رغم الصعوبات التي تواجهها لتشكيل حكومة قادرة على الاضطلاع بوظائفها بشكل كامل تجد السلطات اللبنانية نفسها في وضع يمكنها من التعامل مع حصتها في واحدة من أكبر معاقل الغاز الطبيعي وأكثرها إثارة للخلافات. وبحسب محللين ومصادر في قطاع الطاقة فإن الإجراءات المعقدة وتداعيات الحرب في سورية والنزاعات بشأن الحدود البحرية تشكل عقبات في وجه المستثمرين المحتملين، فيما يرى البعض أن الشروط المالية المقترحة صارمة الأمر الذي يثني الشركات رغم احتمال العثور على موارد كبيرة، وفقا لـ "رويترز". وبعد تأهلها لخوض جولة أولى طال انتظارها لترسية التراخيص لم تعد شركات الطاقة الأوروبية مثل شتات أويل النرويجية وايني الإيطالية تبدي سوى اهتمام فاتر على أفضل الأحوال. واعتبرت مريم الشمة محللة الشأن اللبناني في (آي.إتش.إس إنرجي) أنه استثمار ينطوي على مخاطر بالغة في الوقت الراهن، لأن الوضع السياسي يتجه صوب مزيد من عدم الاستقرار. ويملك لبنان الواقع في شرق البحر المتوسط احتياطيات كبيرة من الغاز، لكنه يقبع أيضا فوق خطوط التماس لصراعات إقليمية مزمنة، ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطيات البحرية من الغاز بما يصل إلى 96 تريليون قدم مكعبة. وإذا تأكد ذلك فسيحتل لبنان المرتبة الخامسة عشرة عالميا من حيث حجم الاحتياطيات بحسب ترتيب (بي.بي) لموارد الغاز العالمية في 2012، لكن من المرجح أن تكون الكميات القابلة للاستخراج أقل بكثير في ضوء نقص بيانات الحفر في لبنان. لكن حتى ذلك الجزء الضئيل يكفي لإحداث تحول بالنسبة لبلد يقطنه نحو 4 ملايين نسمة ويعتمد على واردات باهظة التكلفة من النفط وقد يجعله مصدرا للغاز نظرا للطلب المحلي المحدود، حيث تطمح السلطات اللبنانية إلى تطوير القطاع الذي يرونه ضروريا لتخفيف مشاكل مزمنة مثل الديون وانقطاع الكهرباء. كان وزير الطاقة أرتور نظريان قد حث مجلس الوزراء في الشهر المنصرم على التصديق على قرار لترسيم الامتيازات وتحديد شروط العقود وهي خطوة ضرورية لبدء العطاءات وتعهد بأن المشاكل السياسية لن تكبل يد وزارته. وأصبحت موارد الطاقة المحتملة في شرق المتوسط مصدرا للإثارة والتكهنات منذ 2010، فقد بدأت قبرص وحتى سورية التي تمزقها الحرب تطوير امتيازاتها وطرحها على الشركات ففازت "سويوزنفتجاس" الروسية بعقد للتنقيب المشترك برقعة سورية في كانون الأول (ديسمبر) بينما تأخر لبنان. ومن أكبر مشاكل لبنان عدم التوافق السياسي وحالة الشلل في صناعة القرار الناشئة عن نظام المحاصصة الطائفية الموروث عن حقبة الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990. وذكر أيهم كامل المحلل في مجموعة أوراسيا أن إغراء الامتيازات المحتملة وحتى الواعدة جدا منها يتضاءل على نحو مطرد بالنسبة للشركات، وهناك منعطفات مهمة على لبنان أن يتخطاها أوعقبات عليه أن يذللها قبل أن تصبح هذه فرصة ملموسة حقيقية لشركات النفط العالمية، ففي الوقت الحالي هي مجرد فرصة لا أكثر. وتقول مصادر في القطاع إن هناك أيضا عدم وضوح بشأن حجم الأرباح التي يمكنه تحقيقها من أي اكتشافات للغاز، ومن غير الواضح على سبيل المثال حجم الغاز الذي سيستهلكه لبنان محليا وحجم ما سيسعى لتصديره، فبينما تشتد حاجة لبنان إلى الطاقة فإن محطات الكهرباء لديه لا تستخدم الغاز. وفي حالة التصدير ليس من الواضح نوع البنية التحتية الضرورية وتكلفة تشييدها، ومن المستحيل بسبب الصراعات الإقليمية الدخول في مشاريع مشتركة مع إسرائيل أو سورية وهو ما كان سيخفض تكاليف التصدير. وأشار مصدر في القطاع اطلع على الوضع اللبناني إلى أن النظام الضريبي الذي تقترحه السلطات ويتضمن فرض ضرائب على الأرباح ورسم امتياز 4 في المائة على الغاز باهظ جدا في ضوء المخاطر القائمة. إنهم كمن يريد بيع السمك قبل صيده، وبدلا من تطمين السوق بشأن المخاطر السياسية أثاروا فزع الجميع. وأضاف المصدر أن هناك مؤشرات على رغبة الحكومة في الاحتفاظ بحق إشراك شركات النفط الوطنية في تطوير الحقول وأنهم قد يفرضون تشغيل نسبة كبيرة من العمالة المحلية مما أثار قلق المستثمرين. وشارك في جولة التراخيص الأولى شركات مثل أناداركو، وشيفرون، وإكسون موبيل، وإنبكس، وإيني، وبتروبراس، وريبسول، وبتروناس، وشتات أويل، وتوتال، وشل. نقلاً عن زاوية