القاهرة- هناء محمد
كشف محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، أن مِن أبرز أسباب الأزمة المالية في البلاد الإغلاق التعسفي لإنتاج النفط وتصديره في عام 2013، والذي تسبب في خسائر فاقت 160 مليارا وانعكس ذلك على احتياطيات النقد الأجنبي وأضعف قيمة الدينار وزاد قيمة العملات الصعبة في السوق الموازية.
وأضاف الكبير في مؤتمر صحافي الأحد في طرابلس، أن الإيرادات النفطية تدنت من 53.3 مليارات دولار عام 2012 إلى 4.8 مليارات دولار في عام 2016 بانخفاض نسبته 91 في المئة، وهو ما انعكس على تدني الإيرادات الممولة للميزانية العامة حيث انخفضت من 70 مليار دينار إلى 8.6 مليارات الأمر الذي أثر سلبا على القوة الشرائية للدينار والسوق الموازية.
وكشف الكبير أن سحب كبار المودعين والمتعاملين أموالهم من المصارف واكتنازها وتدويرها خارج المنظومة المصرفية والتي بلغت 30 مليار دينار وهو ما يتجاوز 70 في المئة من الناتج الإجمالي بينما كانت لا تتجاوز 9 في المئة نهاية 2010 أدى إلى خلق أزمة في السيولة النقدية.
وأوضح أن أزمة السيولة المالية يستحيل حلها بطباعة مزيد من النقود بعد تجاوز النقد المتداول للنسب المسموح بها عالميا في الاقتصاد الوطني والآثار التضخمية الخطيرة لتضخم عرض النقود.
كما اعتبر أن الفوضى في تأسيس وخلق الوحدات التجارية الخاصة دون ضبط ولا معايير أدى إلى وجود مئات الشركات المتهافتة على طلب العملة والاعتمادات، مشيرا إلى أن تلك الشركات مارست ضغوطا رهيبة على المصرف المركزي والمصارف التجارية التي لا تتوفر لها منظومات حماية عامة أو ذاتية حسب قوله.
واتهم المحافظ تلك الشركات بإفساد الذمم الضعيفة واستنزاف الاحتياطات النقد الأجنبي دون تحقيق أي قيمة مضافة إلى الاقتصاد الوطني، مؤكدا أن تلك الشركات تمثل 60 في المئة من اقتصاد الظل -الاقتصاد غير المنظم- الذي يستنزف مقدرات الشعب من النقد الأجنبي.
كما اتهم محافظ مصرف ليبيا المركزي تلك الشركات بعدم بدفع المستحق عليها من رسوم وضرائب وتهريب السلع إلى الدول المجاورة.
واعتبر المحافظ أن تضخم أعداد الموفدين إلى الخارج في مختلف المجالات دون حاجة حقيقة لهم ودون معايير معتمدة في تكليفهم ولا مصلحة وطنية في استمرار الإنفاق عليهم بهذا الإنفاق والهدر للمال العام هو أحد أسباب الأزمة المالية.
وأكد الكبير أن من بين الأسباب الرئيسية للأزمة المالية غياب الوزارات والهيئات المسؤولة ضمن الإدارة العامة للدولة منذ عام 2012 منها وزارة الاقتصاد المنوط بها تنظيم التجارة الخارجية والداخلية والأسعار والتوزيع خاصة في الظروف الاستثنائية وأوقات الأزمات.
وأشار الكبير إلى أن من أسباب الأزمة أيضا الزيادة غير المنطقية في الإنفاق العام خاصة بند المرتبات التي قال إنها تستهلك 60 في المئة من الميزانية في الوقت الذي كانت فيه ميزانية التنمية تمثل 51 في المئة من ميزانية عام 2010.
وبرر المحافظ تدهور النظام المصرفي والهبوط في معدلات الائتمان والتمويل والاستثمار في ليبيا وأرجعه إلى الانقسام السياسي والانفلات الأمني وفوضى التشريعات وارتفاع المخاطر واستمرار إغلاق السجل العقاري وعدم وجود البيئة الأمنية والقانونية والإدارية اللازمة لدعم عمل القطاع المصرفي.
وأشار إلى أن من أسباب الأزمة التوسع في حجم السوق السوداء للعملات وازدياد المضاربات بسبب انخفاض إيرادات النقد الأجنبي وازدياد عرض النقود خارج النظام المصرفي وعدم ضبط المنافذ مما أثر سلبا على قوة الدينار الليبي، مشيرا إلى أن المصرف أحال المصرف المركزي ملفات للنائب العام لها علاقة بتهريب الأموال بأكثر من أربعة مليارات دينار.
واعتبر محافظ مصرف ليبيا المركزي أن اللقاء بين رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة عبدالرحمن السويحلي خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لإنهاء الانقسام السياسي، كما أكد أن فتح الحقول النفطية خطوة مهمة ستعزز الثقة في تجاوز الأزمة.
ودعا الكبير إلى ضرورة دعم المؤسسة الوطنية للنفط لتتمكن من الوصول إلى إنتاج وتصدير النفط والغاز إلى مستويات عام 2010 مما يسهم في دعم قوة الدينار الليبي ورفع المعاناة عن المواطن الليبي.
وقال إن مصرف ليبيا المركزي لن يقف عاجزا ولا محايدا أمام الحرب التي تتعرض لها العملة الوطنية واقتصادات الأفراد ومستوى معيشتهم وهو عازم على التدخل بقوة يملكها لضبط الأوضاع النقدية وتحسين الدخول المباشرة للأفراد من خلال الدفاع عن الدينار الليبي.
وأكد الصديق الكبير أنه سيتخذ خطوات عملية جادة بالتنسيق مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والشخصيات الوطنية التي تهمها المصلحة العليا للوطن والمواطن.