واشنطن ـ رولا عيسى
قاد المحامي الأميركي ستانلي كوهين، مبادرة للإفراج عن الرهينة بيتر كاسيغ، في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والذي كان محتجزًا لدى تنظيم "داعش" في سورية، إلا أنَّ تخلي المخابرات الأردنيّة عن الاتفاق المقع مع مكتب التحقيقات الفدرالية الأميركي (إف بي آي) أدى إلى إعدام الرهينة.
وكشفت رسائل البريد الإلكتروني المسربة عن محادثات مبدئية، بين مسؤولي الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب وقادة "داعش"، لتأمين الإفراج عن (عبد الرحمن) بيتر كاسيغ، مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي ظلت مستمرة لأسابيع عدة، وبعلم من مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وتمَّ اعتقال الرهينة كايسغ، الذي اعتنق الإسلام، منذ أكثر من عام، إلا أنَّ إحدى الجماعات التكفيرية أعلنت عن وفاته، في 16 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، عبر شريط فيديو مروع.
وكانت مبادرة الإنقاذ، "الفاشلة" في نهاية المطاف، من طرف المحامي الأميركي ستانلي كوهين، والذي مثّل صهر أسامة بن لادن، وأحد أعضاء حركة "حماس" في المحكمة الأميركية.
وأقنع كوهين اثنين من كبار قادة "داعش" الأكثر نفوذًا في التنظيم، وهما أبو محمد المقدسي وأبو قتادة، إضافة إلى مسؤول كويتي في تنظيم "القاعدة"، رفض أن يكشف عن اسمه، مشيرًا إلى أنه "دعم المفاوضات أيضًا عدد من سجناء القاعدة السابقين ونشطاء حقوقيين، طالبوا بالإفراج عن الرهينة الأميركي السابق لدى داعش".
وبيّن كوهين أنّه "كان الهدف فقط هو تحرير كاسيغ، ولكن أسلوب قتل الرهائن هو الأسلوب الدائم الذي تعتمد عليه داعش، حيث تعمق المعركة اللاهوتية بين الجماعة وتنظيم القاعدة".
وأكّد موظفو مكتب التحقيقات الفدرالي أنَّ "كبار المسؤولين تابعوا الإجراءات مع كوهين، كما أن المكتب وافق على دفع مبلغ 24 ألف دولار كنفقات لكوهين ومترجم اللغة العربية الخاص به، أثناء تواجده في منطقة الشرق الأوسط، لمدّة 17 يومًا".
وأشاروا إلى أنّه "حال نجاح المفاوضات، كانت ستحمل مخاطرًا عالية جدًا للولايات المتحدة، ففي مقابل التخلي عن الرهينة الأميركي، عرضت داعش الإفراج عن المقدسي وأبو قتادة، وهما من كبار الشخصيات الدينية لدى تنظيم القاعدة".
وكشف كوهين، أنه "كان هدفهم ليس تحرير كاسيغ فقط، ولكن إقناع تنظيم داعش التوقف عن أخذ المدنيين كرهائن وقتلهم، وهو أسلوب أثار غضب عدد من المنظرين الجهاديين، وعمق من المعركة الفكرية بين التنظيم والقاعدة".
وأعدّ كوهين، الذي توجّه إلى الشرق الأوسط في 13 تشرين الأول/أكتوبر، بروتوكولاً ليوقعه مكتب التحقيقات الفدرالي والسلطات الأردنية، يسمح للمقدسي بإجراء اتصالات مع أحد تلامذته، البحريني تركي البنعلي، الذي يعتبر المنظر المهم لتنظيم "داعش".
ويشير البروتوكول، المؤرخ في 22 تشرين الأول/أكتوبر، إلى أنه "وافق الأردن على الطلب له، من المقدسي، لإجراء مكالمات من أحد مقرات المخابرات، ولن توجه له اتهامات بسبب المكالمات، أو التحقيق معه ومساءلته في شأنها".
وجاء فيه "لن يتم مراقبة المكالمات أو التحكم بها لأهداف توجيه ضربات بطائرات بدون طيار، وسيقوم الشيخ، إن سمح له، بمناقشة الحاجة لوقف تام لكل عمليات أخذ الرهائن من الصحافيين وعمال الإغاثة المدنيين والمسلمين والقيام بإعدامهم بأية وسيلة".
وكشفت رسائل البريد الإلكتروني المسرّبة أنه بعد يوم رد مسؤول في مكافحة الإرهاب من واشنطن بأنّ "الموافقة تمت على المهمة".
ولفت مسؤول في مكتب التحقيقات الفدرالي إلى أنّ "المكتب لم يحصل على، أو يقدم تأكيدات، من أنّ المقدسي وغيره ممن شاركوا في الجهود سيكونون بمأمن الملاحقة بعد الاتصال مع داعش"، إلا أن كوهين يعتقد أن صفقة عقدت، ولهذا بدأ المقدسي سلسلة من الاتصالات مع البنعلي، عبر تطبيق "واتس آب".
وأضاف كوهين أنّ "داعش قدم تعهدات بالحفاظ على حياة كاسيغ، طوال فترة المفاوضات"، مشيرًا إلى أنّه "تلقى التأكيد من المقدسي بأنه واثق من إطلاق داعش سراح كاسيغ، وكان يستند في هذا على محادثاته مع البنعلي، ولكن المخابرات الأردنية قامت في اليوم التالي باعتقال المقدسي، بتهمة استخدام الإنترنت للترويج والتحريض لنشر أفكار تنظيم جهادي إرهابي"، موضحًا أنه "من هنا انهارت المحادثات".
وبيّن كوهين أنه "شعر بالخيانة، لأن البروتوكول الذي أعده لمنع اعتقال المقدسي خرق"، مضيفًا "أشعر بأننا فقدنا فرصة ذهبية ليس للحفاظ على حياة كاسيغ، وكل الرهائن المحتملين".
وفي الوقت الذي لا يزال فيه المقدسي رهن الإعتقال، أكّد أبو قتادة تفاصيل قنوات التفاوض، كاشفًا لإحدى الصحف البريطانية أنه "عمل مع المقدسي للمساعدة في الإفراج عن كاسيغ، وكتب لقائد تنظيم داعش، وحثه على إطلاق سراح عامل الإغاثة الأميركي".
ورفضت الحكومة الأردنية الرد على أسئلة من الصحيفة في شأن اعتقال المقدسي، وإن كان له علاقة بمفاوضات كاسيغ أم لا.
وأبرز المتحدث باسم الـ"أف بي أي" بول بريسون أنَّ "أولوية (أف بي آي) في التحقيق بالاختطاف هي عودة مواطننا سالمًا، ولأن الظروف تختلف من حالة لأخرى، يعمل المكتب مع بقية أجهزة الحكومة الأميركية، لمناقشة كل الخيارات القانونية التي تساعد على تحرير الرهينة، والحفاظ على هذه الخيارات، احترامًا لعائلات الرهائن، فمن النادر ما نناقش التفاصيل علنًا".