القاهرة- سهام أبوزينة
كشف وزير المال، محمد معيط، أن السلع تامّة الصنع غير الضرورية الخاضعة للدولار الجمركي الحر والتي سيطبّق عليها السعر المعلن في البنك المركزي ستتم مراجعتها بصورة شهرية "لمراقبة أي آثار تضخمية".
وأضاف معيط في بيان له، أن سعر الدولار الجمركي الحر للسلع غير الضرورية يبلغ 17.9 جنيهات، موضحًا أن الوزارة لديها المرونة الكاملة للتعامل مع المتغيرات والقرارات وفقًا إلى التجربة الفعلية على أرض الواقع، كما أنه إذا تبين تأثّر أحد السلع سلبا نتيجة حسابها بسعر البنك المركزي سيتم نقلها إلى القائمة الأقل وهي سعر 16 جنيها للدولار.
وتابع معيط: "ندعم ونشجّع الصناعة المحلية ونحترم كل اتفاقياتنا الدولية، فالسلع تامة الصنع التي لها مثيل محلي ستخضع لسعر الدولار الجمركي الحر، أما من يقوم بالتصنيع أو التجميع يجب أن نمنحه ميزة تنافسية"، وتعليقًا على ذلك، توقع الدكتور فخري الفقي، المستشار السابق بصندوق النقد الدولي، تأثير محدود من رفع سعر الدولار الجمركي على التضخم العام، والذي سيكون ناتجا في الأساس من قطاع السجائر والكحول، ويمثل 2.2% من مؤشر السلع الاستهلاكي، متوقعًا زيادة في قراءة التضخم العام الشهري خلال الشهر الجاري، موضحًا أن قرار الدولار الجمركي يسهم في زيادة الإيرادات الضريبية، في ظل عدم وجود أي إجراءات ضريبية جديدة، وتوقّع أن لا تكون الزيادة الناجمة عن هذا القرار كبيرة.
وأضاف الفقي: "أحيانًا يستغل المنتجون أي قرار يتعلق بأسعار بعض السلع لرفع أسعار منتجاتهم، والتي تؤثر في حساب التضخم، وهذا ما يمكن تسميته تأثر تبعي للقرار"، موضحًا أن التضخم سيخالف توقعات الحكومة جراء استغلال التجار القرار لرفع أسعار المنتجات المتعلقة بحساب التضخم، وواصل: "بالتأكيد ستكون هناك تأثيرات سلبية من خلال رفع أسعار عدد من السلع المستوردة، لكنه في الوقت نفسه يحقق ميزة للمنتجات محلية الصنع من خلال زيادة الإقبال عليها، وبالتالي رفع معدلات التصنيع المحلي"، موضحًا أن القرار الحالي يستهدف الجمارك على السيارات، إذ تعتزم السلطات تطبيق اتفاقيتها مع الاتحاد الأوروبي والموقعة منذ عام 2001، الخاصة بصفر جمارك على السيارات أوروبية النشأة، بداية من يناير/ كانون الثاني 2019، كما لفت إلى أن القرار يستهدف عدم تراجع سعر السيارات الأوروبية والإبقاء على سعرها مرتفعًا، وهو ما اعتبره مغايرًا لقرار الضريبة الجمركية الذي جرى تطبيقه مؤخرًا.
وانقسمت آراء أقسام البحوث بشأن النتائج المترتبة على القرار في ما يتعلق بالتضخم، وذلك حسبما جاء في نشرة "إنتربرايزر"، إذ قالت "شعاع كابيتال" في مذكرة بحثية إن التضخم سيرتفع بشكل أو بآخر جراء القرار، وتابعت المذكرة رغم أن الوزارة أكدت عدم تغيير سياسة الدولار الجمركي للسلع الضرورية ومدخلات الإنتاج فإننا نرى أن البضائع المستهدفة تندرج تحت بنود متنوعة من سلة المؤشر القياسي لأسعار المستهلكين، بما في ذلك التبغ، والملابس والأحذية، والثقافة، النقل، والسلع والخدمات المتنوعة، تلك البنود التي تسهم مجتمعة بنحو 19% من وزن المؤشر، لذا، نرجح أن يكون ارتفاع أسعار السلع المذكورة في بيان الوزارة له تأثير تضخمي، وهو ما نعتقد بأنه سيدفع التضخم إلى الارتفاع بنسبة لا تقل عن 1% في الأشهر المقبلة.
