القاهرة - مصر اليوم
بدأ الصحابة في الانتصار للدين الإسلامي، وخوض المعارك، وكانوا يطلبون الشهادة من الله طمعا في الجنة، وهناك من منحه الله بعد الموت مباشرة ما يبشره بالجنة، ويعطي رسالة لمن يمشي في جنازته، بأن الجنة تنتظر أصحابها ممن اشتروا الآخرة، ومن هؤلاء الصحابي الجليل سعد بن معاذ الذي اهتز له عرش الرحمن بعد وفاته، ونزلت الملائكة في جنازته.
من هو سعد بن معاذ؟
هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرؤ القيس بن عبد الأشهل، أسلم قبل الهجرة بعام على يد الصحابي الجليل مصعب بن عمير، وهو أول سفير في الإسلام أرسله النبي إلى يثرب بعد بيعة العقبة الأولى ليعلم الناس مبادئ الدين الإسلامي.
وكان بن معاذ سيد قبيلة الأوس، وزعيما لقومه بني الأشهل، فبعد إسلامه خرج على قومه وأخبرهم بإسلامه، ولأنه كان محل ثقة لديهم، أسلموا جميعا على يديه، وبدأ ابن معاذ في تكسير الأصنام التي كان يعبدها قومه.
مواقفه وجهاده في سبيل الله
ترك سعد بن معاذ بصماته في التاريخ الإسلامي، من خلال مواقفه العظيمة التي خدم بها الإسلام والمسلمين، حيث شارك مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أبلغ أصحاب بدر، أن قريشا خرجت للقتال، وسألهم عن رأيهم، فأعلن المهاجرون عن رغبتهم في الخروج لقتالهم، ولكن لم يبد أحد من الأنصار رأيه، فسألهم النبي فرد سعد بن معاذ ليطمئن رسول الله ويسجل موقفا من مواقفه العظيمة "والله لكأنما تريدنا يا رسول الله قال النبي أجل، قال سعد فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق، إن استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله"، وكان سعد من أوائل المشاركين في الغزوة، وأقام مقرا للنبي ليقود المعركة وعين واحدا من المسلمين لحراسته، وكان يساعد هو أيضا في حراسة النبي.
وشهد سعد بن معاذ أيضا غزوة الخندق، وكان له موقف مع بني قريظة، حيث نقضوا عهدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتحالفوا مع الأحزاب لخيانة المسلمين وطعنهم من الخلف، فأرسل لهم النبي سعدا حتى يتأكد من الخبر، وبالفعل ذهب سعد وتأكد من خيانتهم للعهد وحاول تحذيرهم من مصير خيانتهم.
وعندما حاصر المسلمون إلى بني قريظة، وأصبح الموت يلاحقهم على يد المسلمين، حاول قوم سعد بن معاذ التوسط عند النبي حتى يعفو عنهم، ولكن النبي رفض، وأشار النبي على بني قريظة أن يحكم أحدا من الأوس فيهم، فوافقوا على تحكيم سعد بن معاذ، وعندما ظهر سعد قال النبي صلى الله عليه وسلم "قوموا إلى سيدكم فأنزلوه"، وبالفعل قاموا احتراما له، فقال له النبي "احكم فيهم فقال سأحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم فقال النبي لقد حكمت فيهم بالذي أمرني الله به"، وجاء حكم سعد بناء على خيانتهم للعهد مع رسول الله.
كيف مات سعد بن معاذ؟
شارك سعد بن معاذ في غزوة الخندق، وعاد منها جريحا، وشارك النبي محمد صلى الله عليه وسلم في محاولة علاجه من خلال كي ذراعه، وطلب من رفيدة الأسلمية أن تسهم في علاجه في خيمتها وكانت وقتها تقدم خدمة التمريض للمسلمين، فاختارها النبي محمد صلى الله عليه وسلم لعلاج سعد، فقد روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق بسهم أطلقه أبو أسامة الجشمي حليف بني مخزوم، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم رفيدة أن تقيم خيمة في المسجد، وقال اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده من قريب".
وحضر النبي ومعه صاحباه أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب لحظة وفاة سعد بن معاذ، الذي مات وعمره 37 عاما، قدم منها ست سنوات لله ورسوله والمسلمين. وفي جنازته لاحظ الصحابة أن الكفن خفيف الوزن، وقال حسن البصري كان سعد بادنا، فلما حملوه، وجدوا له خفة، فقال رجال من المنافقين، والله إن كان لبادنا، وما حملنا أخف منه، فبلغ ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم فقال إن له حملة غيركم، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد، واهتز له العرش"، وعن عائشة بنت أبي بكر عن النبي عن النبي قال "إن للقبر ضغطة، ولو كان أحد ناجيًا منها، نجا منها سعد بن معاذ"، وروى سعد بن أبي وقاص عن النبي قوله "لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفًا ما وطئوا الأرض قبل، وبحق أعطاه الله تعالى ذلك". توفى سعد بن معاذ وهو ما زال شابا، بعد أن قدم خلال الست السنوات التي قضاها مسلما، أروع الأمثلة في حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله