واشنطن - عادل سلامة
هل من الممكن أن تتحول أحلام الخيال العلمي لحقيقة على أرض الواقع؟ وذلك بتقديم سيارات ذاتية القيادة، سيتم عرضها قريبًا، والتي يمكنها الاصطفاف على جانبي الطريق، والوقوف أمام علامات الخطر، والسير في حركة المرور، هذا ما ستجيب عليه الأيام المقبلة، وفي الوقت الذي قام فيه المستثمرون في القطاع الخاص بتطوير النظم اللازمة لهذه الآلات
"الروبوتية" الجديدة، إلا أن القوات العسكرية الأميركية كانت خارج هذه المنظومة.
وتخلفت القوات المسلحة في نشر الإصدارات الخاصة بها من المركبات دون سائق، رغم طموحاتها في إنشاء آلات يمكن أن تحل محل الجنود على الأرض في وقت النزاعات، وقال خبراء، إن "إجراءات التقشف، وخفض الإنفاق، تقيد حركة التحديات التكنولوجية والعسكرية في تلبية الأهداف التي حددها الكونغرس في امتلاك أسطول ثالث من المركبات القتالية ذاتية القيادة بحلول العام 2015" .
وأوضح الخبراء، أن "فشل الجيش في تقديم المركبات البرية ذاتية القيادة أمر مثير للسخرية، بالنظر إلى أن التقدم التجاري له جذوره في البحث المقدم أصلًا من قِبل Darpa وهي وكالة للمشاريع والأبحاث المتقدمة في مجال الدفاع، ومنظمة التكنولوجيا المتقدمة التابعة للبنتاغون، منذ عقد من الزمان"، مشيرين إلى أن Darpa عرضت سلسلة من التحديات الكبرى للباحثين، مما ساعد على دفع التكنولوجيا إلى الأمام" .
وقالت "جنرال موتورز"، و"نيسان"، الشهر الماضي إنهما "سيقدمان سيارات ذاتية القيادة قبل نهاية العقد الحالي"، بينما في وقت مبكر من العام المقبل ستقوم شركة BMW والكثير من شركات صناعة السيارات الأخرى بتقديم أنظمة محدودة من شأنها أن تدفع تلقائيًّا في حركة المرور السريع، بالإضافة إلى السرعات المنخفضة، كما أن جوجل لديها بالفعل أسطول صغير من السيارات مع أكثر من نصف مليون ميل من القيادة الآلية في ولاية كاليفورنيا .
وقال الباحث في معهد بروكينغز، بيتر دبليو سينغر، ومؤلف كتاب "سلكية للحرب"، عن تطوير أسلحة الروبوت، "الآن نقدم المركبات ذاتية القيادة للجانب المدني"، متنبأً بـ"أن التقدم في المجال المدني سيصل في النهاية إلى تحول جذري عسكري" .
وأوضح سينغر، أن "الجيش ليس بعيد تمامًا عن المركبات البرية ذات التقنية العالية والتي يمكن أن تساعد في الحرب؛ فهناك نظام The Legged Squad Support System ، الذي وضعه بوسطن ديناميكس، وهو روبوت يمشي على أربع أقدام وحجمه قريب من البقرة، ويهدف النظام إلى اتباع الجندي في الميدان، ويتحمل إلى ما يصل إلى 400 رطل من المعدات".
وأشار إلى أن "الروبوت يوضح التحديات التكنولوجية لصنع المركبات التي ليست لديها أنظمة فقط في المكان المناسب لإنجاز المهام، ولكن يمكنها أن تعمل وتستمر في بيئات معادية" .
وقال جيل برات، مدير برنامج في الوكالة الدفاعية، "إن المشكلة الصعبة في بناء المركبات البرية ذاتية القيادة هو أن الأرض صلبة، وحتى الآن كان هناك تقدم كبير في أنشطة هذا الروبوت، وقد عرض في شريط فيديو قدرته على تسلق التلال، ودعم الفرق والمشي فوق الصخور والأعشاب، وشاهده أكثر من 1.5 مليون مشاهد".
وتستخدم الروبوتات المتحركة الحالية القائمة على الأرض إلى حد كبير في المهام العسكرية المتخصصة، على سبيل المثال؛ يتم استخدام المركبات التي تعمل عن بُعد صغير للتخلص من العبوات الناسفة، وبعض عمليات المراقبة في العراق، وتم استخدام حوالي 8 آلاف روبوت في 125 ألف عملية.
وفي العام 2012 ، تم استخدام أول مركبة ذاتية القيادة، والتي بناها لوكهيد؛ لنقل أكثر من 10 آلاف رطل من الإمدادات إلى مركز قتالي في أفغانستان يبعد أكثر من ميل عن قاعدة عسكرية .
ويخطط الجيش للحصول على هذه المركبة العام المقبل، والمعروفة باسم Squad Mission Support System ، والتي تم نقلها بواسطة طائرة هليكوبتر روبوتية إلى موقع، وتم السيطرة عليها من على بعد مئات من الأميال.
وفي معرض تجاري عسكري أقيم، أخيرًا، في مركز واشنطن، تم عرض طائرات المراقبة والمروحيات الروبوتية، ولم يظهر سوى عدد قليل من النظم البرية غير المأهولة، وكانت تستند إلى تكنولوجيا ترجع لنصف عقد من الزمن .
ويمكن ملاحظة اختلال التوازن بين الأنظمة الجوية والبرية في المبالغ التي ينفقها البنتاغون هذا العام، حيث خصصت الميزانية التي بدأت في 30 أيلول/سبتمبر مبلغ 6.04 مليون دولار، للطائرات ذاتية التحكم فقط، و261 مليون دولار للمركبات البرية ذاتية القيادة.
وقال مورين شومان، المتحدث باسم مكتب وزير الدفاع، إن "قرار نشر أنظمة أرضية مستقلة، تم إلغاؤه عندما رفض الكونغرس تمويل النظم القتالية المستقبلية في العام 2009، وكان النظام، وهو مشروع تكلفته 340 مليار دولار، جهد طموح لتحديث الجيش عن طريق تزويده بالمركبات المأهولة وغير المأهولة، وإذا ما تم إنجازه، كان يمكن أن يكون خطوة مهمة نحو تشكيل جيش على الأرض من الروبوت".
وقال منتقدون، إن "هذا الإنفاق اقترب من الفساد، كما أن الأهداف لا تعالج بالضرورة التحديات التي يشكلها الإرهابيون والمتمردون".
وفي تقرير صدر في العام 2012، لاحظ مجلس علوم الدفاع في البنتاغون، وهي مجموعة استشارية، مخاوف الجمهور بشأن التحرك نحو استخدام محاربين من الروبوت سيحل بسرعة محل الإنسان في الحرب، كما أثيرت تساؤلات بشأن الأخلاق -والفعالية الإستراتيجية- من وراء استخدامهم، كما كان للجيش أيضًا تحفظاته بشأن حل الروبوتات محل الجندي التقليدية على أرض الواقع