الأقصر - سامح عبدالفتاح
أكّدت دراسة صادرة عن مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، في مناسبة يوم الطفل العالمي والذي يصادف يوم 20 نوفمبر من كل عام حسب توصية الأمم المتحدة، أن إنجاب الأطفال في مصر الفرعونية، كان يعد من أعظم النعم، وكان خبر ولادة طفل، هو حدث بالغ البهجة، وكانت الأم الحامل تحظى بعناية ورعاية خاصة من قبل الأسرة، وتعد لها التمائم والوصفات التي يقدمها السحرة لحمايتها حتى وضع جنينها، وكانت "تويريت" إلهة وحارسة الأمهات في مصر الفرعونية، والتي تمثل بجسد أنثى فرس النهر وأرجل أسد وغطاء رأس من ذيل تمساح، يوضع تمثالها بجانب الأمهات الحوامل حتى يلدن بسلام.
وأوضحت الدراسة أن قدماء المصريين، كانوا يعتقدون بأن " الآلهة تبتسم لأجل أولئك الذين يعولون أسرا بها أعداد كبيرة من الأطفال .. وأن الآلهة تتجهم في وجه من لا يعولون أطفالاً" ولذلك وبحسب الدراسة، التي أعدها الدكتور محمد يحيى عويضة، والدكتورة منى أبو هشيمة، فقد حظي الأطفال في مصر القديمة، برعاية خاصة واهتمام بالغ قبيل آلاف السنين، مشيرة إلى أن الطفل المصري القديم كان أكثر سعادة ومرحا ولعبا، وأكثر أطفال الكون في ذلك التوقيت رعاية وإهتماما من قبل أسرته ومجتمعه المحيط به، وأنه من النادر أن تخلو مقبرة أو معبد فرعوني، من المناظر التي نقشت ورسمت على الجدران لطفل أو لمجموعة أطفال وهم يلعبون أو يتعلمون أو يمارسون رياضة ما، مثل مناظر الصيد بالقوارب في الأحراش.
وأشارت الدراسة، إلى أن الأسرة في مصر القديم أهتمت بنشأة الطفل وتأديبه وتعليمه وتهذيبه وتدريبه على استخدام ألفاظ تدل على اللياقة واللباقة والإحترام للآخرين، وأن المصري القديم حرص على تنمية مهارات الطفل وإتاحة الفرصة له للتًعَلُمٌ والإبداع واللعب والانتماء لأرضه والافتخار بوطنه, وأن الطفل المصري القديم كان يتمتع بذكاء كبير، وكانت الأسرة تحرص على تنمية فطنته وذكائه، وتنمية مواهبه ومهاراته وهواياته، وذكّرت الدراسة، أن المجتمع المصري القديم، لم يكن يقسو على الأطفال، وكان كل مواطن في مصر الفرعونية، يعتبر أن أي طفل لجيرانه هو بمثابة طفل له، وكان الطفل المصري القديم يرتاد المدرسة في المعبد ليتعلم القراءة والكتابة والحساب والهندسة والأدب والآداب العامة وكيفية التعامل مع المقدسات وقواعد الفنون والموسيقى والبروتوكول وإحترام من هو أكبر منه سنا أيا ما كان مستواه الاجتماعي.
ولفتت الدراسة، إلى أن الفراعنة علموا الطفل كيف يحترم ذاته، وبالتالي أصبح عند الطفل في مصر القديمة، وعي رفيع بإحترام الآخر, ونشأ الطفل المصري القديم، في ظل أسرة مستقرة مستقلة من زوج وزوجة يتمتعان بقسط وافر من الحرية الشخصية والمالية، فالإبن الأكبر يقع على عاتقه دفن أبيه حال موته، والقيام بجميع المراسم والطقوس ورعاية الأسرة في غياب عائلها، وفي المقابل كان المصريون القدماء يحبون أبنائهم ولا يبخلون عليهم بالغالي والنفيس حتى يكملون تربيتهم وتعليمهم، وكان أغلب الأبناء يحسنون صنعة الآباء والاجداد، فقد كان الآباء ينقلون أسرار حرفهم ونتاج خبرتهم إلى أبنائهم حتى نتج عن هذا وجود أسر تحتكر حرفا معينة طوال فترات تاريخ الحضارة المصرية القديمة، وبينت الدراسة، أن التعليم في البيت كان من أكثر أنواع التعليم شيوعا, وكان الآباء يعلمون أولادهم العناصر الأساسية لمهنتهم وقد تغلغلت عادة تعليم الآباء لأولادهم الآداب والتقاليد المصرية القديمة فقد كانوا يعتزون بها, أما الملوك فقد عهدوا بتعليم أبنائهم وبناتهم الذين هم من نسل الدم الملكي إلى مؤدبين مختصين, وكان أولاد النبلاء يتعلمون مع أبناء الملوك أما البنات فكن يتعلمن فنون الطهى والتدبير المنزلي والنظافة وطرق توفير أقصى درجات الراحة للزوج ورعاية الأطفال، بجانب تعلم فنون الموسيقى والرقص والإتيكيت والقواعد العامة للذوق ولم يمنع ذلك من ترقي البنت لتصبح في أعلى المراتب وأرفع المناصب مثل حتشبسوت التي حكمت مصر لسنوات عدة.
وذكرت الدراسة أن الأطفال في مصر الفرعونية، تمتعوا بوجود مجموعة من الألعاب، التي كان من بينها ما يعرف اليوم بكرة القدم، وكان الطفل في مصر القديمة، يميل الى اللعب نهارا وسماع القصص ليلاً، أما عن الألعاب واللعب فقد عرف الطفل المصري القديم لعبة الخدراف (جمع خدروف وهو النحلة الدوارة) والصلصلات (الشخاشيخ ) وأيضا العرائس المتحركة ذات الفكوك المتحركة وفئوس القتال المصغرة، أما البنات فكن يتخذن عرائس حقيقية من الخشب يلعبن بها ويضعنها في أسرة صغيرة, وكانت الفتيات يلعبن الكرة بمهارة ورشاقة، أما الصبية الكبار فكانوا يلعبون ألعاب المهارة مثل الصيد بالعصا والرماية نحو الهدف، بجانب التمرينات اليدوية والسير على الحبل المشدود والمصارعة والجرى والقفز، مشيرة إلى أن الفراعنة تعبدوا إلى آلهة من الأطفال، فكان هناك الإله الطفل "حورس" الذي انتقم لأباه من عمه وورث مملكته، وهناك إله الطفل "خنسو" إله القمر في ثالوث طيبة المكون من الأب آمون والأم موت، والإله الطفل خنسو، وأيضا كان هناك الإله "ايحى" ابن حتحور سيدة دندرة وحورس الإدفوي، وغير ذلك من الأرباب والمعبودات والآلهة من الأطفال .