غوغل

يعتبر "كلاود" تقنية عالية الإمكانيات لتخزين البيانات والمعلومات.. كما أنها تقنية أصبحت واسعة الانتشار أخيرا، إذ تستهدف توفير مساحات هائلة للتخزين على أجهزة المحمول، والحاسبات الآلية.. إلى جانب حفظ المعلومات (بشكل يضمن استرجاعها)، إذا ما تعرضت لأى عملية من عمليات التلف، أو الإتلاف (عبر عمليات الاختراق). وأما العبارة نفسها (أي: قابلنا في "تل أبيب".. وشاهد بنفسك إلى أين سيأخذك كلاود)، فكانت الشعار الذي اختارته شركة (غوغل) ، لتعنون به القمة التي عقدتها قبل يومين داخل مركز (تل أبيب) للمؤتمرات !

ورغم أن القمة المدعومة من قبل أجهزة الاستخبارات في إسرائيل، شارك بها نحو 3500 مبرمج، ومطور، ومهندس (منهم: 50 شخصا من كبار مسؤولي شركة غوغل بالكيان الصهيوني).. إلا أنها كانت محلا لعملية من التعتيم النسبي، من قبل كل من: الإعلام الغربي، والإعلام العبري على السواء !

 وفي الحقيقة.. فإن العلاقة (الأكثر علانية) التي تربط بين شركة (غوغل) والحكومة الإسرائيلية، تعود للعام 2006م، عندما افتتحت الشركة مكتبها المكون من أربعة طوابق، في برج (ليفينشتاين)، بوسط (تل أبيب.. لتتجذر العلاقة بعد ذلك، بشكل أعمق.. حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتانياهو) علق قائلا في العام 2012م: (العالم يتحرك بسرعة، ونحن نقود الطريق)، في إشارة إلى أن إسرائيل تعد ثاني أكبر مركز في العالم لشركات التكنولوجيا الناشئة بعد (سيليكون فالي) الأميركية.. ولإثبات التقارب بين غوغل وإسرائيل، استخدام نتنياهو وقتها شعارا مشتركا يجمع بين إسرائيل وغوغل، فظهرت كلمة google بالإنجليزية، مع استبدال حرف الـ L بالشمعدان اليهودي (مينورا).

ولا يعد مكتب (غوغل) هو الوحيد، بل هناك مكتب آخر للشركة يعمل به حوالى 80 مهندسا ويتخذ من مدينة (حيفا) مقرا له. والتقارب بين الطرفين بدأ يأخذ شكلا جديدا في الوقت الجاري، إذ يرغب الجانبان، في إقامة شراكة قوية فيما يتعلق بتقنية (كلاود) لتخزين البيانات والمعلومات،  بما يُمثل – وفقا لمؤشرات التعاون بين الطرفين مرحلة جديدة من مراحل التجسس والاختراق في الشرق الأوسط بشكل موسع.

 فتقنية (كلاود) تعتمد عليها العديد من الشركات، فضلا عن الأفراد العاديين الذين يلجأون إلى هذه التقنية لحفظ كل معلوماتهم الخاصة، خوفا من ضياعها.. غير منتبهين إلى أن المعلومات التي يضعونها على (كلاود) تصبح في الحال تحت سيطرة (جهة أخرى) يمكنها الاطلاع عليها، وتحليلها، والاستفادة منها!

 وهو أمر يعكسه – إلى حد بعيد – نص الدعوة للمؤتمر.. إذ ذكرت الدعوة للمشاركين ما نصه:

 اختر أيضا من بين أكثر من 28 جلسة (GOOGLE CLOUD PLATFORM)، أو (غوغل كلاود بلاتفورم) مخصصة لمصالحك من الرؤى والإستراتيجيات، للتعرف على كيفية معالجة كميات البيانات الكبيرة)..

و(غوغل كلاود بلاتفورم)، هي مجموعة من الخدمات التي تقدمها شركة (غوغل)، ويطلق عليها مصطلح (الحوسبة السحابية) (أى كل ما يمكن المستخدم من عمل مواقع، وتطبيقات لا يحتاج فيها لتثبيت التطبيق على جهازه، وإنما يستخدمه مباشرة عن طريق الاتصال بالإنترنت).. وبالنسبة لـ (كلاود)، فهو يعمل على البنية الأساسية نفسها، التي يستخدمها (غوغل) تجاه الشخص المستخدم، لكن إلى جانب مجموعة إضافية من أدوات الإدارة، بما في ذلك الحوسبة، وتخزين البيانات، وتحليلها،  والتعلم الآلى.. كما يتم التسجيل خلال عبر تفاصيل بطاقة الائتمان، أو الحساب البنكي !!

