الفنون التشكيلية

«طُوى أرض النور».. معرض جديد ومميَّز لـلفنانة التشكيلية رندة فؤاد، التي استطاعت بجدارة اختراق مجال الفن التشكيلي  خلال سنوات بسيطة بعد عقود اهتمت أثناءها بمجال السياسة، التنمية المجتمعية والشأن البيئي، لتحجز لنفسها مقعدًا أماميًا منافسًا مع فناني ورسّامي مصر. لوحاتها لها بصمة مميَّزة تعكس شخصيتها المحبة للحياة وبهجة الألوان فهي تعترف دائمًا  «أنا صديقة الألوان». «طوى أرض النور» جمع 61 لوحة تدعم الهوية المصرية بنقل الطبيعة الخلاّبة لسيناء (أرض الفيروز) من خلال فرشاتها، فصورتها كـ«حديقة من الألوان والزهور» واستخدمت مواد تكوينية من أرض سيناء وخلطتها بالألوان مثل رمال سيناء وورق الذهب والأكثر تفردا هو أن لوحاتها بتكويناتها وطبقاتها تُشعرك بأنها ثلاثية الأبعاد 3D.. وكان الدعم الأكبر لها حضور والدتها رائدة الفن التشكيلي وسام فهمي مع صديقتيها د. هالة السعيد وزيرة التخطيط والسفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، افتتاح المعرض.

«طوى أرض النور» ما سبب تسمية معرضك بهذا الاسم بالتحديد؟

هو أمر قدري بحت. بدأت المصادفة عند زيارتي إلى سيناء الحبيبة وكانت زيارة استجمامية فليست أكثر من ذلك، فجأة أتوبيس الرحلة وقف استراحة ونزلت للتمشية، فوجدت رجلا يبيع كتبا سياحية قيمة جدا عن تاريخ أرض سيناء شدني كتاب رائع اسمه « Towa Land of Light» لكاتب إنجليزي رحّالة أعجبني اسمه وشعرت بأنه رسالة قدرية: معرضك الجاي يا فنانة هيكون عن سيناء واسمه «طوى أرض النور» لست أنا من سميته لكنه القدر، وبفضل الله ردود الأفعال تجاهه كانت عظيمة.

ـ رحلتك إلى سيناء «أرض الفيروز» كانت مصدر الهامك للوحات معرضك الأخير...هل عادة تخلوين بنفسك في مكان مُلهم لتخرجي كل طاقتك؟

هذا حقيقي وأنا مبهورة بسيناء، مبهورة بالوادي المقدس وبكل ركن فيه. كانت أول مرة أزوره، عرفت قيمة المنطقة علي الحقيقة وليس عبر قراءات أو منهج دراسي في مادتي الجغرافيا والتاريخ، عرفت كيف كانوا يتنافسون عليها في حروب ومعارك..أرض سيناء أكثر المناطق ثراء في مصر..خيرات لا تعد بداية من الطبيعة الخلاّبة حتي الحضارات التي مرت عليها، جميلة ومميزة في كل شيء: موقعها الجغرافي والتاريخي، شىء عظيم.. حقيقي كان مصدر إلهام لي... وحاليا أبحث عن أمكنة أخرى بالمستوى الإبداعي نفسه.

وليس من المعتاد في كل مرة أرسم فيها، أن أكون في مكان مختلف أعتزل فيه ولكن الشغف والطاقة الإبداعية يأتيان من الجو العام وتقدير معني الجمال وأساسه الطبيعة.

-هل هناك لوحة افتتاحيه للمعرض، ولماذا اخترتها بالتحديد وما عدد اللوحات المشاركة في المعرض؟

عدد اللوحات 61 لوحة، اللوحة الافتتاحية هي تلك المطبوعة على الدعوة الرسمية للمعرض، لأني تخيلت سيناء كأنها حديقة من الألوان والزهور وتعمدت إبراز نبات اللوتس.. الزهرة الفرعونية لتأكيد الهوية المصرية، دائما لدي رسالة في أية لوحة وأساسها «الهوية المصرية ونشر الثقافة المجتمعية».

