القاهرة - مصر اليوم
عبرّت مختلف الفنون التي حملتها قِباب وزخارف وجدران المساجد عن تاريخ عتيق للحضارة الإسلامية وطرازها المعماري .
وأكّد الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي في جامعة الأزهر، ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، أن هناك فرقًا بين المسجد والجامع، فالمسجد ليس به منبر ويقتصر على الصلوات الخمس، ولا يصلى به صلاة الجمعة؛ إنما الجامع فهو مسجد خاص تؤدَّى فيه صلاة الجمعة بالإضافة إلى الصلوات الخمس الأخرى، ويقام فيه الاعتكاف، وسُمِّيَ بالجامع لأنه يجمع الناس لأداء صلاة الجمعة. وحَدّد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، ترتيب المساجد والجوامع طبقًا لأسبقية بنائها في الإسلام.
ورصدت "التحرير "التفاصيل الخاصة بتلك المساجد والجوامع، وتعرضها في السطور الأتية : 1- مسجد قباء.. أول مسجد في الإسلام هو أول مسجد أسس على التقوى وأول مسجد بُني في الإسلام، قال الله تعالى في سورة التوبة: "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إنْ أَرَدْنَا إلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالُ يُحِبُّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ". (التوبة: 107-108). هذه الآيات تشهد لهذا المسجد العظيم بـ"العظمة"، والخير والبركات، والتفوق على غيره من المساجد، فقد جاء في الحديث: "من تطهر في بيته وأتى مسجد قباء فصلّى فيه صلاة فله أجر عُمرة"، وفي حديث آخر: "من خرج حتى يأتي هذا المسجد -يعني مسجد قباء- فصلّى فيه كان كعدل عمرة". يقع هذا المسجد في الجنوب الغربي للمدينة المنورة، ويبعد عن المسجد النبوي نحو 5/3 كيلومترات، وله محراب ومنارة ومنبر رخامي، وفيه بِئر يتنسَب لأبي أيوب الأنصاري، وفيه مُصلّى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم)، وكان فيه مبرك الناقة. وتاريخ إنشاء المسجد لما سمع المسلمون بالمدينة المنورة بخروج رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) من مكة المكرمة، كانوا يخرجون كل يوم إلى الحرة أول النهار، فينتظرونه فما يردهم إلا حر الشمس. ولما وصل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) قرية قباء في شهر ربيع الأول نزل في بني عمرو بن عوف بقباء على كلثوم بن الهدم وكان له مربد، فأخذه منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسس مسجد قباء، وهو أول مسجد أسس على التقوى، وكان (صلّى الله عليه وآله وسلم) ينقل بنفسه الحجر والصخر والتراب مع صحابته. كان النبي (صلى الله عليه وسلم) هو أول من وضع حجرًا في قبلته؛ فكان يأتي بالحجر قد صهره إلى بطنه فيضعه فيأتي الرجل يريد أن يقله فلا يستطيع حتى يأمره أن يدعه ويأخذ غيره، ثم جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه إلى حجر أبي بكر. في عهد خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه تمت توسعة المسجد بشكل كبير وزاد عدد الأبواب، إذ أصبح له ستة أبواب، وفي عهد الخليفة ذي النورين عثمان بن عفان، تم تجديد البناء والاستعاضة عن أغصان النخيل بالحجر وتم توسعة كبيرة في عهده. 2
