القاهرة - مصر اليوم
أكد الدكتور حسين عبد البصير مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية ومدير عام منطقة آثار الهرم السابق أهمية النتائج الأخيرة لمشروع "استكشاف الأهرامات وأسرارها " في هرم خوفو، والتي كشفت عن تجويف ضخم يمتد لمساحة 30 مترا على الأقل ويقع فوق الممر الهابط الذي يربط غرفة الملكة بالملك في قلب الأثر التاريخي، مشيرا إلى أن هذا التجويف هو أول كيان ضخم يتم العثور عليه داخل الهرم الأكبر منذ القرن ال 19.
ورجح عبد البصير في تصريح إلى وكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الخميس، أن يكون هذا التجويف بالهرم الأكبر لتخفيف الحمل عن الممر الهابط الذي يقع أسفله، أو أنه محاولة غير مكتملة لأن يكون هذا التجويف هو الممر الهابط نفسه، أو أن يكون هذا التجويف نتيجة لطبيعة أحجار الهرم.
وقال خبير الآثار إن هذا الاكتشاف يحتاج إلى مزيد من الأبحاث والدراسات للتأكد منه، حيث أنه قد يسهم في فهم أفضل للتصميم المعماري لبناء الأهرامات الذي ما زال لغزا حتى الآن يحير جميع العلماء، موضحا أن هرم خوفو يتكون من مدخل في الناحية الشرقية يؤدي إلى منحدر ثم ممر أفقي يؤدي في النهاية إلى الغرفة الأولى، ومن نفس المدخل هناك ممر أفقي آخر يؤدي مباشرة إلى غرفة دفن الملكة، ثم البهو العظيم الذي يؤدي إلى الغرفة الثالثة وهي غرفة دفن الملك خوفو.
وأشار إلى أن مشروع اكتشاف الأهرامات وأسرارها بدأ في يناير 2016 وتنفذه وزارة الآثار بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة القاهرة ومعهد الحفاظ على التراث والابتكار بباريس وجامعة ناجويا اليابانية، ويهدف إلى استكشاف الهياكل الداخلية والخارجية للأهرامات باستعمال وسائل تكنولوجية حديثة غير ضارة عن طريق توظيف تقنيات تجمع بين المسح الحراري باستعمال الأشعة تحت الحمراء والأشعة الكونية الطبيعية المسماة بـ "ميون" والتصوير ثلاثي الأبعاد.
وأوضح أن هذا الكشف الجديد توصل إليه العلماء باستخدام أجهزة استشعار ترصد جزيئات الميون، والتي تنشأ في الطبقات العليا من الغلاف الجوي الأرضي حيث تتكون من اصطدام الأشعة الكونية مع ذرات الغلاف الجوي وتسقط على الأرض بسرعة الضوء تقريبا وبكمية ثابتة تقترب من 10000 جزئ ميون لكل متر مربع في الدقيقة الواحدة.
وأضاف أنه بوسع هذه الجزيئات الأولية أن تمر بمنتهى السهولة خلال أي مبنى حتى وإن كان يتكون من أحجار كبيرة وسميكة كالجبال، فالكاشفات الخاصة بجزيئات "الميون" إذا ما وضعت في أماكن ملائمة داخل الهرم على سبيل المثال أو أسفل حجرة محتملة لم تكتشف بعد بوسعها أن تبين الأجزاء الفارغة التي تخترقها جزيئات "الميون" دون عائق عن طريق تراكم تلك الجزيئات عبر الزمن وذلك من مناطق أكثر عمقا حيث يتم امتصاص بعضها أو يتم صدها.
وفي ذات السياق علقت صحيفة "الجارديان" البريطانية على هذا الكشف، ونقلت عن مهدي طيوبي مدير مركز الحفاظ على التراث والإبتكار في باريس، قوله: "نحن نعلم أن هذا التجويف الكبير له نفس خصائص الممر الهابط.. إنه أمر مذهل".. "ما نحن متأكدين منه حاليا هو وجود هذا الفراغ الكبير، وأنه لم يكن متوقعا بأي شكل كان"، داعيا المتخصصين في الآثار المصرية لاقتراح أفكار حول الأغراض المحتملة من هذا التجويف حتى يتم عمل نماذج منها ثم مقارنتها مع بيانات فرق الاستكشاف.
كما نقلت الصحيفة في تقرير أوردته اليوم الخميس، على موقعها الإلكتروني، عن عالم المصريات ومدير المتحف السامي بجامعة هارفرد الأمريكية، بيتر دير مانولان، قوله إن اكتشاف التجويف "مرجح أن يكون مساهمة كبيرة في معرفتنا بالهرم الأكبر".
وأضاف عالم المصريات: "أنا متأكد من وجود ثغرات وربما فراغات صغيرة أو تجويفات في عدة أماكن داخل الهرم. لكن ما يجعل هذا التجويف مهما للغاية هو حجمه حيث يبدو منافسا للممر الهابط نفسه في الحجم".
وتابع قائلا: "الميونات لا يمكنها أن تطلعنا على الغرف أو الهيكل أو الحجم المحتمل للأشياء، وحاليا من المبكر التكهن بذلك. أنا أعرف أن معظم الناس يريدون المزيد من المعرفة حول الغرف السرية ومكونات القبول والمومياء المفقودة للملك خوفو، إلا أن لا شيء من هذه مطروح حاليا على الطاولة، لكن حقيقة ضخامة هذا التجويف يضمن وجود المزيد من الاستكشاف في الهرم الأكبر".