أتمنى أن تعمر سيناء فتتحول إلى حديقة كبيرة، وهذا ما ظهر بوضوح في لوحات معرض «طوى أرض النور»، أيضا اللوحات جزء منها يعبر عني شخصيا كإنسانة محبة للبهجة والألوان بشكل عام.

- كم من الوقت استغرقت لخروج اللوحات إلى النور؟

هذا المعرض له طبيعة خاصة لأنه بعد انتهاء معرض «فانتازيا مصرية» في نوفمبر 2019 والنجاح الذي حصده المعرض، كان لدي طاقة كبيرة لتقديم الأقوى والأفضل علي المستويين. المهني والإبداعي وهذا ما تحقق بالفعل في «طوى أرض النور» بشهادة نقّاد الفن..واستغرق مني حوالي 6 أو 7 أشهر من العمل والجهد.

- نصف إيرادات المعرض ستخرج لصالح «مستشفي بهية» لعلاج السرطان.. ما تفاصيل هذا التعاون الخيري؟

بالنسبة لتعاوني مع مؤسسة خيرية، تعودت في كل معرض فني التعاون مع مؤسسة خيرية والتبرع لها بنصف أو جزء كبير من إيرادات بيع اللوحات بالمعرض، وهذا شيء تعلمته من والدتي الفنانة التشكيلية وسام فهمي، التي علمتني أن الترابط بين الفن والخير ضرورة، لأن الفن عبارة عن خير وإبراز للجمال والرقي بالروح.

في العام الماضي تعاونت مع مستشفي الناس وهذا العام كانت مؤسسة «بهية» وسعيدة بهذا التعاون..هذا واجب على كل فنان له رسالة حقيقية وهي ترك الأثر الإيجابي في نفوس الآخرين.

- المعرض شهد حضور كوكبة من نجوم السياسة والإعلام والفن تأكيدا لدعم الهوية المصرية.. ماذا عن ردود الأفعال وهل اقتنى أحدهم واحدة من لوحات رندة فؤاد من «طوى أرض النور»؟

كانت ردود الأفعال أكثر من رائعة من أصدقائي وشركاء نجاحي «حب الناس نعمة من عند الله»، تشرفت بحضور د. هالة السعيد وزيرة التخطيط، والصديقة العزيزة السفيرة نبيلة مكرم وزيرة الهجرة، د. عمرو موسي وزير الخارجية الأسبق والأمين العام لجامعة الدول العربية، والإعلامية هالة سرحان وسهير جودة والكاتبة الصحفية سيلڤيا النقادي، والفنانة إلهام شاهين وهى فنانة، وعلي رأسهم والدتي الغالية الفنانة الراقية التشكيلية وسام فهمي.

كلهم أصدقائي..«المحبة رزق» حضورهم دعم كبير لي وطبعا دعم للهوية المصرية والتي هي رسالتي منذ بدايتي في الفن التشكيلي، وطبعا اقتنوا من لوحاتي، بالعكس ساعدوني في نشر لوحاتي عبر دوائر أكبر من الأصدقاء وغيرهم، أنا سعيدة بالمعرض وسعدت وتشرفت بحضور أصدقائي من أطياف المجتمع كله لدعمي وتشجيعي.

ـ مارس «شهر المرأة» هل تعمدت تحديد انطلاق المعرض في هذا التوقيت؟ ولماذا؟

تحديد الموعد جاء أيضا بمحض المصادفة، حيث قررت الصيف الماضي، حجز قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية بالتحديد في شهر مارس حتى أنهي لوحاتي وأغلب الرتوش النهائية وأيضا ملائم لإطلاق معرضي الثاني لأن معرضي الأول «فانتازيا مصرية» كان في نوفمبر 2019، لذا فضلت اختيار التوقيت الذي يكون فيه الطقس معتدلا ولطيفا وطبعا هو شهر للمرأة وجاء مصادفة... وأجمل أقداري يأتيني مصادفة.

