الأقصرـ سامح عبدالفتاح
تعد "الأقصر" واحدة من أعظم مدن السياحة التاريخية على مستوى العالم، لما تمثله من متحف مفتوح يعطي الفرصة لزائريه بأن يستمتعوا برؤية المعابد والمقابر والتماثيل الفرعونية التي شيدت أثناء العصر الفرعوني الحديث عندما كانت الأقصر عاصمة مصر القديمة، ومركزا سياسيا واقتصاديا ودينيا وعسكريا وأهم مدن العالم في تلك الحقبة، ومع بداية فصلي الخريف والشتاء، وهو ما يعرف بالموسم السياحي الشتوي، حيث تكون درجات الحرارة معتدلة يتزايد توافد السائحين من كل دول العالم لزيارة معالم الأقصر السياحية، وأبرزها معابد الكرنك المذهلة، ومعبد الأقصر ومقابر وادي الملوك ووادي الملكات ومقابر النبلاء، ومعابد هابو وحتشبسوت والرامسيوم وتمثالي ممنون، بالإضافة إلى متحفي الأقصر والتحنيط والعديد من المعابد المذهلة والتماثيل العظيمة الأخرى لملوك الفراعنة.
وتسببت الأحداث السياسية الأخيرة التي تلت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، التي أطاحت بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، في تراجع كبير لحركة التوافد السياحي على الأقصر، مما أثر سلبيا على قطاع السياحة في الأقصر بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية، إلا أن صناع السياحة في الأقصر يراهنون على الأقصر وقدرتها على جذب السائحين مرة أخرى لرؤية معابد ومقابر ملوك وملكات الفراعنة والاستمتاع بالأجواء الشتوية المعتدلة في البرين الشرقي والغربي للمدينة الفراعنة، ومع وصول الموسم السياحي الشتوي الجديد، مثلت حركة تزايد الوفود السياحية "بشرة خير" لأهالي الأقصر والعاملين في القطاع السياحي، الذين يأملون في عودة حركة السياحة إلى سابق عهدها قبل عام 2011، في الوقت الذي رفعت فيه مختلف الجهات الحكومية المختصة وعلى رأسها سلطات محافظة الأقصر لتوفير كافة أجواء النجاح للموسم السياحي الجديد ليكون نقطة انطلاقة جديدة لاستعادة الأقصر لبريقها السياحي.
وشهدت مدينة الأقصر رواجًا سياحيًا كبيرا مع بداية الموسم السياحي الشتوي الجديد، بدأت بوصول عدد من المشاهير والشخصيات الدبلوماسية لزيارة المناطق الأثرية والسياحية في المدينة الفرعونية أبرزهم رئيس البرلمان المجري لاسلو كوفير، والرئيس التنفيذي للبنك الدولى شالون يانج، والسفير النرويجي لدى القاهرة ستين روسنس، والسفير البريطاني جون كاسن، وسفير الأرجنتين بالقاهرة إدورادو أنطونيو فاريلا، وسفير جمهورية فيتنام الاشتراكية بالقاهرة دو هوانغ لونغ، وسفير جنوب أفريقيا بالقاهرة وبنجتون قوسيموسي مافيمبيلا، والقائم بأعمال السفير الكوري الجنوبي كيم بيونج كوان، والقنصل العام الأميركي في مصر ليزا فيكرز، والقنصل العام الفرنسي بمصر أوليفييه بلنسون، وعمدة مدينة مونتيفيديو عاصمة أوروجواي دانيال مارتينيز، بالإضافة إلى رئيسة دار أوبرا هانغتشو الصينية الفنانة مي تسوي، وملكة جمال البرتغال فليبيا بارسو، وملكة جمال بورتوريكو وبطلة أغنية "ديسباسيتو" الشهيرة النجمة زوليكا ريفيرا.
وقال عضو لجنة التسويق السياحي للأقصر محمد عثمان، إن الموسم السياحي الشتوي الحالي هو الأفضل سياحيا للأقصر منذ عام 2010 ، مشيرا إلى أن الأقصر شهدت انتعاشة قوية مع بدايته وتخطت نسب الإشغال السياحية في فنادقها الثابتة والعائمة حاجز الـ50%، كما ارتفع متوسط إنفاق السائح إلى 85 دولارا يوميا بعد أن كان متوسط إنفاق السائح ما بين 35 و45 دولار فقط خلال السنوات الماضية، مشيرا إلأى أن ذلك يمثل تطور كبير في نوعية السائح القادم إلى الأقصر وارتفاع مستوى دخله مما يساعد على تطور الدخل السياحي وتوفير العملات الأجنبية، وأوضح الخبير السياحي ورئيس إحدى الشركات السياحية في الأقصر ثروت عجمي، أن الحركة السياحية الوافدة إلى الأقصر خلال موسم الشتاء الحالي مبشرة للغاية وتعد أفضل المواسم السياحية الشتوية خلال السنوات الماضية، موضحا أن هناك ارتفاع كبير في أعداد السائحين القادمين من السوقين الصيني والياباني، بالإضافة إلى السوق الألماني، كما أن هناك تقدما ملحوظا في أعداد السائحين القادمين من السوق الأميركي والفرنسي والإسباني وأسواق دول أميركا الجنوبية مثل البرازيل وأورجواي والأرجنتين، مشيرا إلى أن السوق الإنجليزي الذي كان يعد سوقا رئيسيا مصدرا للسياحة في الأقصر جاء مخيبا للآمال هذا الموسم حيث أن حركة السياحة الإنجليزية لن تعود إلا مع بداية موسم الشتاء القادم.
