تشكّل المجموعة الشمسيّة

يكشف المسبار الأوروبي "روزيتا" طبيعة المذنب "تي جي 67 بي"، في مهمة فهم ‏حقائق تشكّل المجموعة الشمسيّة والكون والحياة، حيث أثارت هذه الأجرام، على مدى ‏آلاف الأعوام، فضول البشر وخيالهم العلميّ.‏
وكانت المذنبات تثير فضول البشر واهتمامهم، لاعتبارها ذات تأثير غيبي على الإنسان ‏وعلى مجريات الأمور على الأرض، إلا أنّ البشرية باتت تهتم بهذه الأجرام لأسباب ‏مغايرة، إذ أنَّ هذه المذنبات ما زالت تحتوي على المادة الأولية التي تكونت منها ‏مجموعتنا الشمسية، قبل أربعة مليارات و600 مليون عام‎.‎
وتعرّف المذنبات بأنها أجرام صغيرة ضمن المجموعة الشمسية، لها نواة صلبة مكسوة ‏بالجليد والغبار، تسبح في مدارات "إهليجية"، تجعلها تمرّ بصورة غير دائمة قرب ‏الشمس، ولدى اقترابها ترتفع حرارتها، فتنبعث منها الغازات والبخار، وهو ما يعطيها ‏شكل "جرم" ذي ذنب‏‎.‎
ويشبّه علماء الفلك المذنبات بأنها اسطوانات شاهدة على نشأة النظام الشمسي، الذي يقع ‏فيه كوكبنا‎.‎
ويزوّد الاطلاع على ما في داخل هذه الاسطوانات من جليد ومواد أخرى العلم الحديث ‏بمؤشرات مذهلة عن أصل المجموعة الشمسية، وربما عن أصل الحياة في الكون كذلك، ‏إذ أنّها تحتوي على جزيئات عضوية‎.‎
وبحسب بعض النظريات العلمية، فإن الحياة على الأرض تشكّلت حين ارتطمت مذنبات ‏تحمل المياه والمواد العضوية على سطح كوكبنا، ذي البيئة المناسبة لنشوء الحياة ‏وتطورها، وفي القرون الخمسة والعشرين الماضية رصد اقتراب 2000 مذنب من ‏الأرض.‏
ومع تقدم الإنسان في غزو الفضاء القريب، حلّقت مسبارات قرب مذنبات، والتقطت لها ‏صورًا، منها المذنب "هالي" الشهير، الذي مرّ المسبار الأوروبي "جيوتو" على ارتفاع ‏‏600 كيلومتر من سطحه، في العام 1986‏‎.‎
وتنفّذ وكالة الفضاء الأوروبيّة مهمة فريدة من نوعها، إذ أنَّ المسبار "روزيتا" (حجر ‏الرشيد) سيواصل اقترابه من المذنب "تي جي 67 بي" إلى ارتفاع بضعة كيومترات، ‏ومن ثم سينزل على سطحه "روبوتًا" (رجلاً آليًا) صغيرًا لدراسته‎.‎
وتمكّن "روزيتا" حتى الآن من التقاط صور من مسافات مخلتفة، أثناء اقترابه، على ‏مدى أشهر، من المذنب، حيث فوجئ العلماء بالشكل الذي نقلته الصور، إذ تبيّن من ‏صورة ملتقطة من مسافة أربعة كيلومترات أنّ للمذنب نواة مؤلفة من جزئين متداخلين، ‏التحما على ما يبدو إثر ارتطامهما بسرعة بضعة أمتار في الثانية، وهي فرضية ينبغي ‏التحقق منها في المقبل من الأيام‎.‎
والمسبار "روزيتا" مزوّد بجهاز "فيرتيس" لقياس الطيف الضوئي، وهو يزود العلماء ‏بالمؤشرات الأولية عن درجة الحرارة على سطح المذنب، والتي قدّرها العلماء أخيرًا ‏بأنها في حدود سبعين درجة تحت الصفر‎.‎
وأقرّت وكالة الفضاء الأوروبية إرسال هذه المهمة قبل عشرين عامًا، وقد أطلق المسبار ‏‏"روزيتا" قبل عشرة أعوام، وتستمر مهمته إلى العام 2015‏‎