• ما المختلف في «طوى أرض النور» عن سابقيه من المعارض بالتحديد؟

المختلف أني قدمت فيه فني. الفنان الشاطر في كل معرض يقدم جديدا «يشتغل أكثر علي نفسه» ويستعمل أدوات وتكوينات جديدة، وقد ظهر تقدم كبير في شغلي بشهادة أغلب الحضور والمتخصصين فى الفن التشكيلي، ويمكن أيضا أن يكون تأثري الشديد وانبهاري الكبير بالطبيعة الخلابة قد شجعني على تقديم الجمال علي حقيقته بجزء نابع من داخلي كمصرية أفخر بجمال بلدي وحضارته العظيمة.

- حديقة من الألوان الخلّابة خصوصا «الأصفر والأزرق والبرتقالي» وغيرها بالطبع.. هل لهذا سبب قصدت إبرازه؟

هذا صحيح، نقطة القوة لدىَّ كما يقول النقاد الفنيون ألواني، فاللون صديقي.. أحب الألوان القوية، ولذا يسمونني «وحش الألوان» لأني ليس لدي أي خوف أو فوبيا من استخدام ألوان عديدة في لوحاتي أثناء الرسم.
كل لوحة لها «باليتة» مخصَّصة بالتأكيد... لكن أصبحت بفضل الله معروفة بألواني «يعني تشوفي لوحة تعرفي إنها رندة فؤاد»، هذا هو التحدي أن تترك بصمة خاصة بك مستنبطة من شخصيتك.
الحقيقة طوال عمري أعشق استخدام الألوان وعند دخولي إلى عالم الفن التشكيلي بالطبع انعكس على لوحاتي فكلما كانت الألوان متعددة وساخنة كلما كنت سعيدة وأنا أشتغل فيها.

- هل حقا استخدمت مواد من البيئة مثل رمال سيناء في لوحاتك؟ وما سبب ذلك؟

فعلا استعملت مواد بيئية.. استعملت رمال سيناء بخلطها للألوان وهذا نموذج مختلف في الرسم، أيضا استخدمت «ورق الذهب» لتأكيد فكرة الهوية المصرية والاعتزاز بأجمل بقاع مصر «سيناء» أرض الفيروز، بحيث تكون اللوحة فعلا جزءا من الجمال الخلّاب الذي رأيته هناك، وتكمن الطبيعة بأجمل ألوانها وعبق تاريخها كسبب لاستخدام أحد أجزائها التي لا تنفصل عنها..الطبيعة هناك تجبر أي شخص حتى لو لم يكن فنانا على التعبير عنها بأي أداة أو لغة.

وهناك أمر آخر.. أنا أحب في شغلي ربط الأصالة بالحداثة، مثلا في «طوى أرض النور» عن سيناء«لم أرسم جملا أو ديرا أو جبلا» ومن المهم خلط الألوان بطبقات مع البعد عن الرموز المتكررة. كما أن لوحاتي هذا العام تميزت بالبعد الثالث أو الـ 3D من خلال رسم بالألوان متعدد الطبقات يوحي بأنها ثلاثية الأبعاد.

- براند R&G هل سيكون له دور بالنسبة لمعرض«طوى أرض النور» وما اللوحات التي ستستخدم في خط الإنتاج؟

براند R& G جزء مني، هو مزج بين رندة فؤاد الفنانة التشكيلية وبين الصديقة جهاد البدراوي مصممة الأزياء، هناك لوحات بدأنا بالفعل العمل عليها وجار إطلاقها قريبا.. وستكون مجموعة مميزة مناسبة للصيف من خلال ألوان اللوحات الساخنة المبهجة... منها حقائب مطبوعة وقبعات وقفاطين من الحرير وملابس.. الهدف الذي بدأت من خلاله في الفن التشكيلي بعدما غيرت مجال التنمية إلى الفن، كان خدمة التنمية والمجتمع وبعد فكرة البراند..اتفقنا على هذا الهدف.. والإقبال رائع وبدأنا بالماسكات حتى وصلنا إلى «كولكشن» كامل من الملابس والحقائب.

