نيويورك ـ رم
في إطار الحديث عن الأسلحة السرية التي تحاول واشنطن من خلالها الهيمنة على مقدرات العالم، جاء الحديث مؤخرًا عن إطلاق واشنطن عبر سلاح الجو الأميركي مركبة جديدة وغامضة تحمل اسم X-37 BOTV وتعرف بطائرة الفضاء. وأثار هذا الإطلاق الكثير من الجدل في الأوساط الأمنية والعلمية بسبب ندرة المعلومات المتوافرة حول طبيعة المركبة وقدراتها والأهداف التي دفعت واشنطن لتطويرها. وبينما قال البعض إنها مقدمة لتصميم طائرات فائقة السرعة أو لإعداد جيل جديد من المركبات القادرة على الحلول محل برنامج مكوك الفضاء الحالي، حذرت أوساط علمية وعسكرية أميركية، من إمكانية أن تكون طائرة الفضاء عبارة عن سلاح سري جديد يمكنه توجيه ضربات إلى أهداف على الأرض بسرعة فائقة. وتقول مديرة مؤسسة أمن العالم فيكتوريا سامسون لشبكة 'سي ان ان' الإخبارية الأميركية: 'إن هناك قلق كبير حيال هذه المركبة وإمكانية أن تكون قادرة على تدمير الأقمار الصناعية للدول المعادية، أو قابلة للاستخدام كأداة للرد السريع بسبب سرعتها في الوصول إلى الأماكن المستهدفة حول العالم'. وصممت الطائرة للتحليق لأشهر كاملة في الفضاء بعد أن انطلق صاروخ يحمل الطائرة الفضائية في مهمة تجريبية من قاعدة كيب كانافيرال بولاية فلوريدا. وتهدف المهمة إلى اختبار أنظمة التوجيه وأنظمة أخرى للطائرة خلال المرحلة الأولى، ولم يكشف سلاح الجو الأميركي عن الحمولة التي تنقلها الطائرة، أو نوع التجارب التي ستقوم بها، ويصل طول جناح هذه الطائرة إلى أربعة أمتار ونصف وطولها نحو 10 أمتار وتزن نحو خمسة آلاف كيلو غرام وصممت الطائرة بطريقة تسمح لها بالبقاء في مدار فضائي منخفض لنحو 270 يومًا إذ تسمح لها بطاريات خاصة مصنوعة من 'الليثيوم المؤين' والخلايا الشمسية بالبقاء تلك المدة الطويلة، والطائرة من صنع وحدة فانتوم السرية التابعة لشركة بوينغ. وبدأ برنامجها في عام 1999 بتوجيه من قبل إدارة الطيران والفضاء الأمريكية ناسا ثم جرى نقله في عام 2004 إلى مشاريع الأبحاث الدفاعية المتطورة 'داربا' التابعة لوزارة الدفاع الأميركية قبل أن يصل في نهاية المطاف إلى القوات الجوية. الطبيعة السرية للمشروع أثارت تكهنات بشأن الدور الذي ستلعبه الطائرة في الجيش الأميركي، فالبعض يقول إنها يمكن أن تستخدم في التجسس على الاتصالات أو لنشر أقمار صناعية صغيرة، كما أعرب البعض عن مخاوفه من أن تكون الطائرة، بداية لسباق تسلح في الفضاء، وهو ما ترفضه القوات الجوية الأميركية رفضًا قاطعًا، ويقول مسؤولون في برامج الفضاء بسلاح الجو الأميركي ومنهم غاري بايتون إن العمل يجري حاليًا في نسخة ثانية من طائرة الفضاء، وتحدد لها مبدئيًا رحلة تجريبية ولم يكشف المسؤولون النقاب عن تكلفة البرنامج. ولعل السؤال الذي يطرحه كثير من المراقبين العسكريين هل نحن إزاء إحياء لبرنامج حرب الكواكب من جديد؟. وتعود فكرة هذا البرنامج إلى عام 1981 عندما وصل الرئيس الأميركي رونالد ريغان إلى سدة الرئاسة، وهي باختصار شديد كانت تهدف ضمن أهداف كثيرة إلى نشر شبكة صاروخية في الفضاء تغطي كل سماوات أميركا وتقيها ضربات الاتحاد السوفيتي سابقا، إذ مضت إدارة ريغان في هذا البرنامج وقطعت فيه شوطًا طويلًا غير أن انهيار الاتحاد السوفيتي كان عاملًا مثبطًا في طريق البرنامج، حيث أعلن بطريقه شبه رسمية أن العمل توقف فيه خلال السنوات الأخيرة، فهل ما جرى مؤخرًا هو محاولة مستترة ولو على استحياء لإعادة بث الروح في هذا البرنامج. هناك نفي رسمي لكنه غير كاف، فعلى سبيل المثال يقول غاري بيتون وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون أبحاث الفضاء إن المركبة الفضائية الجديدة لا تدخل ضمن ما يعرف بـ'برامج التسليح الفضائية' ، واعتبر أن الأمر لا يعدو إنتاج مركبات صغيرة الحجم، وقادرة على أداء نفس دور مكوك الفضاء. أما ديفيد هاملتون مدير برنامج تطوير الإمكانيات الفضائية في سلاح الجو الأميركي فقال إن المركبة الجديدة ستحدث ثورة في مجال أسلوب تعامل سلاح الجو مع الفضاء، من خلال توفير إمكانية غزوه باستخدام نقالات تشبه الطائرات.