل العام الجديد.

أما "أميركان إيرلاينز" فتقدم "واي فاي" على جميع طائراتها الكبيرة، وعلى 12% من طائراتها الصغيرة الخاصة بالسفر الإقليمي.

وبالنسبة للسفر المحلي تفتخر "فيرجن أميركا" بأنَّها تملك أفضل نظام من هذا النوع، فكل طائرة من طائراتها مزودة بخدمة "واي فاي" جرى تحديثها أخيرا، فضلا عن مصدر للتزود بالطاقة، ومنافذ خاصة بـ"يو إس بي"، وتلفزيونات مركبة على ظهر المقاعد ببث حي، وتقدم أفلاما وبرامج حسب الطلب.

وتخدم هذه التلفزيونات كشاشة لمس أيضا لطلب المآكل والمشروبات التي تسلم مباشرة إلى المقاعد، كما يمكن استخدامها لممارسة الألعاب، والتحدث مع الركاب الآخرين.

 

وقد طرحت "فيرجن أميركا" أخيرا مزية جديدة تمكن من إرسال طلبية مشروب إلى راكب آخر في الطائرة.