المؤتمر تضمن هذا العام – بشكل استثنائي – مجموعة  واسعة من المحتويات، والخبرات التجريبية، التي سوف توفر للمطورين ومديرى تقنية المعلومات فرصة لمواكبة أهم تطورات مجال (كلاود) بما يضمن الوصول إلى مزيد من المعلومات  الحيوية.

 أما (كلاود) – (أو تلك السحابة الإلكترونية يدور الحديث عنها)، فهي تساعد – بحسب الظاهر – مستخدمي الإنترنت في التحرر من الكمبيوتر، وتحكمه في الوصول إلى المعلومات المخزنة، أو  تفادى ضياع المعلومات بداخله، نتيجة لحدوث  أى عطل به.. وبطريقة أخرى نجح المبرجمون من خلال ابتكار تلك التقنية  في تخزين أى شكل من أشكال المعلومات عليه، مهما  اختلفت أيضا طريقة الوصول إليها، سواء من طريق الكمبيوتر، أو الهاتف المحمول.. وتبقى المعلومات في ذلك المكان، بعيدا عن احتمالات التخريب والضياع.

 لكن في الوقت نفسه، لكل عملة وجهان: فكل المعلومات المُخزنة على التقنية المطورة، هى كتاب مفتوح أمام المبرمجين، والقائمين على البرنامج.. ومن السهل أمامهم فتحها، أو نسخها، أو اتخاذ أى قرار بشأنها حتى وإن أشاعوا أنه محرم عليهم المساس بخصوصية الأفراد!.. وربما تكون الخمس سنوات الماضية، هى خير دليل  على ما يحدث في هذا السياق... خصوصًا بعدما نشرت الصحف العالمية تقارير، وأخبارا كثيرة أفادت باختراق خصوصيات الأشخاص!

أكد موقع (أناشيم أومحشفيم) الإسرائيلي (وهو أكبر هيئة إعلامية في الكيان الصهيوني لمتابعة الأخبار التكنولوجية)، جانبا مهما هو الآخر، مما حصلت عليه (روزاليوسف) من معلومات.. إذ نقل بعض تعليقات المشاركين بالمؤتمر.. وكان من بين تلك التعليقات ما صرح به الرئيس  التنفيذي لشركة (غوغل) داخل الكيان (باراك ريجيف) (المسؤول عن قيادة نشاط (كلاود) في مناطق (أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا)، بأن (كلاود، هو مفترق الطرق، إذ سيجلب لنا أفضل استخدام للحوسبة، وسيوفر إمكانيات أسرع لتقديم الخدمات المطلوبة، مضيفا أنها الطريقة الصحيحة للعثور على (القيمة المخفية للمعلومات) في البيانات الظاهرة، قائلا: (كلاود يسهل عملية تحويل البيانات إلى معرفة متعمقة)!

 وأضاف (ريجيف) أن شركة (غوغل) أعلنت مؤخرا عن نيتها في الاستحواذ على شركة (فيلوستريتا)  الإسرائيلية الناشئة، التي تعمل في مجال عالم (كلاود)، نظرا لأنها تقدم حلولا للشركات والمنظمات، لتحول طريقة عملها إلى (سحابة هجينة) – وهى إحدى أنواع السحب المبتكرة المفيدة لوظائف الأرشفة، وإنشاء النسخ الاحتياطية – مما يوفر لها مساحة تخزين كبيرة، ويتيح لها نقل التطبيقات من السحابة إلى التخزين الداخلى، والعكس صحيح في دقائق).

 ثم قال: (على مر السنين، استثمرنا بكثافة  في بناء بنية  تحتية شاملة لتكنولوجيا السحابة الإلكترونية.. ونواصل الابتكار مع منصات، وخدمات الحوسبة المتقدمة  في مجال الـ(كلاود).. موضحاً أنهم مستمرون في تنفيذ سياساتهم وإقناع عدد آخر من المؤسسات، بنقل بيئة، وطريقة عملها إلى نظام (غوغل كلاود)، بحجة الاستفادة من تقنيتها بشكل أفضل !!

 وشركة (فيلو ستريتا)، هي شركة متخصصة في مساعدة الشركات الأخرى على نقل البنية التحتية الداخلية لهم إلى مقدمى الخدمات السحابية.. وعدد العاملين بها لا يتعدى 25 موظفا.. إلا أنها حصدت نحو 31.5 مليون دولار، منذ افتتاح الشركة في العام 2014!!