المسجد النبوي "المسجد النبوي" هو الذي بناه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هو ثاني مسجد في التاريخ الإسلامي، ويتضمن قبر النبي محمد صلى الله عليه وسلم في وسط المسجد تحت ما يسمى بـ(القبة الخضراء). يعد المسجد النبوي الشريف واحداً من المساجد الثلاثة التي يجوز أن تُشّد الرحال إليها، وكما جاء بالحديث الشريف الذي رواه الصحابي أبي سعيد الخدري عن النبي صل الله عليه وسلم قال (لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ، مسجدِ الحرامِ، ومسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا)، كما أن فضل الصلاة به تعادل (1000) صلاة في المساجد الأخرى، وكما قال الرسول بحديثه (صلاةٌ في مسجدي هذا، خيرٌ من ألفِ صلاةٍ في غيرِه من المساجدِ، إلا المسجدَ الحرامَ)، وقد أسسّه النبي الكريم مع الصحابة ليكون المركز الأول لانطلاق الدعوة والإسلام ومنارة للعبادات. عندما هاجر النبي وأصحابه من مكة، بسبب جور وأذى أهلها وحقد سادتها عليه وعلى الدعوة الإسلامية، إلى مدينة يثرب -التي عُرِفت بعدها بالمدينة المنورة-، والواقعة حالياً بالجهة الغربية للمملكة العربية السعودية، وعقب وصوله أخذ الأنصار يطمعون بنيل شرف استضافته، إلا أن الرسول الكريم رفض، وحتى يفصل في هذا الشأن، أمرهم بترك ناقته -القصواء- وإخلاء سبيل سيرها، حتى تبرك بالمكان المأمورة به، لتبرك في مربد سهل وسهيل وهما غلامان يتيمان من الأنصار، حيث قام الرسول بشراء الأرض منهما ودفع ثمنها عشرة دنانير، ليأمر بعدها المهاجرين والأنصار ببناء مسجده الشريف. بدأ الرسول عليه الصلاة والسلام بناء المسجد في اليوم الأول للهجرة، والموافق 622 ميلاديًا بيده المباركة وبمساعدة أصحابه بنقل الحجارة، مرددًا "اللهم إن العيش عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة". تبلغ مساحة المسجد النبوي الشريف (98.500) متر مربع، ويصل عدد المصلين به في الأوقات العادية إلى 600 ألف مُصل، أما في موسم الحج المبارك فيصل العدد إلى مليون مصل.
3- جامع عمرو بن العاص.. الجامع العتيق أول مسجد يتم بناؤه ليس في مصر وحدها؛ إنما في أفريقيا كلها، إذ يرجع تاريخ بنائه إلى عمرو بن العاص، عام 21 هجرية الموافق 642 ميلادية، ويعرف باسم "تاج الجوامع" أو "الجامع العتيق" نظرًا لعمره الطويل في تاريخ مصر الإسلامي. كانت مساحة الجامع وقت إنشائه 50 ذراعاً في 30 ذراعاً وله 6 أبواب، وظل كذلك حتى عام 53 هجرية/ 672 ميلادية، حيث توالت التوسعات فزاد من مساحته مسلمة بن مخلد الأنصاري وإلى مصر من قِبَل معاوية بن أبي سفيان وأقام فيه 4 مآذن، وتوالت الإصلاحات والتوسعات بعد ذلك على يد من حكموا مصر حتى وصلت مساحته بعد عمليات التوسيع المستمرة نحو أربعة وعشرين ألف ذراع معماري، وهو الآن 120 في 110 أمتار.
ظل المسجد على حاله حتى عصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، أمير مصر في عهد معاوية بن أبي سفيان، فزاد في مساحته وزخرف جدرانه وسقفه وأنشأ به 4 صوامع للمؤذنين في أركانه، ونقش اسمه عليه وأمر بعمل المنائر في المساجد "المآذن"، كما فرشه بالحصر بدلاً من الحصباء ثم توالت أعمال التطوير.
