القاهرة-شيماء مكاوى
قارن الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد، بين ما توصل إليه العلماء في عام 2011 عن سقوط النجوم في "الثقب الأسود" وهو منطقة شديدة الظلام في الفضاء الخارجي، وما ورد في سورة "النجم" التي بدأت بقسم إلهي: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى* ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى* مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى *لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى".
وقال في خامس حلقات برنامجه "بالحرف الواحد"، الذي يتحدث عن الدين والعلم والحياة كمثلث متكامل، إنه على الرغم من رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل عدة مرات في الأرض، فقد رآه بعينيه في رحلة المعراج على صورته الحقيقية في "الأفق الأعلى"، أي في "الفضاء الخارجي"، وبالتحديد عند منطقة معينة من الفضاء، ولهذه المنطقة صفات خاصة جدًا، نستعرضها سويًا كما وصفها القرآن الكريم في سورة النجم، وذكر أنه "بالرغم من أن الفضاء يغشاه الظلام بشكل واضح نجد أن القرآن الكريم يوضح لنا أن هذه المنطقة من الفضاء يغشاها الظلام بشكل أكثر. قال تعالى "إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى" (النجم آية 16)، لا يستطيع أي شخص طبيعي أن ينظر إلى هذه المنطقة في الفضاء بعينيه؛ لأنه طبقًا لما يقول القرآن، فإنه إما أن يرى فقط ما يحيط بها (أي يزوغ بصره)، أو أنه يرى فقط ما يبعد عنها (أي يطغى بصره)، وما من أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي استطاع رؤيتها دون أن يتأثر بصره بشيء، "مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى" (النجم آية 17)".
وأوضح أن "هذه المنطقة من الفضاء تعد مدخلاً لعالم آخر، وهو الجنة كما يقول القرآن الكريم، "عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى" (النجم آية 15)"، واصفًا هذه المنطقة بأنها "تعد ذات شأن عظيم وكبير في الفضاء الخارجي، "لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى" (النجم آية 18)"، واستنبط خالد العديد من الإجابات حول ما ورد في سورة "النجم" من خلال مجموعة من الحقائق العلمية، مشيرًا إلى اكتشاف العلماء وجود منطقة في الفضاء اسمها "الثقب الأسود" (The black hole)، حيث تسقط النجوم كفريسة أو ضحية له ـ على حد وصف علماء الفلك ـ وهي ظاهرة كونية لم يعرف العلماء غير ثلاث حالات منها. وقد نشرت وكالة "ناسا" رصد أول حالة لنجم يسقط في ثقب أسود على موقعها الإلكتروني بتاريخ 28 مارس 2011، وعلق خالد قائلاً: "هذا يعنى أن قسم الله تعالى في سورة "النجم" هو قسم بحقيقة موجودة فعلاً، كما كنا نعلم وكنا على يقين من ذلك، ويعنى بالتالي أن ما تبع القسم حقيقة أيضًا، وهذا يشهد لنبينا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالصدق، وأن كل كلمة جاء بها إنما هي وحي من عند الله تعالى، وأن رحلة الإسراء والمعراج لم تكن خرافة كما يزعم البعض وإنما هي حقيقة غير قابلة للنقاش".
واستعرض خالد مواصفات هذا الثقب الأسود وأهم خصائصه، قائلاً: "بالرغم من أن كل مناطق الفضاء يغشاها الظلام، لكن لا شيء يغشاه الظلام بهذه الشدة والوضوح أكثر من الثقب الأسود ، وهو ليس مدهونًا باللون الأسود كما يمكن أن يتخيل البعض، ولكن تصل الجاذبية فيها إلى مقدار لا يستطيع الضوء الإفلات منه؛ ولذلك تكون شديدة الإظلام لحد السواد، ولهذا سمي "ثقب أسود"، وذكر أن "الثقب الأسود" يتكون من 1مليون كتلة شمسية، وهناك ثقب أسود يعادل حجم الشمس 12 مليار مرة، مع العلم أن قطر الشمس يعادل 109 أضعاف قطر الأرض، أي أن الثقب الأسود يعد من آيات الله الكبرى على في الكون، وتابع: "لو كنت مسافرًا بسرعة الضوء، فإنك تحتاج إلى عدة آلاف من السنين لكي تصل إلى أقرب ثقب أسود، تلك الهوة الغامضة التي لايعرف لها قاع ولا قرار"، ومع افتراض الوصول بطريقة أو بأخرى إلى أحد هذه الثقوب السوداء، فما الذي ستراه؟، يجيب خالد: "في الواقع لا شيء، فقط اللون الأسود، ولن يكون بإمكانك رؤية نفسه مباشرة، سواء بعينيك أو حتى بتلسكوب، إذ أنه بسبب جاذبيته الشديدة فهو يسبب انحناء الفضاء وأشعة الضوء حوله، فيقوم بعمل عدسة ضوئية محدبة، بذلك تظهر للمشاهد العديد من النجوم والمجرات التي تقع خلف الثقب الأسود بأعداد متكاثرة. وأطلق العلماء على هذا التأثير "عدسة الجاذبية"، أي أنك إذا نظرت للثقب الأسود بعينيك عن طريق التلسكوب، فإنك لن تراه مباشرة ولكن فقط سترى ما يحيط به أو ما يقع خلفه.
