تعامد الشمس على معبد الكرنك

نظمت محافظة الأقصر احتفالية سياحية وفنية، صباح اليوم الأربعاء، بمناسبة تعامد الشمس على قدس أقداس الإله آمون بمعبد الكرنك، وذلك بمشاركة محافظ الأقصر محمد بدر، وعدد من علماء الآثار والفلك والمصريات ومسئولي السياحة والثقافة والآثار والمرشدين السياحيين في المحافظة والمئات من السائحين من مختلف الجنسيات ووسائل الإعلام المحلية والأجنبية. 

وأوضح مدير عام آثار الأقصر الدكتور مصطفى وزيري، أن هذه الظاهرة تحدث سنوياً على مدار يومي 21 و 22 من ديسمبر حيث تمر الشمس على قدس أقداس الإله آمون بمعابد الكرنك بالبر الشرقي وتتعامد على قدس أقداس معبد حتشبسوت بالبر الغربي في نفس التوقيت، الأمر الذي يطرح التساؤل حول ماهية هذه الظاهرة والغرض منها وما قصده بها قدماء الفراعنة. 

وأشار وزيري، إلى أن محاور معبدي الكرنك و الدير البحري ( حتشبسوت)  تتجه ناحية الأفق الذي تشرق منه الشمس في يوم الانقلاب الشتوي، الأمر الذي يؤكد أن قدماء المصريين كانوا على دراية تامة بحركة الأرض حول الشمس أو الحركة الظاهرية للشمس حول الأرض، كما أن معابد الكرنك، ومعبد حتشبسوت يقعان على محور هندسي واحد. 

وأكد وزيري، إن تعامد الشمس على المعابد المصرية القديمة، ليس "محض صدفة"، وأن طرق بناء واجهات المعابد والمقاصير المصرية القديمة تمت بناءً على مفاهيم معمارية ودلالات دينية كانت سائدة في مصر الفرعونية، تؤكد على أن بناء المصري القديم لمعابده الدينية تم من وجهة نظر لاهوتية، حيث أقامها ودشنها كبرزخ سماوي يسلكه قرص الشمس مع معبوده ورفقته المقدسين في ترحالهم ما بين العالم السفلي والعالم المرئي، وعليها يتأكد لنا أن كافة المعابد الدينية التي أقامها الفراعنة تتوجه قبلتها نحو مواطن شروق أو ظهيرة أو غروب قرص الشمس سواء بصورة فلكية مباشرة في أيام أعياد بعينها أو بصورة رمزية طبقًا لما ورد في النصوص الدينية، وعلى هذا يتبين صدق مقصد المصري القديم في تدشين ظاهرة تعامد أشعة الشمس على معابده ومقاصيره المقدسة إبان شروق أيام بعينها وهو أمر تؤكده الدلالات اللاهوتية لأشعة الشمس. 

بدا الاحتفال بالتواجد في ساحة معابد الكرنك لرصد الظاهرة في تمام الساعة الخامسة ونصف انتظاراً لشروق الشمس في أرجاء المعبد وعقب ذلك التوجه داخل المعبد وتتبع أشعة الشمس علي الأعمدة والحوائط والدخول إلى قدس الأقداس في تمام السادسة لرصد الظاهرة وبعد ذلك التوجه إلى البوابة الشرقية في نهاية المعبد لمشاهدة عبور الشمس عبر بوابات المعبد متجهة غرباً إلى معبد حتشبسوت الذى يقع على امتداد معابد الكرنك في البر الغربي.

ويأتي الاحتفال برصد الظاهرة  ضمن جهود محافظة الأقصر، وغرفة شركات السياحة، ونقابة وجمعية المرشدين السياحيين في جذب مزيد من السياح وزيادة المناسبات على الأجندة السياحية المصرية . 

 من جانبه أكد محافظ الأقصر محمد بدر، على أن رصد ظاهرة مرور الشمس على قدس الأقداس بمعابد الكرنك وربطها بتعامد الشمس على معبد حتشبسوت في نفس التوقيت يعد من أهم الظواهر الفلكية التي تحمل العديد من أسرار الحقبة الفرعونية الأمر الذي يسهم بشكل كبير في تنشيـط السياحة والتعريف بالحضارة المصرية القديمة وزيادة المناسبات على أجندة السياحة المصرية. 

يذكر أن معابد الكرنك تعد من أعظم المعابد التي شيدها ملوك مصر، ولا يزال ما تبقى منها من إطلال يقـف شاهدا على إبداعات الحضارة المصرية؛ وتعتبر معابد الكرنك بمثابة سجل تاريخي حافل لتاريخ وحضارة مصر ابتداء من الدولة الوسطى حتى حكم البطالمة لمصر، فقد قام ملوك مصر القدماء بتشييد المقاصير والبوابات في حرم الكرنك وذلك تماشياً مع سياستهم المعهودة لإرضاء آلهة وكهنة مصر.