 وفيما لم يكشف الرئيس التنفيذي لشركة غوغل في إسرائيل  عن شروط الصفقة التي أبرمت قبل 20 يومًا فقط من المؤتمر، أو مبلغ الاستحواذ.. إلا أن موقع (أناشيم أومحشفيم) أشار إلى أن حجم الصفقة يُقدر بعشرات الملايين من (الشيكل) الإسرائيلي.

 كما نشر الموقع تصريحا للرئيس التنفيذي للشركة الإسرائيلية (إيسى بن شول)، قال فيه: (نحن فخورون بتوحيد الجهود، والمساعدة في تمهيد الطريق أمام عملاء المؤسسات، لتحويل طريقة عملهم  الهام إلى (غوغل كلاود بلاتفورم). ونتطلع لمواصلة رحلتنا معا في المستقبل، كوننا جزءا من (غوغل كلاود).. وذلك بعد أن أنشأنا فريقا من خبراء تحسين الشبكة، الذين عملوا معا لسنوات عديدة.

داخل المؤتمر نفسه أشار نائب رئيس قسم الهندسة في شركة (غوغل)، (إيال مانور)، وهو أحد المشاركين في صفقة الشركات السابقة، إلى أن صفقة تقاسم المسئوليات تلك ستساعدهم على تحسين قدرات عمل (كلاود) في اتخاذ القرارات لدى المؤسسات، من خلال تكنولوجيا (التعلم الآلي)، وبالتالى سيقلل الفجوة بين البيانات والتوقعات.

 والتعلم الآلى، هو أشهر فروع الذكاء الاصطناعى،لأنه يعتمد على تعليم الآلة، من خلال الاحتفاظ بالمعلومات، وتحليلها، ومقارنتها ثم مطابقتها ببعضها، للتوصل إلى النتائج والأحكام.

 أما مدير مهندسي (غوغل كلاود)، والمتحدث الرئيسي باسم  الشركة داخل الحكومة الإسرائيلية (ديفيد كروس) فربما يكون صاحب التصريحات الأكثر ريبة في الموضوع؛ إذ قال : إن العالم – الآن- لديه خمسة مليارات من الهواتف الذكية، وهو رقم سوف يزداد بشكل كبير. لذلك فهو يرى أن هذا سيولد كمية ضخمة من البيانات، أكثر مما هى عليه الآن..  حيث تصل في الوقت الحالى إلى 2.5 مليون تيرا بايت في اليوم الواحد. بالإضافة إلى إجراءات 1.8 مليار عملية شراء عبر الإنترنت يوميا. مؤكدا أنها تعد فرصة كبيرة جدا، لأن هذه البيانات يمكن رسمها في هيئة معلومات!

وشدد (كروس) على أن أمن المعلومات من عمليات الاختراق الأجنبية، هو أساس النجاح في أى بنية تحتية قوية.. موضحا أنه يتم تطبيق الأمن على جميع طبقات نظام تكنولوجيا  المعلومات، من المعالجات إلى المحطات، ومن الأجهزة إلى البرامج، ومن التخزين إلى أنظمة التشغيل، من التطبيقات إلى الشبكات.. قائلا: (لدينا شبكة  بين المحيطات والقارات، وبين مراكز البيانات المختلفة)!

 المؤتمر حضره – كذلك – عدد من المسؤولين، مثل: المدير الفنى بمكتب رئيس قسم التكنولوجيا الرئيسى لغوغل كلاود (دينيس ديميير)، ورئيس قسم تسويق المنتجات (آدم جليك)، ومديري كبار المنتجين (براجاكتا جوشى، وأندى تشانج)، ورئيس تسويق برنامج (كلاود ستوريدج) التابع لغوغل كلاود (كريس تالبوت)، ومدير برنامج (تطبيقات غوغل) لمناطق أوروبا، والشرق الأوسط، وإفريقيا (جيروم جراتو)، وأخصائى التعليم الآلي في الشرق الأوسط (أروين هويزينجا) ومهندس الحلول (جوهانس باسنج)، وأخصائى البيانات الضخمة  لمناطق أوروبا  والشرق الأوسط، وإفريقيا (روبرت ساكسباي).. إلى جانب عدد من المبرمجين، والمهندسين داخل شركة (غوغل)، مثل: توم جراى، ومارك كارتر، وكريس تالبوت، ودوج ستيفنسون، وجوردن تيجانى، ومارسيلو شتاينر، وماثيو مايران، وميجول دى لونا جوميز، ورامى شالوم، وثيو جاميلي.