اشتباكات بنغازي

تضاربت الأنباء حول حقيقة الوضع في مدينة بنغازي والطرف المسيطر عليها، الخميس الماضي، فيما أثار اقتراب "قوة دفاع برقة" من المدينة وتمركزها على أبوابها، مخاوف من تحالف بين هذه القوة التي تمثل دعاة الانفصال في الشرق الليبي والقوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر.

وأفادت وكالة "فرانس برس" بإنَّ وحدات من الجيش بقيادة العقيد فرج البرعصي، آمر كتيبة حسن الجويفي المتمركزة في مدينة البيضاء "200 كلم شرق"، دخلت إلى مدينة بنغازي مساء الأربعاء الماضي مُدجّجة بمختلف أنواع الأسلحة والآليّات والمدرّعات والدبابات من المدخل الشرقي.

ونقل الوكالة عن شهود أنَّ تلك الوحدات تتمركز في منطقة حي السلام بعدما تجاوزت المناطق الواقعة شمال شرق المدينة؛ حيث نفذت أعمال دهم وقبض على مطلوبين في منطقتي دريانة وسيدي خليفة "30 كلم شرق".

في المقابل، أعلن "مجلس شورى ثوار بنغازي"، المتحالف مع "فجر ليبيا"، عن سلسلة عمليات أجراها في المدينة، الخميس الماضي، فيما أكد السُكّان أنَّ معظم شوارع بنغازي خلت من ظهور عسكري ملحوظ، سواء لقوات حفتر أو خصومه، فيما انتشرت في بعض الأحياء مجموعات من الشباب أنصار حفتر الذين شكّلوا "صحوات" في مواجهة المقاتلين الإسلاميين.

وأبلغت "الحياة" مصادر في "فجر ليبيا"، أنَّ قوات حفتر حاولت التقدم إلى القاعدة الجوية في بنينا قرب مطار المدينة وصولاً إلى جسر مهم في المنطقة، وتعرضت لرمايات كثيفة من مقاتلي المجلس.

كما تحدثت المصادر عن تفجير المقاتلين الإسلاميين عبوة ناسفة عند مدخل معسكر الدفاع الجوي في منطقة سي منصور، ما أسفر عن سقوط 7 قتلى من أنصار حفتر.

وأشارت المصادر إلى تفخيخ مقاتلي "مجلس شورى الثوار" الطرق التي تربط بين وسط بنغازي ومناطق سي خليفة وسي منصور؛ لمنع دخول أيّة سيارة عسكرية وسط المدينة، حيث أسفرت الاشتباكات في مناطق متفرقة عن سقوط 11 قتيلاً وعدد من الجرحى الخميس الماضي، بحسب ما أفادت مصادر طبيّة.

ونفى شهود في بنغازي لـ"الحياة"، الأنباء عن دخول "الجيش الليبي" إلى المدينة وسيطرته عليها.

وأفادت روايات متطابقة لعدد من الشهود أنَّ رتلاً من "قوة دفاع برقة" (انفصالية) أتى من منطقة برسس التي تبعد 60 كيلومترًا غرب بنغازي، ووصل إلى منطقة سي خليفة التي تبعد عن المدينة نحو 18 كيلومترًا ظهر الأربعاء الماضي، وفتح النار على منزل أحد القادة الميدانيين في "مجلس الثوار"، وهو محمد العريبي الشهير باسم "بوكا"، ما أدى الى دمار المنزل.

وتراجع الرتل بعدها إلى منطقة دريانة التي تبعد نحو 25 كيلومترًا عن بنغازي.

في الوقت ذاته، روى شهود أنَّ الناطق الرسمي باسم قوات حفتر، الرائد محمد الحجازي وصل بعد ظهر الأربعاء، إلى جزيرة دوران منطقة حي السلام في بنغازي والتي تبعد نحو 10 كيلومترات عن وسط المدينة على متن سيارة "تويوتا" تصحبها سيارة "بي إم دبليو" سوداء، وترجّل الحجازي من السيارة برفقة صحافيين وأعلن "تحرير بنغازي ودخول الجيش الوطني" إليها، ثم عاد إلى سيارته مرة أخرى وانطلق بها تجاه شرق بنغازي من حيث أتى.

وأضاف الشهود أنَّ في الموقع حيث تحدّث الحجازي، انتشر نحو 20 شخصًا يرتدون ثيابًا عسكرية وكانت معهم بنادق وأجهزة لاسلكي، لكنهم ما لبثوا أنَّ غادروا بعد نحو نصف ساعة.

وأثار دخول "قوة دفاع برقة" على خط العمليات العسكرية في بنغازي، مخاوف من طغيان النزعة الانفصالية على المشهد في الشرق الليبي، وسط أنباء تمّ تداولها في طرابلس على نطاق واسع، بأنَّ شخصيات محسوبة على البرلمان المنعقد في طبرق، أجرت مشاورات مع بعض الدبلوماسيين الأجانب وفي مقدمهم السفيرة الأميركية لدى ليبيا، ديبورا جونز، المقيمة حاليًا في مالطا، حول آفاق المطالبة بانفصال إقليم برقة إذا نجح التحالف المُناهض للإسلاميين في طردهم من بنغازي.

وربط مراقبون في العاصمة الليبية هذا التطور بـ "فشل الدعوة التي وجّهها رئيس الحكومة الموقتة عبدالله الثني إلى انتفاضة شبابية في طرابلس ضد مقاتلي "فجر ليبيا"؛ إذ لم يسجّل أي حراك في هذا الاتجاه على الإطلاق".

ورأى المراقبون أنَّ استكشاف آفاق إعلان انفصال برقة ومدى موافقة الدول الغربية على ذلك، يأتي تحوطًا لحُكم المحكمة العليا أوائل الشهر المُقبل، بعدم شرعية انعقاد البرلمان في طبرق.

فيما تعاني المحكمة من ضغوط سياسية من طرفي النزاع دفعتها مطلع الأسبوع الى تأجيل جلسة البتّ في طعون رفعها نواب مقاطعون لجلسات البرلمان وتتعلق بعدم دستورية انعقاده.