وخشي الوزير شاور , بعد الحملة الصليبية على بلاد المسلمين وتحديدًا سنة 564 هجرية، من احتلال الصليبيين لمدينة الفسطاط فعمد إلى إشعال النيران فيها إذ كان عاجزًا عن الدفاع عنها واحترقت الفسطاط وكان مما احترق وتخرب وتهدم جامع عمرو بن العاص. عندما ضم صلاح الدين الأيوبي مصر إلى دولته، أمر بإعادة إعمار المسجد من جديد عام 568 هـ، فأعيد بناء صدر الجامع والمحراب الكبير الذي كسي بالرخام ونقش عليه نقوشًا منها اسمه. 4- الجامع الأموي جامع بني أُمية في دمشق هو أكمل وأقدم آبدة إسلامية -خَوارِقُها وَعَجائِبُهَا- ظلت محافظة على أصولها وجمالها -قبل تعرضه للضرر البالغ بسبب الحرب في سورية- منذ عصر مُنْشِئها الوليد بن عبد الملك الخليفة المصلح الذي حكم من 86-96هـ/705-715م وخلال حكمه كان منصرفاً إلى الإعمار والإنشاء، وكان بناء الجامع من أكثر الأمور أهمية عنده، ولقد استعان في عمارته بالمعماريين والمزخرفين من أهل الشام، ممن كان لهم الفضل في بناء كثير من المباني في دمشق، ولعل منهم من مضى إلى المدينة المنورة في أيام الوالي عمر بن عبد العزيز، وبأمر من الوليد لإعادة بناء مسجد الرسول على طراز الجامع الكبير بدمشق. 5- جامع عقبة بن نافع بالقيروان مسجد عقبة بن نافع بناه القائد عقبة بن نافع (رضي الله عنه) في مدينة القيروان التي أسسها بعد فتح تونس، كان بسيطاً صغير المساحة، تستند أسقفه على الأعمدة مباشرة، من دون عقود تصل بين الأعمدة والسقف.
وحافظ من جددوا بناء الجامع على هيئته العامة، وقبلته ومحرابه، وزادت مساحته كثيراً، ولقي اهتمام الأمراء والخلفاء والعلماء في شتى مراحل التاريخ الإسلامي، حتى أصبح مَعلماً تاريخياً بارزاً ومهماً في تاريخنا العظيم. الشكل الخارجي للمسجد يوحي للناظر أنه حصن ضخم، بسبب جدرانه السميكة والمرتفعة التي شُّدت بدعامات واضحة للعيان. أول من جدده حسان بن النعمان الغساني سنة 80هـ، فقد هدمه كله وأبقى على المحراب وأعاد بناءه بعد أن وسعه وقوى بنيانه. وفي عام 105 هـ قام الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك بالطلب من واليه على القيروان بشر بن صفران أن يزيد في بناء المسجد ويوسعه، فقام بشر بشراء أرض شمال المسجد وضمها إليه، وأضاف لصحن المسجد مكاناً للوضوء. وبنى مئذنة للمسجد في منتصف جداره الشمالي عند بئر يسمى بئر الجنان، وبعدها بخمسين عاماً (155هـ) قام يزيد بن حاتم والي أبو جعفر المنصور على إفريقية بإصلاح وترميم وزخرفة المسجد.
تعتبر مئذنة مسجد عقبة من أجمل المآذن التي بناها المسلمون في إفريقيا، تتكون من ثلاث طبقات مربعة الشكل، وفوق الطبقات الثلاث قبة مفصصة، ويصل ارتفاع المئذنة إلى 31.5 متر. 6- مساجد العراق يقول الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الأزهر، إن عددًا من جوامع العراق، يعد من أقدم الجوامع التي تم بناؤها في الدولة الإسلامية، منها مسجد "البصرة، الكوفة".
ويعد مسجد الكوفة المعظم أو المسجد الأعظم في العراق، من أقدم المساجد في العالم الإسلامي، ولقد بنى المسجد الصحابي سعد بن أبي وقاص، في عام 19هجرية / 739 ميلادية ليكون أول مبنى في مدينة الكوفة التي تحولت فيما بعد إلى كبرى الحواضر الإسلامية ومقر خلافة الإمام علي بن أبي طالب.
وينال المسجد قدسية كبيرة عند المسلمين من طائفة الشيعة خاصة، ويضم المسجد مراقد العديد من الشخصيات الدينية ومن أشهرهم مرقد مسلم بن عقيل. يعتبر مسجد الكوفة رابع المساجد الأربعة التي لها مكانة مرموقة لدى الشيعة الإثني عشرية، وتسبقه المساجد الثلاثة الأولى في المرتبة والسّمو وهي المسجد الحرام، والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، كما يعتبر أحد أقدم الأماكن التاريخية والمقدسة في العراق.
