القاهرة - مصر اليوم
تواجه كبرى الشركات في مجال توريد الكمبيوترات الشخصية خياراً قاسياً وينحصر بين خيارين، إما إصلاح وإعادة صياغة سياسة أعمالهم، أو الخروج من دائرة سوق الكمبيوترات الشخصية بحلول العام 2020، وفقاً لنتائج آخر التقارير الصادرة عن مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر. وفي حال قررت هذه الشركات البقاء في السوق، ينبغي عليها وبسرعة تحديد طبيعة التغييرات التي ستجريها، أو ما طرح البدائل الكفيلة بمواكبتها لتداولات وعمليات سوق الكمبيوترات الشخصية الحالي المفتوح والمتقلب.
في هذا السياق قالت تريسي تساي، نائب رئيس الأبحاث لدى مؤسسة الدراسات والأبحاث العالمية جارتنر: “تغير نموذج الأعمال في سوق الكمبيوترات الشخصية الذي اعتدنا معرفته إلى غير رجعة، حيث لم تستحوذ أكبر خمس شركات في مجال توريد الكمبيوترات الشخصية المحمولة سوى على 11 بالمائة من الحصة السوقية خلال السنوات الخمس الماضية، مرتفعةً بذلك من 65 بالمائة خلال العام 2011، إلى 76 بالمائة خلال النصف الأول من العام 2016، لكن هذه النسبة جاءت على حساب العائدات المربحة. ورغم أن هذا الأمر لا يشير بالضرورة إلى أن سوق الكمبيوترات الشخصية سيبلغ نهايته، إلا أن معدل استخدام الكمبيوترات الشخصية سيواصل تراجعه على مدى السنوات الخمس القادمة، المترافق مع استمرار انخفاض عائدات وأرباح شركات توريد الكمبيوترات الشخصية”.
وأضافت تساي: “لم تعد الطريقة التقليدية المتبعة في اكتساب حصة في سوق الشحن تقوم على منافسة الأسعار لتحفيز الطلب، وخاصة على مستوى سوق الكمبيوترات الشخصية خلال السنوات الخمس القادمة. لذا، يتوجب على شركات توريد الكمبيوترات الشخصية اليوم التكيف مع الحقائق الجديدة التي تعيد صياغة مفهوم الاستهلاك، بما فيها حقيقة أن مستخدمي الكمبيوترات الشخصية يمددون من العمر الافتراضي لأجهزتهم حتى النهاية، وهجرة التطبيقات التجارية للكمبيوترات وطرق التخزين نحو السحابة، إلى جانب تراجع الاعتماد وبشكل حاسم على أداء الكمبيوتر، يجعل من الأسعار والمواصفات غير مبررة وكافية بالنسبة للمستخدم كي يقوم بتحديث أو ترقية جهازه، إلى أن نقطة التميز الحقيقية تنبع من توفير تجربة عمل جديدة وأفضل للعملاء”.
هذا، وقد قامت مؤسسة جارتنر بتحديد أربع استراتيجيات بديلة بإمكان شركات توريد الكمبيوترات الشخصية اتباعها للتكيف مع سوق الكمبيوترات الشخصية في المستقبل، وهي تستند على خبرة وأصول الشركات، وتشغيل الأعمال، والابتكار التقني، وتجديد نماذج الأعمال بشكل كامل.
البديل الأول – المنتجات الحالية ونموذج العمل الحالي
يعد هذا الخيار المنهجية الأكثر تحفظاً، تقوم من خلالها شركة التوريد بتشغيل عمليات الأعمال الحالية، وبيع المنتج الحالي من الكمبيوترات الشخصية، وهو يتطلب وجود كميات إنتاج كبيرة لتوليد السيولة النقدية الكافية لتغطية تكاليف العمل. لذا، وفي ظل تراجع معدل نمو السوق، لا مفر من عمليات اندماج الشركات، وذلك من أجل حماية أعمال شركات الكمبيوترات الشخصية، والحفاظ عليها، لكن مستوى المخاطر الذي سيعترضها مرتفع، لا سيما في ضوء تركيز شركتي إنتل ومايكروسوفت على بديل المضي قدماً.
وهو ما تطرقت إليه الآنسة تريسي تساي بالقول: “ينبغي على شركات توريد الكمبيوترات الشخصية تبسيط عملياتها، وابعاد تركيزها واهتمامها عن موضع اكتساب المزيد من الحصة السوقية، والعمل على رفع نسبة مبيعات المنتجات عالية ومتوسطة التقنية، وذلك من أجل تحسين مستوى الأرباح التشغيلية واستدامة الأعمال على المدى الطويل. ومن العوامل الرئيسية الأخرى التي ستوجب على الشركات تغييرها هو مخطط تعويض المبيعات، حيث يجب تحفيز شركات توريد الكمبيوترات الشخصية على دفع فرق مبيعاتها الداخلية وشبكة شركائها للابتعاد عن التركيز على حصتهم السوقية وحجمها، والاهتمام عوضاً عن ذلك بفروق أسعار البيع والشراء، ومستوى الأرباح. كما ينبغي على شركات توريد الكمبيوترات الشخصية ابعاد تركيزها واهتمامها عن العملاء من الموزعين الذي يعملون وفقاً لمتطلبات المستخدمين”.
