معبر رفح البري

عزّز الاتفاق الأخير بين حركتي "فتح" و"حماس"، الذي ينص على بسط حكومة التوافق الفلسطينية سيادتها على قطاع غزة، من إمكان فتح معبر رفح البري مع مصر، بصورة كاملة، بعدما رهنت السلطات المصرية ذلك بعودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.
 
ورأت مصادر فلسطينية مطلعة أنَّ "فرص الاتفاق على إعادة فتح المعبر ليعمل بكل طاقته أصبحت أقوى بكثير بعدما صارت حماس خارج الصورة"، مؤكدة أنَّ "هناك مشاورات تجري بين السلطة ومصر، بغية تذليل أيّة عقبات".
 
وأشارت إلى أنَّ "ذلك يحتاج بعض الوقت، وتذليل كثير من العقبات، كما أنه مرهون بالتأكد من تمكين حكومة التوافق برئاسة رامي الحمد الله من بسط نفوذها في غزة، قبل انتشار عناصر حرس الرئاسة الفلسطينية على المعبر".
 
وكان يفترض أن يكون فتح معبر رفح أحد أول وأهم منجزات المصالحة الفلسطينية، كما وعد صانعوها، لكن الأمر ليس بيد الفلسطينيين وحدهم، وكانت مصر أخرجت موضوع معبر رفح من المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية بشأن غزة، وقالت إنه "شأن مصري – فلسطيني".
 
وأصرّت مصر على تسوية وضع المعبر مع السلطة الفلسطينية، دون أي تدخل لـ"حماس"، كما اشترطت وجود قوات دولية ثالثة على المعبر، وفق اتفاق 2005، وهو ما تؤيده دول أوروبية عدة كذلك.
 
وكشف موقع "واللا" الإسرائيلي، الأحد، أنَّ "حركة حماس وافقت على نشر 3 آلاف رجل أمن تابعين للسلطة الفلسطينية على المعابر والحدود في قطاع غزة".
 
وأبرز الموقع أنَّ "الحديث يدور عن موافقة مبدئية، لم يبحث تطبيقها بعد، كما لم يدرس الأمر مع إسرائيل".
 
وأكّد القيادي في حركة "حماس" محمود الزهار أنَّ "حركته لا تمانع مجيء حرس الرئيس إلى قطاع غزة وتسلم المعبر أو تعيين أي شخص لإدارته"، موضحًا أنَّ "المطلوب من الحكومة التحرك لمعالجة هذا الموضوع، في الوقت الراهن".
 
ويفترض أن يتسلم في المرحلة الأولى نحو ألف عنصر من حرس الرئيس من غزة المعبر، بعد تلقي دورات متخصصة، وإعادة تأهيلهم في مصر، على أن يلتحق بهم آخرون من الضفة الغربية، في مرحلة لاحقة.
 
ويتطلع أهالي قطاع غزة بشغف كبير إلى فتح المعبر بصورة كاملة، إذ يعد متنفسهم الوحيد إلى العالم الخارجي، في ضوء تحكم إسرائيل في باقي المعابر التي تصل الضفة الغربية.
 
ويعني فتح المعبر لمعظم أهالي القطاع انتهاء الحصار المستمر منذ 2007، لاسيما أنَّ ذلك يفترض أن يترافق مع حرية حركة الأفراد والبضائع من وإلى القطاع، حسب الاتفاقات السياسية مع إسرائيل.
 
وكانت حركتا "فتح" و"حماس" اتفقتا، الخميس الماضي، في القاهرة، على تمكين حكومة التوافق الوطني ووزرائها، كل في مجال اختصاصه، وحسب الصلاحيات والمهام الموكلة إليه، من العمل في قطاع غزة، وطالبتاها بالإسراع بتنفيذ ما ورد بشأن ممارسة واجباتها الأمنية على مناطق السلطة الوطنية.
 
وأكّد الطرفان "دعمهما الكامل للحكومة في سعيها لإنهاء الحصار وإعادة العمل في المعابر كافة مع الجانب الإسرائيلي في قطاع غزة، وعودة الموظفين العاملين في المعابر، للقيام بمهامهم تسهيلاً للمواطنين في تحركاتهم وفي تجارتهم وإدخال المواد المطلوبة لإعادة إعمار غزة".
 
