عمال المصانع

رصد مؤشر الحراك العمالي، الصادر عن مؤشر الديمقراطية، 111 احتجاجًا عمّاليًا، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، مسجلاً ارتفاعًا بـ17 احتجاجًا عن سابقه.

وأوضح المؤشر، في تقرير له، أنه "قام عمال المصانع والشركات بـ 36 احتجاجًا، منها 12 احتجاجًا فقط  لعمال مضارب الرز، وخرجت معظمها للمطالبة بصرف الرواتب والحوافز، وفي المركز الثاني العاملين في القطاع الطبي، حيث نظموا 12 احتجاجًا، منها حالات أثارت جدلاً واسعًا في شأن أحقية القطاع الطبي في ممارسة الاحتجاج، نظرًا لأنه قطاع حيوي، يتعلق بأرواح المواطنين".

وأضاف "أثارت مشكلة إضراب ممرضات جامعة الإسكندرية، للمطالبة بصرف متسحقاتهن المالية، واحتجاجًا على عدم صرف حافز 30%، جدلاً واسعًا، حيث وصل الأمر لتحويلهن للنيابة العامة للتحقيق معهن، في شأن ما تررد عن وفاة حالتين بسبب إضرابهن".

وأشار إلى أنه "نظم العاملون في القطاع التعليمي 12 احتجاجًا، منها 11 للمدرسين واحتجاج واحد لأعضاء هيئة التدريس، وكانت غالبها للمطالبة بالتثبيت، كما نظم الصحافيون 9 احتجاجات، والمحامون 8 احتجاجات، والعاملون في وزارة الزراعة 6 احتجاجات، ومثلهم السائقون، والتجار وأصحاب المصانع والمحلات والأكشاك والمخابز، فيما نظّم الموظفون في المراكز والمحليات والعاملون في القطاع الأمني 3 احتجاجات".

وتابع "قام كل من العاملين بمشروع المخابز وعمال المساجد باحتجاجين لكل منهما، واحتجاج واحد لكل من مدرسي ومدربي التعليم المهني التابعين لوزارة الصناعة، العاملين في أندية هيئة قناة السويس، والعاملين في المحاجر، والمزراعين، وعمال النظافة، وأفراد الأمن الإداري في الجامعات".

وفي شأن أشكال الاحتجاجات العمالية، في تشرين الثاني/نوفمبر، نظم العمال 35 إضرابًا عن العمل، و20 وقفة احتجاجية، و13 تظاهرة، و11 اعتصامًا، و9 حالات تقديم شكوى / مذكرة، و6 حالات تجمهر، وحالتي احتجاز مسؤول، وحالتي تنظيم مؤتمر وإصدار بيانات احتجاجية، وحالتي انسحاب من قضية/ مؤتمر، ومسيرتين، وحالة واحدة لكل من إغلاق نقطة مرورية، ومقاطعة تغطية مؤتمرنشاط مسؤول، وحالة انتحار، وحالة واحدة لقطع الفم وغلقه بقفل حديدي لصاحب كشك تمّت إزالته.

عن المحافظات التي شهدت حراكًا عماليًا، احتلت القاهرة المركز الأول بـ 22 احتجاجًا حيث كانت مقصدًا للعمال المحتجين لإيصال أصواتهم لصانعي القرار، فيما احتلت الإسكندرية المركز الثاني، حيث شهدت 10 احتجاجات عمالية، تلتها الغربية بـ 9 احتجاجات، والشرقية والجيزة بـ 8 احتجاجات، والسويس 6 احتجاجات، والمنوفية والدقهلية وكفر الشيخ بـ 5 احتجاجات لكل منهم، والبحر الأحمر، والمنيا 4 احتجاجات، والإسماعيلية والبحيرة والقليوبية 3 احتجاجات، واحتجاجين في كل من محافظات الأقصر، ودمياط، والفيوم، ومرسى مطروح، وسوهاج، واحتجاج واحد في كل من شمال سيناء، والوادي الجديد، وأسيوط، وقنا، وجنوب سيناء، وبورسعيد.

