القاهرة – إيمان إبراهيم
كشفت مصادر عسكرية في شأن الجدار العازل المقرر أن تقيمه مصر على الحدود الواقعة بينها وقطاع غزة، والذي يمتد على طول 13 كيلو مترًا، في محاولة لسد الثغرات التي تهرّب عبرها الأسلحة.
وأوضحت المصادر، في تصريح خاص إلى "مصر اليوم"، أنّه "بإختصار تعتمد على كتل خرسانية مصنوعة مسبقًا، وذات أربع رؤوس، يتم ترتيبها بطريقه (رجل الغراب)، لمنع الالتفاف حولها، أو المرور عبرها، توضع على أعماق بداية من 50 مترًا، وإلى الأعلى، بفاصل 10 أمتار تربة هشة، وبفاصل أفقي 20 مترًا".
وأضافت "سيتم وضع مجسات للحركة الأرضية في كل كيلو متر، لتغطي مساحة استكشافية لأية حركة في باطن الأرض، وعلى عمق 50 مترًا، بغية تحديد مكان التحرك بدقة متناهية".
وأشارت إلى أنّه "يتم وضع عبوات متفجرة، ذات اتجاه تفجيري لأحد الجوانب، أو عبوات منتشرة الانفجار، ويكون لها خريطة إلكترونية مرتبطة مع المجسات، لتوجيه التفجير في اتجاه معين، سواء كان للجانب الأيمن أو الأيسر أو منتشر، للتأثير المباشر على أي أعمال حفر تتم، وبهذا لن يسمح لأي كائن الدخول إلى أراضي مصر، والوسيلة الوحيدة لعبور الفلسطينيين ستكون معبر رفح الحدودي".
وعن القراءة الأمنية لمذبحة كرم القواديس، التي تمت ظهيرة الجمعة الماضي، واستشهد إثرها 30 جنديًا وضابطًا، فضلاً عن إصابة 28 آخرين، بيّن الباحث الأمنيّ محمد إبراهيم أنَّ "منفذي عملية كرم قواديس لن يقلوا عن خمسين مقاتلاً، مدربين على أعلى مستوى، وهم ليسوا مصريين، معظمهم فلسطينيين مع بعض أهالي سيناء".
ورأى أنَّ "العملية تمت بتمويل أجنبي، وتخطيط حمساوي، وتنفيذ تنظيم أنصار بيت المقدس"، لافتًا إلى أنَّ "تنفيذ العملية يكشف عن قصور أمني شديد على الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وعلى الطرق والمحاور ونقط المراقبة في سيناء، وتقصير في متابعة تأمين الكمائن، والارتكازات الأمنية".
وأشار إلى أنَّ "ما حدث في سيناء يعدّ عملية استخباراتية، فالتسلل دون إفتضاح الأمر، واختيار توقيت و مكان العملية يعتبران دلياًل على ذلك"، مبرزًا "عدم إنسحاب منفذي العملية للخلف، أو إختفاءهم سريعًا، وإصرارهم على تحقيق أكبر الخسائر في الأرواح، عبر تكرار المواجهة المسلحة مع عناصر الجيش، ثم التواجد بهدف إصابة مجموعات الإمداد و الإسعاف المصرية".
ولفت إلى أنَّ "معرفة خط سير قائد قوات العمليات الخاصة المصرية، ورصده ثم إصابته أثناء توجهه إلى الموقع، وزرع متفجرات أرضية على خط السير، إنما يعتبر تطورًا نوعيًا، لا يملكه إرهابي إنتحاري، وعلى الرغم من طول وقت العملية، إلا أنَّ منفذيها نجحوا في الإختفاء فجأة، دون أن يتركوا أثرًا يدل عليهم، أو حتى خيط رفيع".
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي في كلية الاقتصاد جامعة عين شمس الدكتور نبيل عبدالفتاح أنَّ "الإجراءات الرادعة التي أعلنتها رئاسة مجلس الوزارء ورئاسة الجمهورية، والتي تتضمن توسيع نطاق عمل القضاء العسكري، وتحويل كل قضايا الإرهاب والتخريب إليه، سيكون أحد وسائل الردع الفاصلة في المشهد المصري، لاسيما أنَّ الخراب الذي طال سيناء، في الفترة الماضية، أثر سلبًا على العلاقات بين البلدين (مصر وفلسطين)، بما فيهم الشعبين، وهو ما ترفضه السلطة المصرية، التي تلزم نفسها حتى الآن بحل القضية الفلسطينية، وهو ما برز في رعاية مصر لمفاوضات وقف إطلاق النار الأخيرة على غزة".
وأردف "الجدار العازل ليس بأمر جديد، فالوضع الفعلي يقول أن هناك جدارًا إنسانيًا بين حكومة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تتولى مهمه إدارة شؤون قطاع غزة، والسلطة المصرية، التي جاءت إثر إنتخابات رسمية بعد 30 حزيران/يونيو، لاسيما بعد التصريحات التي أطلقها قادة حماس بأنهم الذراع العسكري لجماعة الإخوان المسلمين، المحظورة في مصر، وتظاهراتهم المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي، فضلاً عن مئات الأسلحة التي ضبطها الجيش المصري، أثناء عمليات المداهمات المختلفة للبؤر التي ثبت تبعيتها لحماس".
وبيّن أنَّ "كل هذه الظروف خلقت أجواء متوترة بين الجانبين، المصري، ممثل في السلطة الشرعية والشعب، وبين حماس"، معتبرًا أنَّ "ازمة حقيقة خلقتها حماس في المنطقة، وعليها أن تعيد بناء علاقتها مع الشعب المصري قبل السلطة، وإن لم تفعل فإنها تنتحر سياسيًا في المنطقة، وتكتب بيديها سطور بقاءها الأخيرة".