القاهرة ـ مصر اليوم
نتساءل دائمًا، هل يقبل الله توبتنا برغم إصرارنا على ارتكاب الذنب مرات ومرات عديدة، ونتوب دائمًا بعد كل ذنب، وكلنا ندم وعازمون على ألا نعود له مجددًا، ونعود ونقع في نفس الذنب، ونبرر أحيانا لأنفسنا أنه الشيطان – مبررين لأنفسنا تكراره، لكن هل يجوز الاستغفار من الذنب وأنا مقيم عليه؟!
عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: "ما من عبدٍ مؤمنٍ إلا وله ذنبٌ يعتادُه الفينةَ بعدَ الفينةِ، أو ذنبٌ هو مقيمٌ عليه لا يُفارِقُه حتى يُفارِقَ الدنيا، إنَّ المؤمنَ خُلِقَ مفتَّنًا توابًا نسَّاءً، إذا ذُكِّرَ ذكَرَ" - السلسلة الصحيحة.
وفي المستدرك، أنّ النّبيّ جاءه رجل فقال يا رسول الله: أحدنا يذنب، قال: يُكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه، قال: يُغفر له ويُتاب عليه، قال: فيعود فيذنب، قال: يُكتب عليه، قال: ثمّ يستغفر منه ويتوب، قال: يُغفر له ويُتاب عليه، ولا يملّ الله حتّى تملّوا.
وقيل للحسن: ألا يستحي أحدنا من ربّه يستغفر من ذنوبه ثمّ يعود ثمّ يستغفر ثمّ يعود، فقال: ودّ الشّيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملّوا من الاستغفار.
قال شيخ الإسلام: "فإن الاستغفار هو طلب المغفرة، وهو من جنس الدّعاء والسؤال، وهو مقرونٌ بالتوبة في الغالب، ومأمورٌ به، لكن قد يتوب الإنسان، ولا يدعو، وقد يدعو ولا يتوب"، فإذا اجتمعت التوبة والاستغفار فهو الكمال.
قال ابن رجب: "وظاهر النّصوص تدلّ على أنّ من تاب إلى الله توبة نصوحًا، واجتمعت شروط التّوبة في حقّه، فإنّه يُقطع بقبول الله توبته، كما يُقطع بقبول إسلام الكافر إذا أسلم إسلاماً صحيحاً، وهذا قول الجمهور، وكلام ابن عبدالبر يدلّ على أنّه إجماع".
وقال أيضا ابن رجب: "ومجرّد قول القائل: اللّهمّ اغفر لي، طلبٌ للمغفرة ودعاء بها، فيكون حكمه حكم سائر الدّعاء، إن شاء أجابه وغفر لصاحبه، لاسيّما إذا خرج من قلب منكسر بالذّنب، وصادف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار، وأدبار الصّلوات".
ويُروى عن لقمان عليه السّلام، أنه قال لابنه: "يا بنيّ عوّد لسانك: اللّهمّ اغفر لي؛ فإنّ لله ساعات لا يردّ فيها سائلاً".