وتصدرت مطالب المستحقات المالية المتمثلة في صرف الرواتب والحوافز والأرباح مشهد الحراك الاحتجاجي للعمال بـ 30 احتجاجًا بنسبة 27 % من إجمالي الاحتجاجات، و12 احتجاجًا للمطالبة بالتثبيت، كما خرج العاملون بمضارب الرز في 12 احتجاجًا للمطالب بثبات أسعار الرز، وإنقاذ شركة المضارب من الإفلاس، و5 احتجاجات ضد بيع الشركات وتسريح العاملين فيها.

وانتفض المحامون ضد إهانة الضباط والقضاة لهم في 4 احتجاجات، و3 احتجاجات ضد الاعتداء على العاملين أثناء عملهم من طرف مواطنين أو أفراد أمن، واحتجاجين ضد النقل التعسفي.

ولاتزال أزمة الصحافيين المغلقة جرائدهم مستمرة، حيث خرجوا في احتجاجين للمطالبة بتوزيعهم على الصحف القومية.

كما لايزال العمال يتعرضون للعديد من المشكلات، التي تنتقص من حقوقهم في العمل، حيث نُظم احتجاجين ضد إرغام العمال على توقيع عقود جديدة دون حساب أعوام العمل السابقة.

وقام العمال بتنظيم أشكال احتجاجية غير متعلقة بحقوق العمل بصورة مباشر ولكن اعتراضًا على قضية تمسهم، حيث قام الموظفون في محافظة البحر الأحمر بالإضراب عن العمل للمطالبة بوقف قرار تقسيم المحافظات، واعتراضًا على نقل تبعيتهم لمحافظة المنيا، في احتجاجين، كما قام أعضاء هيئة التدريس في جامعة كفر الشيخ بتنظيم احتجاج اعتراضًا على الدعوة لمظاهرات 28 تشرين الثاني، ودعم الجيش والشرطة في مواجهة "الإرهاب".

ومنع الأمن وقفة احتجاجية سلمية أمام قصر الاتحادية، لعمال شركة الخدمات البترولية "بتروتريد"، ومصادرة اللافتات التي كانوا يحملونها، وذلك رغم إخطار العاملين للجهات الأمنية قبلها بوقت كاف، الأمر الذي اعتبره العمال تطورًا خطيرًا في علاقتهم بالأمن، بعد رفض الأمن إخطار التظاهر الحاصلين عليه.

وأكّد المؤشر، الذي تابع تطور الحراك العمالي، في تشرين الثاني الماضي، رصد إغلاق 252 شركة من أصل 1147 شركة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج، لأسباب متنوعة، بين تقاضي مبالغ أكثر من المقررة قانونًا، أو تقاضي مبالغ من العمال دون تسفيرهم، أو فقد شرط من شروط الترخيص مثل ترك المقر، أو المزاولة في مقر غير المقر المرخص به، أو بناء على طلب المدير المسؤول بتصفية نشاط الشركة، أو عدم تجديد الترخيص.

وشدّد المؤشر على "أهمية إعادة النظر في طبيعة مزاولة تلك الشركات لأنشطتها، لأنها أضحت واحدة من المسببات الأساسية لضياع حقوق العمالة المهاجرة".

وأبرز المؤشر أنّ "تدهور شركة الحديد و الصلب يعد أحد النماذج الواضحة على الهدم المتعمد للصناعة الوطنية، حيث ارتفعت مديونيات الشركة لـ١.٢ مليار جنيه، بعد انتهاجها العديد من السياسات العشوائية، التي كان أهمها بيع 300 ألف طن من منتجاتها بأقل من سعر التكلفة لتغطية التزاماتها، الأمر الذي أدى لخسارتها 894.7 مليون جنيه، في حين تعاني الشركة من فساد واضح في عمالتها، يتمثل في إصابة نحو 2577 من العاملين بها بأمراض مزمنة، في حين تبلغ أجورهم السنوية 204 مليون جنيه".

واعتبر أنَّ "تلك السياسات الفاسدة أحد أهم مرتكزات هدم الصناعة الوطنية والدفع لصالح الممارسات الإحتكارية"، داعيًا إلى "تدخل الأجهزة الرقابية المختصة للتحقيق في وقائع الفساد لدى الشركة، وتقديم العون الكافي لضمان انتشالها من حافة الهاوية".