فتحنا ورشا كانت مغلقة بها فريق من العمال والحرفيين، وأيضا تعاونا مع الجمعية الأهلية لمساعدة المرأة المعيلة في القرى والريف من خلال الجمعيات المتخصصة في التعبئة، لتمكين المرأة اقتصاديا... البراند هو مكمل أساسي لشغلي، أحاول تطوير نفسي في الفن التشكيلي بحيث أخدم المجتمع...لذا حصلت على جائزة التميز الدولية من مؤسسة «المرأة فى القلب» وهى مؤسسة دولية مقرها إنجلترا تهدف إلى دعم المرأة والعمل على تنميتها فى كافة أنحاء العالم كافة.

ـ وماذا عن التعاون بينك وبين هيئة قناة السويس؟

أنا فخور بهذا التعاون الذي يعد نقلة في مسيرتى الفنية.. القصة كلها أن المنطقة الاقتصادية بقناة السويس اختارتني لتمثيل مصر باقتناء لوحة من لوحاتي وطبع حوالي 300 نسخة منها لتكون هدية العام الجديد لعملائهم ولكبار الشخصيات العامة سواء مصر أو العالم....لذا أصبح فني سفيرا لبلدي.

أنا سعيدة بهذا التعاون وفخور به..وكل لوحاتي مرتبطة بحضارة بلدي، بوصفها مهد الحضارات والأديان ومن أجمل بقاع الأرض ولديها من الكنوز والخيرات التي تعد مادة خاما لأي عمل إبداعي.

- لا يمكننا إنهاء الحوار دون الحديث عن والدتك وسام فهمي إحدى رائدات الفن التشكيلي..فهي نجمة حياتك ومعرضك بالتأكيد، هل تهدينها نجاح هذا المعرض بمناسبة «عيد الأم» وما شعورها بعد نجاحك الباهر في نهجها الأساسي؟

والدتي الفنانة وسام فهمي إحدى رائدات الفن التشكيلي في مصر.. لها مدرسة خاصة بها «فنانة حتي النخاع» متواضعة وإنسانة لا تسعى إلى الشهرة أبدا أو الظهور، محبة لعمل الخير، حياتها وحبها الأساسي كانا الأسرة والفن التشكيلي وعمل الخير فقط.قد تكون مختلفة عني كشخصية، فهي هادئة الطباع وأنا اجتماعية أكثر، وربما يكون عملي السابق في مجال التنمية جعلني متعددة العلاقات لكن والدتي كفنانة أعمق مني.

«عائلتى هي حياتي وأى نجاح أهديه لوالدتي وابنتي وحفيدتي لينا وفريدة» كما أهدي نجاح المعرض إلى والدتي بمناسبة عيد الأم، التى كانت سعيدة بهذا النجاح لأنها كانت دائما تتمني أن أكون فنانة تشكيلية مثلها، ولكني دخلت الاقتصاد والعلوم السياسية ثم احترفت مجال التنمية المجتمعية والبيئة علي مدار سنوات طوال. ولكني تشربت منها حب الفن فهي أستاذتي الأولى، صحيح خضت دورات تدريبية عديدة مع كبار الفنانين التشكيليين علي مستوي العالم بعد تغيير المسار الوظيفي ولكنها شجعتني تماما «اعملي اللي بتحبيه هتنجحي لأنك مجتهدة».

قد يهمك أيضًا:

معرضان فنيان لهالة إبراهيم وأيمن لطفى الخميس المقبل

افتتاح معرض أعمال الفنانة الخزفية "أماني فوزي"