القاهرة - مصر اليوم
تعد عملية جعل الأشياء أكثر ذكاءً من خلال الاتصال ودمج المستشعرات وبناء برمجيات الذكاء الاصطناعي في داخلها بالنسبة لمعظم المنظمات التحدي الأكبر في السنوات الخمس المقبلة، حيث سوف يصبح كل شيء أكثر ذكاء من الناحية النظرية، لكن القيود المفروضة على رقاقات الحاسب الحالية تعمل على إبطاء العملية، إذ إن تقنيات اليوم ببساطة ليست على مستوى المهمة، وهو ما تدركه شركة Graphcore الناشئة التي تتخذ من بريستول مقراً لها، والمسؤولة عن تطوير شريحة جديدة للمساعدة في تسريع عملية اعتماد الذكاء الاصطناعي.
وتعمل بعض الشبكات العصبونية بشكل جيد بما فيه الكفاية باستخدام الحوسبة السحابية ومجموعات البيانات الضخمة، مع ذلك، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر قوة تكافح أثناء تطويرها من أجل معالجة الحسابات المعقدة السريعة بسرعة عند استخدام وحدات معالجة الحاسب الحالية التي تعمل بالتتابع، وبعبارة أخرى، تقليل زمن الاستجابة.
ويضيف نيجل تون Nigel Toon، الشريك المؤسس لشركة Graphcore: “منذ 70 عامًا، قمنا ببرمجة أجهزة الحواسيب للعمل طبقًا للتعليمات خطوة بخطوة، إلا أن الذكاء الاصطناعي ينطوي على تعلم الحواسيب والتكيف مع البيانات التي يعالجونها، ويعتبر الحديث بسيطًا بما فيه الكفاية للفهم، ويمكن التعامل معه من خلال التكنولوجيا القائمة في الوقت الحالي، إلا أن فهم اللغات بأكملها والسياق الذي تقال فيه الكلمات أكثر صعوبة، ويتطلب من الأنظمة تخزين البيانات والتعمق في ذاكرتها لفهم خلفية المحادثات، وتختلف الأمور المطلوبة للتعلم من البيانات بشكل كبير عن العملية التقليدية، إنه نوع مختلف تمامًا من عبء العمل”.
وتعتبر الحلول المؤقتة، بما في ذلك وضع وحدة المعالجة المركزية في السحابة لمشاركة مقدار العمل الذي يجب أن تقوم به واستخدام وحدات معالجة الرسوميات، ليست سريعة بما يكفي لعالم الذكاء الاصطناعي السريع التطور، وتعمل العديد من الشركات مثل جوجل وأمازون وآبل على أجهزة لحل هذه المشكلة، مما أدى إلى ضخ سيل غير مسبوق من رؤوس الأموال ضمن شركات التكنولوجيا الناشئة.
وكان نيجل تون قد أطلق في عام 2012 شركة إيسيرا لأشباه الموصلات Icera، وذلك بالتعاون مع الشريك المؤسس سايمون نولز Simon Knowles، والتي تم بيعها في عام 2011 إلى شركة صناعة الرقاقات إنفيديا Nvidia مقابل 435 مليون دولار، وقد ساعده هذا المشروع في التفكير بالقيود المتعلقة بالأجهزة التي يواجهها الذكاء الاصطناعي.
وتواصل نيجل تون وسايمون نولز خلال عام 2016 مع الباحثين للتعرف على المشاكل التي تواجههم وخططهم المستقبلية، وقررا العمل انطلاقًا من المبادئ الأولى والتفكير بشكل أقل فيما يتعلق بالتعليمات البرمجية والتركيز بشكل أكبر على الحاسب نفسه، حيث يتطلب الحل الجديد الخاص بهم بناء نوع جديد تمامًا من المعالجات، والتفكير في أعباء العمل التي يتحملها جهاز الحاسب بطريقة مختلفة.
وتعمل وحدات المعالجة المركزية عادًة على حل المشاكل عن طريق تجميع كتل البيانات، ومن ثم تشغيل الخوارزميات أو العمليات المنطقية على تلك المعلومات بالتسلسل، وتمتلك الرقاقات رباعية النوى الحديثة أربع معالجات متوازية، كما تحتوي وحدات معالجة الرسومات المصممة للألعاب على معالجات متوازية يمكنها تنفيذ مهام متعددة في نفس الوقت.
وتحتاج أجهزة الحاسب في ظل وجود أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى سحب كميات هائلة من البيانات بشكل متوازي من مواقع مختلفة ثم معالجتها بسرعة، وتعرف هذه العملية باسم الحوسبة الرسومية، والتي تركز بدورها على العقد والشبكات بدلًا من التعليمات، وتركز رقاقة Graphcore الجديدة، وهي وحدة معالجة ذكاء IPU، على الحوسبة الرسومية بالتوازي مع حوسبة الفاصلة العائمة منخفضة الدقة.
وتمتلك هذه الرقاقة أكثر من 1000 معالج تتواصل مع بعضها البعض لمشاركة أعباء العمل المعقد المطلوب للتعلم الآلي، حيث يقول نيجل تون: “إن بنية الأجهزة بسيطة ومباشرة، ولا يمكنك ببساطة الوصول إلى مرحلة الأجهزة ومن ثم محاولة معرفة كيفية كتابة البرنامج من خلالها”، ويكمن الاختلاف في كيفية تواصل المعالجات الفردية على الشريحة مع بعضها البعض والذاكرة الخارجية، والتي يتم تشغيلها من خلال برنامج Poplar الخاص بشركة Graphcore.
ويقوم برنامج Poplar بتحريك البيانات عبر الرقاقه بشكل أكثر كفاءة، مما يعني أقل قدرة معالجة مهدرة، كما يفعل ذلك في الوقت المناسب، وذلك باستخدام جميع المعالجات بشكل متسلسل، بحيث تعد تحسينات الأداء هامة إلى حد كبير، إذ يمكن لشريحة Graphcore معالجة خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة بسرعة تصل إلى عشرة أضعاف بالمقارنة بأكبر معالجات وحدات معالجة الرسوميات المتوافرة اليوم.
وتدعي شركة Graphcore أن معماريتها للتعامل مع البيانات ومعالجتها سوف تصبح أكثر فعالية بمقدار 100 مرة من أقوى وحدة معالجة رسوميات، مما يؤدي إلى فتح فرص وتطبيقات جديدة للناس.
ويبدو أن هذه الرقاقة تحظى بالكثير من الاهتمام، إذ قامت الذراع الاستثمارية لشركة سيكويا كابيتال Sequoia Capital، والتي تركز على الاستثمار ضمن صناعة التكنولوجيا واستثمرت سابقًا ضمن شركات مثل جوجل وآبل، بتقديم مبلغ 50 مليون دولار للمشروع لمساعدته في النمو، ومع الوصول إلى الجيل القادم من تكنولوجيا السيليكون واستمرار قانون مور، يمكننا الحصول على المزيد من الترانزستورات في مساحة أصغر، مما يجعلنا نرى أشخاصًا يحققون اختراقات جديدة بفضل الذكاء الاصطناعي