وأردف "عكست ممارسات السلطة التنفيذية ازدواجية في تطبيق قانون التظاهر المعيب، حيث أحالت النيابة 5 ممرضات للتحقيق على خلفية إضراب ممرضات جامعة الإسكندرية، في حين تم وقف 9 ممرضات عن العمل لمدة 3 شهور، لتحريضهن على الإضراب، بينما تم فصل 3 أئمة في الأوقاف على خلفية مشاركتهم في مظاهرات جماعة الإخوان، وحبس موظف يومًا على ذمة التحقيق في اتهامه بالدعوة للإضراب، لكن في الوقت نفسه لم تتعرض أجهزة التنفيذ ولا التحقيق لأفراد شرطة النجدة في تظاهراتهم أو إضرابهم، ولا لأفراد الأمن المركزي، ولا للمظاهرات العمالية المناهضة لمظاهرات 28 تشرين الثاني، بصورة تعكس تفريقًا ومحاباة واضحة في تطبيق قانون معيب".

وذكر المؤشر أنه "إذا كان رئيس الوزراء قد قرر إحالة المضربين من ممرضات جامعة الإسكندرية للتحقيق، واتهامهم بالتسبب في مقتل مريضين، وتعطيل مرفق حيوي، فإن عليه إحالة أفراد الشرطة وموظفي الدولة الذين نظموا مظاهرات للتأييد، أو وقف العمل في إطار هذا القانون أيضًا".

وكشف أنَّ "سياسة الوعود الزائفة لا تزال إحدى السياسيات الحكومية المنتهجة منذ أيام مبارك لتهدئة الاحتجاجات العمالية موقتًا، حيث عاود عمال شركة الحديد والصلب المصرية، اعتصامهم داخل مقر الشركة، وذلك لرفض مجلس الإدارة برئاسة محمد نجيدة تنفيذ مطالبهم، التي اتفقوا عليها أثناء جلسة الصلح التي جمعت اللجنة النقابية في الشركة ورئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية المهندس زكي بسيوني، في حين عاود أكثر من 2000  عاملاً من عمال شركة الكوك المصرية اعتصامهم بمقر الشركة في حلوان، وذلك للمطالبة بصرف باقي نسبة العمال من مجنب الحافز السنوي (الأرباح السنوية)، وكانت الحكومة، قد وعدت العمال بصرف نسبتهم من الأرباح بواقع تسعة أشهر ونصف، في 9 تشرين الثاني الماضي، حيث قامت الشركة القابضة وقتها  بصرف أربعة أشهر فقط من مستحقات العاملين، التي تبلغ 13.5 شهرًا، مع الوعد بصرف باقي المستحقات، وهي 9.5 شهر، بشكل يضرب بمصداقية السلطة التنفيذية عرض الحائط، ويعمق الهوة بين العمال والحكومة، في حين يعكس مدى استهانة الحكومة بحقوق العمال".

وأثار الصراع الدائر على وضع النقابات المستقلة في مصر بين المطالبين بحرية تأسيسها والمهاجمين لها، حفيظة المؤشر، حيث تشهد النقابات المستقلة في مصر هجومًا شرسًا، بين اتهامها بتفتيت الصف العمالي، والحصول على تمويلات أجنبية لتنفيذ أجندات خارجية، وأيضًا الإجراءات الفعلية التي تم اتخاذها لفصل أعضاء التنظيمات النقابية المستقلة في النقابة العامة، الأمر الذي يدعي بضرورة إقامة حوار فعال بين تلك التنظيمات كافة، بالمشاركة مع المنظمات المدنية والجهات التنفيذية المختصة، لتنظيم تلك الكيانات النقابية، التي جاءت كأهم مكاسب النضال العمالي في عصر مبارك.

ولا تزال مشكلات العامل المصري من الفصل والتشريد نتيجة لتغيير مجال عمل الشركة، أو لبيعها، أو خصخصتها، أو الفساد المالي والإداري فيها، أو للعديد من الأسباب الأخرى، هي أحد أخطر الانتهاكات التي تعصف بحقوق مئات الآلاف من العمال المصريين، والتي لن تقوى تحركات وزير القوى العاملة المنفردة على مجابهتها، ولكنها تحتاج للمزيد من تضافر الجهود التنفيذية والنقابية والمدنية مع ضرورة وجود إرادة سياسية قادرة على الدفع بمخرجات تلك العملية للتنفيذ السريع على أرض الواقع لكفالة حقوق العامل المصري.