المتنزهات الطبيعية في هونغ كونغ

 تبدو المتنزهات الطبيعية في هونغ كونغ بعصافيرها المزقزقة وتلالها الحرجية بعيدة كل البعد عن صورة المدينة المشهورة بأبراجها الشاهقة، لكنها متنفس ضروري للسكان الذين تثقل ضغوط الحياة اليومية كاهلهم.

فلا يمكن لغالبية سكان هذه المدينة التي تسجل فيها اسعار عقارات هي من الاعلى في العالم ان يشتروا سوى شقق صغيرة فيما يعيش بعضهم في اماكن تسمى "اقفاص" تتسع لسرير واحد.

ويشكل نمط الحياة السريع في هونغ كونغ وساعات العمل الطويلة فيها عبئا اضافيا.

لكن لحسن الحظ ثمة شبكة واسعة من مسارات النزهات في الطبيعة تمتد على مئات التلال في المنطقة وعلى طول سواحلها وهي على مسافة ليست ببعيدة.

ف40 % من مساحة هونغ كونغ هي متنزهات محمية او محميات طبيعية تصل مساحتها الاجمالية الى 443 كيلومترا مربعا وتستقطب المتنزهين والمهرولين ومحبي التخييم على مدار السنة.

ويؤكد دايو شونغ البالغ 29 عاما ان هذه المناطق غيرت حياته.

وهو هاوي تصوير قرر توثيق بعضا من المناطق البعيدة في هونغ كونغ التي لم يسبق له ان استكشفها من قبل.

وقاده ذلك الى التوقف عن تمضية ساعات طويلة في عمله كمصمم غرافيك اصابته بوجع في الظهر واختيار وظيفة بدوام جزئي ساعيا الى نمط حياة صحي اكثر يوفر له سعادة اكبر.

ويعيش شونغ مع والديه وقد بات يقتصد في مصروفه كي يتمكن من العمل لثلاثة ايام فقط فيما يكرس الوقت المتبقي للتنزه في الطبيعة مع اصدقاء له.

ويؤكد لوكالة فرانس برس وهو يجمع القمامة خلال سيره في الطبيعة "عندما نقوم بنزهات نشعر بالحرية ونرتاح وننسى المتاعب".

وقد اقام مع صديقه ام رونو (29 عاما) صفحة عبر "فيسبوك" و"إنستغرام" باسم "ياماناكا يوكو" حيث يعرضان صورا واشرطة فيديو حول نزهاتهما في التلال في هونغ كونغ والخارج. وهما يصفان نفسهما على انهما فنانان يستوحيان من الطبيعة.

وبات لهذا الثنائي مجموعة من المتابعين فيما يطلب منهما متنزهون محليون نصائح بانتظام حول مسارات  وقد شاركا في حملات مع منظمات غير حكومية تعنى بالبيئة.

ويقول رونو وهو مصور متفرغ "رسالتنا تقوم على حماية البيئة والطبيعة".

وهو يقلق على مستقبل مسارات هونغ كونغ الطبيعية اذ ان ازمة الاسكان ادت الى اقتراحات حكومية بتشييد ابنية عند حدود المتنزهات الريفية.

لكن مع الاقبال المتزايد على التنزه في الطبيعة ولا سيما في صفوف الشباب، يأمل ان تفشل هذه المخططات.

- علاج للروح -

في صبيحة يوم مشمس وبارد يمارس ستون تسانغ الرياضة على مسار قريب من تاي مو شان اعلى قمة في هونغ كونغ.

ويفوز تسانغ (39 عاما) في الكثير من السباقات وقد شارك في سباق تلال محلي منهك قبل فترة قصيرة قطع خلاله مسافة 298 كيلومترا في غضون 54 ساعة وكان ينام خلاله  لفترات وجيزة عندما يغلبه النعاس.

ويقول المسعف والاب لولدين ان الخروج الى هذه الاماكن الشاسعة المفتوحة حيوي بالنسبة له لمكافحة الضغط النفسي.

ويصرح لوكالة فرانس برس "المجيء الى هذه الجبال يشكل علاجا بالنسبة لي. انه يشفي روحي".

والسير على دروب ترابية غير معبدة تنتشر فيها جذور الاشجار جزء من هذه التجربة.

لكن على مر السنين غطى الاسمنت بعضا من هذه المسارات في محاولة لجعلها اكثر امانا الا ان تسانغ يشن حملة عبر "فيسبوك "لمحاربة هذا المنحى.

ويقول ان الفنيين الحكوميين السابقين الذين ساعدوا في اقامة المسارات مستخدمين مواد طبيعية تقاعدوا الان فيما المقاولون الجدد ليس لديهم الخبرة في هذا المجال.

ويؤكد تسانغ ان الاسمنت دخيل على البيئة الطبيعية ويؤدي الى الانزلاق والى تعري التربة.

وهو يوضح أن "غالبية عمليات الانقاذ في الجبال تحدث لأن أناسا غير متمرسين ضلوا طريقهم أو أصيبوا بتجفاف، وقليلة هي الإصابات نظرا لأحوال المسارات".

ويمارس تسانغ ضغوطات كي تتوقف الحكومة عن استخدام مزيد من الاسمنت وهو قدّم للسلطات خبراء دوليين يدربون العمّال على ترميم المسارات بشكل طبيعي.

وأشارت إدارة الزراعة ومصائد السمك والحفاظ لوكالة فرانس برس أنها ستستخدم مواد طبيعية "قدر الإمكان".

ويعمل تسانغ على تنظيم مسارات تنزّه في الطبيعة لتعزيز التعلق بالجبال التي يهددها التوسع العمراني.

وهو يعتبر أن "المتنزهات الطبيعية هي ممتلكات قيّمة في هونغ كونغ، ليس بالنسبة لنا فحسب بل أيضا للأجيال المقبلة".