وقالت "بلتون للأبحاث" في مذكرة بحثية إنها تتوقع تأثير محدود من رفع سعر الدولار الجمركي على التضخم العام، والذي سيكون ناتجًا في الأساس من قطاع السجائر والكحول، والتي تمثل 2.2% فقط من مؤشر السلع الاستهلاكية، وتوقعت المذكرة زيادة بنسبة تتراوح بين 0.3% و0.5% لقراءة التضخم العام الشهري في الشهر الجاري، والتي توقعتها بلتون عند 0.5%، ووفقًا إلى المذكرة سيؤدي ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم السنوي العام بنسبة 18.7 و18.9% في ديسمبر/ كانون الأول 2018، أي سيكون متوسط التضخم عند 18% في الربع الرابع لعام 2018- بما يتجاوز مستهدف المركزي.
وقالت وزارة المال في بيان منفصل، إن التبغ الذي تستخدمه الشركة الشرقية للدخان ستستمر محاسبته بنفس السعر السابق للدولار الجمركي البالغ 16 جنيهًا، أما المنتجات تامة الصنع مثل السجائر المستوردة والسيجار وأي منتجات أخرى تامة الصنع، والتي تباع مباشرة للمستهلك، فهي التي سوف تخضع لسعر الدولار بالبنك المركزي، كما وصل الانقسام بشأن القرار إلى أروقة البرلمان، إذ اختلفت آراء أعضاء في مجلس النواب بشأن قرار وزارة المال، وفقا إلى ما ذكرته "صحيفة البورصة"، وقالت النائبة ميرفت إلكسان إن القرار لا يمس السلع الأساسية ولن يكون له أي آثار سلبية على محدودي الدخل خلال الفترة المقبلة، بينما وصف عمرو الجوهري عضو اللجنة الاقتصادية، قرار وزير المال بأنه غير موفق، إذ إن الحكومة قررت رفع الضريبة الجمركية على هذه السلع من قبل لأكثر من 40%، وكان الغرض أيضًا حماية الصناعة الوطنية وزيادة الحصيلة الجمركية، وأضاف أن القرار سيعمل على زيادة الأسعار بنحو 10% على الأقل، وفقا إلى تقديراته، وتابع "الجوهري" أن المشكلة تكمن في عدم وجود آلية لضبط الأسواق، بما يؤدى إلى انفلات في الأسعار، والمواطن لا يعلم ما هي البنود الترفيهية من غيرها، ولا يراجع منشور الجمارك الذي لا يعرض عليه أصلا.
ورفعت شركة "جي بي أوتو" وكيل هيونداي أسعار 4 طرازات تتبع العلامة الكورية في السوق المحلية، وتراوحت قيمة الزيادات بين 3 و6 آلاف جنيه، كما أقرت الشركة زيادات أخرى على طرازات مازدا وجيلي، وفقا إلى ما ذكرته صحيفة "المال"، وبعد تصنيف أجهزة الكمبيوتر ضمن السلع غير الضرورية، دعت الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا التابعة إلى الاتحاد العام للغرف التجارية لعقد اجتماع عاجل الثلاثاء، لبحث تداعيات قرار وزير المال، وفقا إلى ما ذكرته "صحيفة المال"، وقال خليل حسن خليل رئيس الشعبة العامة للاقتصاد الرقمي إن تصنيف الحاسبات الآلية مع بعض المنتجات الأخرى مثل الكافيار وأطعمة الكلاب والقطط بأنها سلع غير ضرورية توصيف "غير موفق".
يذكر أن محمد معيط، قال في بيان له، معلقًا على إضافة بعض السلع مثل أجهزة الموبيلات والكمبيوتر إلى قائمة السلع الخاضعة لسعر الدولار المعلن من البنك المركزي، يجب أن تكون لدينا هذه الصناعات في مصر وبخاصة أن لدينا الكفاءات والكوادر المؤهلة للقيام بذلك، مشيرًا إلى أن توجه الدولة يقوم على تشجيع وتعميق الصناعة وأنه من الممكن أن يتم تجميع أو تصنيع هذه السلع داخل السوق المصرية، فلم تسلم الأدوات المنزلية من تبعات قرار المال، إذ قال أشرف هلال رئيس شعبة الأدوات المنزلية في غرفة القاهرة التجارية، لموقع "مصراوي" إن أسعار الأدوات والأجهزة المنزلية ارتفعت بنسبة 15%، عقب إعلان وزارة المال رفع سعر الدولار الجمركي على بعض السلع غير الأساسية والترفيهية، مضيفًا أن نسبة الزيادة في أسعار الأدوات المنزلية هي نفس نسبة الزيادة في سعر الدولار الجمركي وهي 15%.
ورغم أن حجم الأجهزة الكهربائية المستوردة لا يمثل إلا 10% من حجم الأجهزة الموجودة في السوق المحلية فإن الارتفاع سيمتد للأجهزة المحلية، وفقًا لـ"هلال"، موضحًا أن قطاع الأدوات المنزلية يعاني ركودا وبعد زيادة الأسعار الأخيرة سيصبح الأمر أكثر سوءًا.