وجاء في الاتفاق أنَّ "رفع الحصار وإعادة إعمار قطاع غزة أولوية قصوى لشعبنا وقواه السياسية، وتحقيقًا لذلك نؤكد التزامنا بتثبيت وقف إطلاق النار وفقًا لما جرى الاتفاق عليه في المفاوضات غير المباشرة بالرعاية المصرية بين الجانبين، ونؤكد أنّ إعادة الإعمار تتطلب أيضًا فتح المعابر كافة مع قطاع غزة وتسهيل إدخال مواد الإعمار".
 
من جهته، أشار عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الدكتور عزام الأحمد إلى أنَّ "حكومة التوافق الوطني ستمارس عملها بعد عيد الأضحى مباشرة في غزة كما الضفة الغربية، لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه مع حركة حماس بطريقة متتابعة، لاستعادة وحدة السلطة وفرض القانون".
 
وأضاف الأحمد أنَّ "ما تم الاتفاق عليه بين الطرفين، نهاية الأسبوع الماضي في القاهرة، ليس اتفاقًا جديدًا، وإنما تأكيد على السابق، ووضع آليات تنفيذية لبدء التحرك الفعلي في خطوات تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام".
 
وأوضح الأحمد أنّه "تمّ الاتفاق على بسط سلطة الحكومة في غزة، كما هو حاصل في الضفة الغربية، وعدم التدخل في شؤونها، سواء بطريقة مباشرة أم غير مباشرة، بحيث تكون هي صاحبة القرار في شأن كيفية عملها، وليس الفصائل، كما لا علاقة لفتح، أو حماس، بشؤون السلطة، وإنما عبر القنوات المرعية".
 
ولفت إلى التوافق على الموضوع السياسي، من حيث التحرك السياسي القاضي بمساعي تقديم مشروع فلسطيني إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال، ضمن سقف زمني محدد، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة، عاى حدود عام 1967.
 
وأبرز "التوافق على أنَّ قرار الحرب والسلم قرار وطني وليس فصائليًا"، مؤكدًا أنَّ "موضوع السلاح لم يطرح في المباحثات، ولا تفكر فتح في طرحه".
 
وتابع أنَّ "الحكومة القائمة، برئاسة رامي الحمدالله، ستبقى قائمة، ولم تطرح مسألة تغييرها، ولا توجد ضرورة لذلك، رغم دعوات بعض الفصائل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة القوى والفصائل الفلسطينية"، مقدرًا أنه "من المبكر الحديث في ذلك".
 
وأردف "من المهم الآن أن تبسط الحكومة السلطة المطلقة وفق القانون الأساسي وليس حسب الاتفاقات بين الفصائل، لاسيما الاتفاقات بين فتح وحماس".
 
واعتبر الأحمد أنه "بعد أيام من العيد مباشرة سيوضع كل شيء على المحك، لاسيما لجهة بعض التفسيرات غير الدقيقة التي صدرت من بعض قيادي حركة حماس بشأن الموظفين ورواتبهم".
 
وبيّن أنَّ "معالجة كل ما يتعلق بالموظفين في قطاع غزة ستتم وفق ما تقرره الحكومة، عبر اللجنة الإدارية والقانونية، التي تم الاتفاق على تشكيلها وفق اتفاق القاهرة لعام 2011"، موضحًا أنَّ "اللجنة مشكلة من عدد من الوزارات والجهات الفلسطينية المعنية، كما انضم إليها خبراء من سويسرا و(UNDP)، للمساعدة".
 
ولفت إلى أنَّ "اللجنة سترفع توصياتها إلى الحكومة في شأن موظفي القطاع، بما في ذلك قضية الرواتب، وأيّة مشاكل أخرى".
 
واستطرد أنَّ "مقياس نجاح تحقيق خطوات المصالحة يكمن في الالتزام الوطني والتصرف من هذا المنطلق، بعيدًا عن أيّة أجندات إقليمية ودولية"، حسب تعبيره.