7- جامع العسكر.. في مصر
يشهد التاريخ على حالة اختفاء غامضة، لواحد من أهم المساجد الجامعة التي بنيت في مصر، وهو مسجد "العسكر "الذي بناه العباسيون في القرن الثاني الهجري، حيث كان ثاني مسجد جامع يقام في مصر بعد مسجد عمرو بن العاص، وبالرغم من أن التطورات التاريخية حافظت لنا على مسجد عمرو وكذلك مسجد أحمد بن طولون ثالث المساجد الجامعة، إلا أن مسجد العسكر فُقد وضاع كل أثر له وكأنه لم يكن.
8- جامع أحمد ابن طولون
يعد تحفة معمارية جديدة، ونموذج فريد تاريخ العمارة الإسلامية في مصر، يجمع بين البساطة فى البناء والإبداع فى الزخارف المتشابكة والمتناسقة التى تدل على عظمة الصانع، الذى آثر بناءه فى مكان مرتفع، يعزلك عن العالم الخارجى ويشعرك بالطمأنينة التى تهيئك نفسياً للتقرب إلى الله تعالى أثناء الصلاة والعبادة، كل ذلك يجتمع فى مسجد أحمد بن طولون بمنطقة السيدة زينب. مسجد ابن طولون هو مسجد أنشأه أحمد بن طولون عام 263 هـ، أنفق عليه 120 ألف دينار في بنائه، واهتم بالأمور الهندسية في بناء المسجد، وتعد مئذنته هي أقدم مئذنة موجودة في مصر.
قام السلطان لاجين بإدخال بعض الإصلاحات فيه، وعين لذلك مجموعة من الصناع، كما أمر بصناعة ساعة فيه، فجعلت قبة فيها طيقان صغيرة على عدد ساعات الليل والنهار وفتحة، فإذا مرت ساعة انغلقت الطاقة التى هى لتلك الساعة وهكذا، ثم تعود كل مرة ثانية. في عهد الأيوبيين أصبح جامع ابن طولون جامعة تدرس فيه المذاهب الفقهية الأربعة، وكذلك الحديث والطب إلى جانب تعليم الأيتام. 9- الجامع الكبير.. بالمهدية الجامع الكبير في المهدية عاصمة الدولة الفاطمية، ذو طراز فريد، فهو كالقلعة، يستند جداره القبلي إلى السور البحري للمدينة، وقد تلطمته الأمواج حتى تصدع محرابه العتيق.
وشهد أحداثًا فيها أحرق وهُدّم وأعيد بناؤه مرارا ويتجلى ذلك في بقايا محرابه. يشتمل اليوم على قسمين: الأول وقع تجديده كليًا ويتمثل في بيت الصلاة مع الرواقين الشرقي والغربي، وقسم آخر يتمثل في الرواق الجوفي والواجهة الجوفية اللذان بقيا على شكلهما الأصلي الراجع إلى عهد التأسيس. طرأ عليه بعد الاستقلال عدة تحسينات شملت المنبر الذي استعملت فيه النقوش والزخارف. تزامن بناء هذا الجامع مع تأسيس المدينة في أوائل القرن العاشر ميلادي (أوائل القرن الرابع الهجري)، وكان يعتبر الجامع الرئيسي المخصص للخليفة ولحاشيته. طرأ عليه عدد من التغييرات خاصة في أواسط القرن السادس عشر ميلادي حيث حوله الإسبان إلى كنيسة ومقبرة لقواد الجيش. وقع تجديده سنة 1962 مع احترام مساحته الأصلية والإبقاء على واجهته الرئيسية ومدخله الذي يشبه قوس النصر الروماني. ومن خصائصه أنه لا يحتوي على مئذنة. 10- جامع القاهرة.. الأزهر الشريف هو من أهم المساجد في مصر ومن أشهرها في العالم الإسلامي، وهو جامع وجامعة منذ أكثر من ألف سنة، وقد أنشئ على يد جوهر الصقلي عام (359 - 361 هجرية) عندما تم فتح القاهرة 970 م، بأمر من المعز لدين الله أول الخلفاء الفاطميين بمصر، وبعدما أسس مدينة القاهرة شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ - 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361 هـ - 972 م، فهو بذلك أول جامع أنشى في مدينة القاهرة المدينة التي اكتسبت لقب مدينة الألف مئذنة، وهو أقدم أثر فاطمي قائم بمصر.