ونظرًا لجاذبيته الشديدة، أشار خالد إلى أن علماء فيزياء الفلك أجمعوا على أن "الرحلة إلى أحد الثقوب السوداء هي رحلة ذات اتجاه واحد، أي ذهاب بلا عودة، لكنهم اختلفوا لفترة على كون هذا الثقب الأسود له نهاية أي "منتهى"، أم ليس له نهاية أي "لا منتهى"، فبعضهم قال "منتهى" والبعض الآخر قال "لا منتهى"، ولفت إلى أن أباطرة علماء الفيزياء مثل ستيفن هوكينج وجيرارت هوفت على رأس العلماء المؤيدين لكون الثقب الأسود له نهاية، أي "منتهى" وأنه يعد مدخلاً لعالم آخر، وأن نهايته لا بد أن تكون في عالم آخر، وظلوا كذلك حتى حدث الآتي:
وأوضح أنه "للمرة الأولى، أمكن للعلماء رصد نجم سقط في ثقب أسود، وشاهدوا بعضًا من مادته وقد تم لفظها خارج الثقب الأسود كتوهج من البلازما. يتحرك بسرعة قريبة من سرعة الضوء بعملية تم تشبيهها بـ "تجشؤ كوني"، وقال إنه "حتى الأمس القريب كان الاعتقاد السائد لدى عدد كبير أن الثقوب السوداء لها جاذبية قوية تصل إلي حد ألّا شيء ولا حتى الضوء يمكن له أن يهرب أو يفلت منها "لامنتهى"، لكن هنا ثبتت وجهة نظر ستيفن هوكينج وجيرارت هوفت ومن يؤيدهما من علماء الفيزياء، وأن الثقب الأسود له نهاية أى انه"منتهى" وليس "لا منتهى"، وأنه يعد مدخلا لعالم آخر، إذ وصف هذا النجم الذي سقط كضحية في الثقب الأسود بأنه "كان في حجم شمسنا تقريبًا، والثقب الأسود كان يقع في مركز مجرة تبعد عنا حوالي 300 مليون سنة ضوئية".
ونقل ما قاله علماء جامعة ميريلاند الأميركية من أن عملية سقوط النجم في الثقب الأسود هذه قد صورت أولاً بواسطة القمر الصناعي سويفت (Swift) التابع لناسا بعدها تحرك قمر نيوتن التابع لوكالة الفضاء الأوروبية وقمر سوزاكو الصناعي التابع لوكالة الاستكشاف الفضائية اليابانية. وتم نشر هذا الحدث فى جريدة "الديلى ميل" البريطانية بتاريخ 29 يناير 2015 تحت عنوان "رصد ثقب أسود كبير يبتلع نجماً ومن ثمّ يقذفه للخارج (يتجشأ طعامه)".
وقال خالد إن لعالم الفيزياء والفلك البريطاني الشهير ستيفن هوكينج مقولة شهيرة جدًا عن الثقب الأسود: "إذا كنت في داخل ثقب أسود، لا تستسلم. هناك مخرج منه، لكن لا يمكنك أن تعود إلى كوننا، ولذلك على الرغم من أنني مغرم بالسفر في الفضاء، فإنني لن أنوى أن أحاول ذلك"، وخلص إلى أن ما يقوله علماء الفيزياء الحديثة بالحرف الواحد عن الثقب الأسود غير أنه منطقة تهوى وتسقط فيها النجوم، أنه منطقة من الفضاء ذات حجم كبير جدًا، ليست مدهونة باللون الأسود، وإنما يغشاها ظلام دامس. لن تراها مباشرة، وإنما فقط سترى ما يحيط بها أو ما يقع خلفها. وأن لها نهاية، أي أنها "منتهى" Finite وأنها تعد مدخلا لعالم آخر، وقد أقسم الله تبارك وتعالى لنا في القرآن الكريم بسقوط النجم، فقال تعالى: "وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى"، وأن سيدنا محمدًا عليه الصلاة والسلام قد رأى جبريل عظيم الملائكة عند منطقة معينة من الفضاء الخارجي تتميز بالآتي: أنها كبيرة جدًا "لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبهِ الْكُبْرَى"، أنها يغشاها ظلام دامس "إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى"، لن تراها مباشرة، وإنما فقط سترى ما يحيط بها "مَا زَاغَ الْبَصَرُ"، أو ما يقع خلفها "وَمَا طَغَى"، وأن لها نهاية أي أنها "منتهى" Finite ،"عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى"، وأنها تعد مدخلاً لعالم آخر "عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى"، وبهذا "يمكنك القول إن المنطقة التي رأى عندها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام جبريل عظيم الملائكة، هي منطقة يعرفها العالم كله ولا يخطئها أحد".