تراجع سعر صرف الراند عملة جنوب افريقيا  إلى أدنى مستوياته منذ 5 سنوات، ما يؤثر سلبا على سكان البلاد لكنه يعود بالنفع على السياح. ولا يشتكي السياح بتاتا من هذا التراجع، أكانوا يتبضعون أو يسمرون على الشاطئ أو يتذوقون النبيذ في ضواحي الكاب. النروجي فيدار فولدنغن (47 عاما) الذي يجول في السوق جد سعيد بهذا الوضع، وهو قال "أنا أكيد من أن الأوروبيين سيجلبون أموالهم إلى هنا عندما يتنبهون لذلك". وبات الدولار الواحد يساوي اليوم في جنوب افريقيا 11 راندا، في مقابل 15 راندا لليورو الواحد، اي بزيادة نسبتها 60 الى 70% بالمقارنة مع نهاية العام 2010 وبداية العام 2011، بعد بضعة أشهر على كأس العالم لكرة القدم. ويعود هذا الوضع بالنفع على مدينة الكاب التي اختيرت عاصمة التصميم العالمية للعام 2014 وأدرجتها الصحف الأميركية والبريطانية مؤخرا في قوائمها الخاصة بأفضل الوجهات السياحية. وقد شهدت المدينة ارتفاعا بنسبة 14,5 % في عدد السياح في تشرين الثاني/نوفمبر. وبلغت نفقات السياح الإجمالية فيها 1,2 مليار دولار (12,7 مليار راند) في العام 2013. ويبدو أن الازدهار سيكون بعد أكبر في العام الجديد. وشرح إنفر دوميني المدير العام لمكتب السياحة في الكاب "يعتبر سعر الصرف مناسبا للأسواق الرئيسية، أي بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وهولندا. وهذه الحالة تناسبنا تماما، إذ ان أسعارنا تصبح أكثر يسرا بالنسبة إلى الراغبين في السفر خارج أوروبا وأميركا". ولفت راي فرانكو مدير فندق "فيكتوريا أند ألفرد" إلى أنه "عامل إيجابي"، فغالبية السياح جد سعداء بأن الأسعار ليست أغلى هنا، "لكنه ليس عاملا حاسما لاختيار الوجهة". وفي كروم "غروت كونستانتيا" لصناعة النبيذ ، باتت الزجاجة تكلف 18 دولارا بعد أن وصل سعرها إلى 31 دولارا في العام 2011. وهذا الكرم الذي يعد الأقدم في البلاد ويستقطب الكثير من السياح يصدر 60 % من إنتاجه ويبيع 20 % منه محليا. وقال جان نود المدير العام ل "غروت كونستانتيا" إن "تراجع الراند يخدم مصالحنا على المدى القصير، لكنه سينعكس سلبا على التكاليف على المدى الطويل". فإن تراجع قيمة الراند نتيجة تقلب الأسعار في أسواق البلدان الناشئة يغرق الاقتصاد الوطني في دوامة تضخمية. والفاتورة النفطية ترتفع، حالها حال أسعار وسائل النقل. ويزيد غلاء المعيشة من الاستياء السائد في المجتمع ويدفع العمال إلى الإضراب للمطالبة برواتب أعلى. وباتت التوترات الاجتماعية العنيفة تشوه صورة البلاد وتزيد من تراجع قيمة الراند. فمنذ أن قتلت الشرطة 34 عاملا منجميا مضربا في ناريكانا في آب/أغسطس 2012، انخفض سعر صرف الراند في مقابل اليورو بنسبة 45 %، وبنسبة 30 % في مقابل الدولار. وتعد جنوب افريقيا ضحية عرضية لتغير السياسة النقدية في الولايات المتحدة، شأنها في ذلك شأن غيرها من البلدان الناشئة. فمردود سندات الخزينة الاميركية ارتفع مما يجذب الرساميل. وهي تدفع أيضا ثمن العجز العام المتزايد وتقاعس الحكومة العالقة بين تدابير شعبوية قبل انتخابات العام 2014 من جهة وإجراءات اقتصادية تميل إلى النيوليبرالية من جهة أخرى.