الاندلس - مصر اليوم
مشروع المسارات السياحية، الذي أنشأته مؤسسة "التراث الأندلسي" التابعة لحكومة الأندلس الإقليمية، رفع معدلات السياحة في الإقليم، وذلك لعدة أسباب من أهمها ثراء المنطقة بالتراث العربي وتنوعه. منذ أن بدأ مشروع المسارات السياحية الذي أنشأته مؤسسة "التراث الأندلسي" التابعة لحكومة الأندلس الإقليمية المتمتعة بحكم ذاتي، بهدف ربط مقاطعات الأندلس المختلفة عبر مسارات سياحية ثقافية، سجلت معدلات السياحة ارتفاعا ملحوظا معززا بثراء التراث العربي وتنوعه. وتسمح هذه المسارات أو المسالك السياحية لمن يسافر عليها بالتعرف على معالم هامة ترتبط بالحضارة الأندلسية وبغيرها من الإرث التاريخي الذي سبق هذه اللحظة البارزة من تاريخ إسبانيا أو تلاها. وتنتهي كل تلك المسارات بالوصول إلى مدينة غرناطة، آخر معاقل الأندلس الإسلامية، وجرى تخطيطها وفقا لمسارات تاريخية حقيقية ربطت بين أكثر من مئتي مدينة وقرية من جنوب إسبانيا، تمنح للمسافر إمكانية الاستمتاع بمناظر طبيعية وأماكن تاريخية واستعادة ذلك الماضي المشرق البعيد. سياحة ثقافية وقالت مديرة مؤسسة التراث الأندلسي مارينا مارتين للجزيرة نت، إن هذه المسارات تعتبر "البذرة" التي أنبتت عمل مؤسستها، فقد بدأ التخطيط في أواسط التسعينيات لهذه المسارات مع ميلاد مؤسسة التراث الأندلسي سعيا للتعريف ببلدات ومدن وأماكن ذات أهمية لأسباب مختلفة كوجود آثار بها أو لطبيعتها وموقعها المتميز أو ورود أسمائها في مراجع تاريخية وأدبية. وأضافت مارتين أن من الأهداف الرئيسية للمشروع أيضا تحويل هذه المسارات إلى محرك اقتصادي لتنمية تلك المناطق عبر تنفيذ مشاريع لتطوير البنية التحتية بها في قطاع الخدمات، من قبيل الفنادق والمنشآت الترفيهية وخدمات النقل. ويترتب على ذلك -كما تقول مارتين- استحداث وظائف، بالإضافة إلى تشجيع السياحة داخل إقليم الأندلس، وليس فقط على الساحل الشهير بين السياح، ولهذا تجمع تلك المسارات بين الثقافة والسياحة والتعريف بتاريخ وتقاليد أهل المنطقة وبالمطبخ الأندلسي المعاصر. وأوضحت مارتين أن هناك أربعة مسارات عاملة في الوقت الحاضر، وهي "مسار الخلافة" الرابط بين مدينتي قرطبة وغرناطة و"مسار النصريين" الذي يبدأ من بلدة نافاس دي تولوسا بمقاطعة جيّان وينتهي بغرناطة و"مسار المرابطين والموحدين" الرابط بين مدن طريفة وقادش وغرناطة و"مسار واشنطن إيرفينغ" نسبة إلى الكاتب والدبلوماسي الأميركي الشهير الذي كان شديد الانبهار بثراء الحضارة الأندلسية وآثارها على هذا المسار وهو من إشبيلية إلى غرناطة. وأشارت المسؤولة الأندلسية إلى أن هذه المسارات يمكن إجراؤها سيرا على الأقدام أو بالدراجات أو بالسيارة، وتتضمن علامات إرشاد على الطرق وبجوار المعالم الهامة بكل مسار، كما أن هناك دليلا سياحيا مطبوعا لكل مسار متاحا للسياح، ويوجد كثير من المعلومات المفيدة باللغة الإسبانية على موقع مؤسسة التراث الأندلسي على الإنترنت. مسارات جديدة وأضافت مارتين أن هناك أربعة مسارات جديدة يجري العمل في إعدادها وهي "مسار جبال البشرات" (من المرية إلى غرناطة) و"مسار ابن الخطيب" (مرسية-غرناطة) و"مسار الإدريسي" (مالقة-غرناطة) و"مسار المعتمد" (لشبونة-ولبة- إشبيلية-غرناطة). وأوضحت مارتين أن عدد السياح الأجانب ارتفع في السنوات الماضية الأخيرة بشكل ملحوظ بعد أن اكتشفوا في تلك المسارات رؤية مختلفة عن تلك الشائعة التي تركز على وجود الشمس والشواطئ فقط بالأندلس، وأشارت إلى أنه سيكون مدعاة للسرور والفخر أن يأتي سياح جدد من مناطق أخرى، وخاصة من العالم العربي الذي يربطه بمسارات الأندلس الإرث الثقافي المشترك. واختتمت مارتين موضحة أنه على الرغم من تأثير الأزمة الاقتصادية على كافة القطاعات في إسبانيا عموما، فإن قطاع السياحة شهد نموا ملحوظا هذه السنة وخاصة في إقليم الأندلس، والنتائج التي حققتها مسارات التراث الأندلسي حتى الآن كانت إيجابية للغاية. ولهذا -كما تقول مارتين- سيتم التوسع فيها مستقبلا، وبالرغم من أن المسارات ليست لها نتائج "عملاقة" كالسياحة التقليدية فإن لها جمهورا يزداد باستمرار نتيجة للثراء التاريخي والثقافي الذي تمثله حضارة الأندلس.