و اختلف المؤرخون في أصل تسمية هذا الجامع، والراجح أن الفاطميين سموه بالأزهر تيمنا بفاطمة الزهراء ابنة النبي محمد وإشادة بذكراها. 11- جامع الحاكم.. الجامع الأنور الجامع الحاكمي أو جامع الأنور ثاني أقدم مساجد مدينة القاهرة بعد الأزهر، وبدأ الخليفة الفاطمي العزيز بالله تشييده في رمضان سنة 380هـ (990 م)، وقبل أن يستكمل البناء صليت به الجمعة الثالثة من رمضان عام 381هـ، فلما تولى الخلافة الحاكم بأمر الله أمر باستكمال الجامع في عام 393هـ «1002م»، وعندما ظهر خلل في مئذنتي الجامع أمر الحاكم ببناء قاعدتين هرميتين لتدعيمهما، وفي سنة 403هـ (1013م) اكتمل بناء الجامع وفرش وصليت به الجمعة في الخامس من رمضان سنة 403هـ (1013م). وعُرِفَ الجامع أولاً بجامع الخطبة ثم جامع الأنور وأيضاً الجامع الحاكمي ويرجع السبب في تشييده خارج أسوار القاهرة التي بناها جوهر الصقلي إلى امتداد العمران خارج السور الشمالي وازدحام الأزهر بالمصلين والأنشطة الدعوية والتعليمية، فأراد العزيز بالله أن ينقل خطبة الجمعة إلى مسجد فسيح لا تتوفر مساحة له داخل أسوار القاهرة. فلما قام بدر الجمالي في عام 480هـ بإنشاء أسوار جديدة للقاهرة ضم جامع الحاكم بأمر الله داخل الأسوار الشمالية الجديدة. 12- جامع القرويين بالمغرب جامع القرويين من أهمّ الجوامع التي تقع في المغرب العربي، وبالتحديد في مدينة فاس، وتمّ بناء هذا الجامع في شهر رمضان المبارك من العام 859م، وبالتحديد في شهر نوفمبر، بأمر من العاهل الإدريسي يحيى الأول، وتطوّعت فاطمة الفهرية ببناء هذا الجامع، حيث بقيت صائمة صيام تطوّع لحين الانتهاء من بنائه وتجهيزه، ومنحت جميع ما تملك من ميراث ورثته لإنجاز هذا الجامع، وسمّي هذا الجامع بهذا الاسم نسبة إلى مدينة تونسية مشهورة وهي القيروان.
حظي هذا الجامع باهتمام كبير من سكان المدينة والحكام لتوسيعه وترميمه والاهتمام بكلّ ما يتعلق به، حيث عمل المرابطون على إضافة بعض التعديلات والتغييرات في جامع القرويين، فعملوا على تغيير شكل الجامع الذي عرف بالبساطة في بنائه وزخرفته وعمارته، مع المحافظة على الملامح والشكل العام له، بالإضافة إلى الفن الذي استخدم من قبل المهندسين المعماريين في صناعة وتجهيز القباب والأقواس، والنقش عليها بالعديد من الآيات القرآنية والأدعية، ومن أهم الآثار التي تركتها المرابطون هي المنبر الذي لا يزال موجوداً لهذه الأيام، ومن ثم عمل الموحدون على إضافة الثرية ذات الحجم الكبير، والتي تتميّز بجمالها الذي زيّن هذا الجامع، وهي قائمة فيه ليومنا هذا. ولقي هذا الجامع الاهتمام المتزايد فيما بتعلّق بتطوير المرافق الضرورية وتزيينها من خلال إضافة العديد من الثريات، والساعات الشمسية والرملية، بالإضافة إلى وضع مقصورة القاضي والمحراب ذي الحجم الكبير والواسع، وخزانة مخصّصة لترتيب الكتب والمصاحف، ويتميّز هذا الجامع بتصاميمه وطابع المقتبس من التصاميم والطابع الأندلسيّ العريق، وقام الأمراء الزناتيون بإضافة مساحة تقدر بنحو 3000 كيلومتر.