وأشار الخبير السياحي وصاحب أحد الفنادق العائمة بين الأقصر وأسوان أشرف فرج، إلى ارتفاع عدد الفنادق العاملة بين مدينتي الأقصر وأسوان مع بداية الموسم الشتوي الجديد إلى 80 فندقا عائما، موضحا أن جنسيات السائحين المتواجدة في تلك الفنادق يتصدرها السائحين الألمان والصينيين تليهم الجنسيات الأميركية والإنجليزية والفرنسية واليابانية والإسبانية، مشيرا إلى أن الأقصر تأمل في عودة الجنسيات التي كانت في مقدمة الجنسيات الزائرة للأقصر مثل ايطاليا وسويسرا وروسيا والدول الاسكندنافية، وأوضح مدير عام آثار الكرنك الدكتور مصطفى الصغير، أن المناطق الأثرية تشهد منذ بداية الموسم الشتوي الحالي إقبالا كبيرا من السائحين من مختلف الجنسيات على زيارة المعابد والمقابر والمعالم الفرعونية المختلفة في الأقصر، وعلى رأسها معبد الكرنك الذي يعد المزار الأثري الرئيسي لهؤلاء السائحين، مشيرا إلى أن أعداد السائحين الزائرين لمعبد الكرنك حاليا هي الأعلى منذ عام 2011.
وأشار رئيس جمعية المرشدين السياحيين في الأقصر رمضان سعد الدين، إلى أن الموسم الشتوي الحالي أعاد الأمل للمرشدين السياحيين في عودة السياحة إلى سابق معدلاتها بعد السنوات السبع العجاف الماضية، مشيرا إلى إن نسب الإشغال في الأقصر تبشر بحركة متميزة وزيادة كبيرة في المواسم القادمة، لافتا إلى أن كافات القطاعات العاملة في السياحة من أصحاب الفنادق وشركات البالون وأصحاب البازارات السياحية والمطاعم السياحية وحتى سائقي الحنطور وسائقي التاكسي والمراكب الشراعية واللانشات النيلية يشعرون بتحسن كبير خلال هذا الموسم الذي يمثل لهم عودة الروح إلى الجسد السياحي في الأقصر بعد حالة ركود استمرت 7 سنوات، وقال الخبير السياحي في مجال البالون الطائر مصطفى الصادق، أن الموسم الشتوي الجديد شهد عودة الإقبال على رحلات البالون الطائر من جديد وذلك بعد تراجع الإقبال على تلك الرحلات خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن الموسم الحالي يشهد إقبال كبيرا من جانب السائحين على الاستمتاع بذلك النوع من الحلات، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 25 رحلة يومية تشهدها المدينة الأثرية مع بزوغ الفجر حيث يستمتع السائحين بمشاهدة مدينة الأقصر ونهر النيل والمناطق الأثرية المختلفة من الجو وأصبحت الرحلة جزء من البرامج السياحية للعديد من السائحين.
وقال محافظ الأقصر محمد بدر، أنه سلطات المحافظة وفرت كافة الأجواء لإنجاح الموسم السياحي الشتوي، مشيرا إلى أنه تم عقد عدة لقاءات مع ممثلي أصحاب الشركات السياحية والفنادق والمرشدين السياحيين وشركات البالون، والقيادات الأمنية، ومسؤولي مكتب وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة والتنمية السياحية، ومطار الأقصر الدولي، وذلك لوضع خطة تنسيقية لانجاح الموسم السياحي، وضمان حسن استقبال السائحين على المستوى الذي يتناسب مع مكانة الأقصر التي تم اختيارها العام الماضي كعاصمة للسياحة العالمية، وأكد محافظ الأقصر، أنه تم رفع كفاءة الطرق الداخلية بالمدينة والمحيطة بمطار الأقصر الدولي وصولاً للفنادق السياحية ثم المعابد والمقابر الفرعونية بالبر الشرقي والغربي في الأقصر، وتم تنفيذ خطة تجميل وتشجير موسعة لشوارع الأقصر، مع تكثيف التواجد الأمني لضمان تقديم أفضل خدمات للسياح خلال تنقلهم بالمحافظة، مشيرا إلى أنه توجد غرفة عمليات داخل ديوان عام المحافظة لمتابعة انتظام الحركة السياحية وحل أي مشكلة تواجه القطاع السياحي فور وقوعها، مؤكدا أن نجاح الموسم السياحي الحالي سيساهم بصورة كبيرة في الاتجاه نحو عودة معدل حركة التوافد السياحي إلى طبيعتها قبل عام 2011.