البديل الثاني – المنتجات الحالية ونموذج العمل الجديد
يقترح هذا الخيار قيام شركات توريد الكمبيوترات الشخصية بتشكيل فريق عمل جديد من أجل تجربة نماذج الأعمال والعائدات الجديدة لمنتجات الكمبيوترات الشخصية، بما فيها الكمبيوتر الشخصي كخدمة. وضمن هذا السيناريو، سيعمل نموذج الأعمال بانسيابية، ما يتيح له إمكانية معالجة المخاطر، وتقبل حالات الفشل. وعلى سبيل المثال، بإمكان شركات التوريد إرساء شراكات مع شركات نشر المحتوى التعليمي الرقمي. وبإمكان شركات توريد الأجهزة من فئة اثنين في واحد دمج منتجاتها مع المحتوى الرقمي استناداً على قاعدة الاشتراك، بحيث يقدم الكمبيوتر الشخصي مجاناً للمستخدمين، لكنه مدعوم بخدمات الشركة التابعة، أي شركة النشر.
البديل الثالث- المنتجات الجديدة ونموذج العمل الحالي
يعتبر البديل الثالث الوسيلة الأكثر تحفظاً لاستكشاف عروض المنتجات الجديدة، والفرص الجديدة المطروحة في السوق، مثل تصنيع الكمبيوترات الشخصية الأكثر ذكاءً من حيث الاستشعار، والحديث، والاحساس، واللمس، ما يوسع من نطاق المنتجات الجديدة الخاصة بالمنازل المتصلة بالإنترنت، أو يطور منتجات تستهدف الأسواق الرئيسية. ويعد هذا الخيار طريقة تدريجية تتيح لشركات توريد الكمبيوترات الشخصية التوسع من خلال طرح منتجات جديدة تقوم على نماذج عملها الحالية.
البديل الرابع – المنتجات الجديدة ونموذج العمل الجديد
البديل الرابع هو السبيل الثوري للانتقال نحو العمليات والمنتجات التجارية المبتكرة. وضمن هذا السيناريو، بإمكان شركات توريد الكمبيوترات الشخصية تأسيس وحدة أعمال جديدة لإدارة الأعمال ضمن منهجية مختلفة، ولاستكشاف الحلول التقنية الجديدة، وذلك بهدف إنشاء خط إنتاج جديد بالكامل. وهذا الأمر يتضمن العمل مع شبكة شركاء جدد وبائعي البرامج المستقلين (ISVs)، إلى جانب إرساء الشراكات الجديدة مع المؤسسات والشركات الصاعدة. وقد يكون نموذج المصادر والعائدات الجديد مختلف تماماً عن الهيكلية الحالية المتبعة في شركة التوريد.
على سبيل المثال لا الحصر، قد تكون عبارة عن رجال آليين كمساعدين شخصيين، حيث بإمكان الكمبيوتر الشخصي العمل بمثابة “الخادم الشخصي في مجال المعلومات” داخل المنزل، بحيث يجمع ما بين دردشة الآلات فيما بينها، والمساعد الشخصي الافتراضي الذي ينفذ الأوامر الصوتية، والعائدات المجنية من المطورين ومنشئي المحتوى من طرف ثالث، ومقدمي الخدمات، تماماً كما هو الحال في متاجر البيع بالتجزئة، أو الرعاية الصحية، أو التعليم، أو الفيديو، أو الموسيقى.
وتختتم تريسي تساي حديثها قائلةً: “ينبغي على قادة الأعمال في شركات توريد الكمبيوترات الشخصية التفكير في نتائج الأعمال استناداً على البدائل الأربعة المطروحة، والتي جرت مناقشتها آنفاً. وقد تحتاج بعض شركات التوريد إلى اتباع استراتيجية أعمال ومنتجات جديدة بالكامل من أجل الارتقاء بوضعهم ومكانتهم في السوق. كما يتوجب على شركات توريد الكمبيوترات الشخصية تحديد الكفاءات الأساسية، وتقييم مصادرها الداخلية، وتبني نموذج أو أكثر من نماذج الأعمال والمنتجات المبتكرة للبقاء في سوق الكمبيوترات الشخصية، أو مغادرته”.