مخطط العاصمة الإدارية الجديدة

اختلف خبراء وأساتذة الجامعات، بشأن مدى جدوى وأهمية إنشاء أفرع للجامعات الأجنبية في العاصمة الإدارية الجديدة، وأشار بعضهم إلى أنها ستخلق مناخا من التنافسية التي تؤدي لتحسين جودة الجامعات المصرية ورفع مستواها، بينما رأى آخرون أن إنشاء هذه الأفرع لن يكون لها أثر في تطوير التعليم المصري، حيث يتم إنشاؤها في الوقت الذي لا توجد خطة جادة للنهوض في الجامعات المصرية، كما أن التعليم الأجنبي في مصر، غير مرتبط بالهوية المصرية.

وأكد القائم بأعمال أمين المجلس الأعلى للجامعات يوسف راشد، أن إنشاء أفرع للجامعات الأجنبية “جيد” ويخلق تنافسية أعلى في التعليم وجودة التعليم، مشددًا على أن الأهم هو خلق جو من التنافسية باعتبارها ترفع المستوى، موضحا “ليه الناس بتروح جامعة القاهرة وليس جامعة في الأقاليم، علشان سامعين إن القاهرة أفضل، وهكذا، وبالتالي يخلق تنافسية”، ووصف أستاذ إدارة الأعمال في جامعة القاهرة هشام البحيري، الأمر بـ”الممتاز”، منوّهًا إلى أن وجود الجامعات العالمية سيشجع على تحسين جودة الجامعات المصرية وتوفير فرص عمل لأعضاء هيئة التدريس والشباب العاملين في هذه الجامعات، وتوفير عمله صعبة؛ لأن أغلب الطلبة التي تدرس في الخارج ستدرس هنا في مصر، على حد قوله.

وأضاف البحيري، أن إنشاء أفرع لجامعات أجنبية في العاصمة الإدارية، يخلق صورة إيجابية عن مصر، من الناحية الإعلامية والتسويقية، كما يجعلها في مصاف الدول الجاذبة للجامعات العريقة والمتميزة، مطالبا بضرورة مراعاة تصنيف مثل هذه الجامعات، قائلا: “لا يجب أن يتم فتح الباب أو الموافقة على دخول جامعات تصنيفها أقل من الجامعات العربية، ويجب أن يكون لها ثقل في الترتيب العالمي ومتميزة، ومن يتفاوض معهم لابد أن يكون متخصص في العلاقات الثقافية الدولية وبارع في التفاوض وعلى دراية بالاعتماد الأكاديمي والتصنيف العالمي وتطور المناهج الدراسية المختلفة”، بينما يرى وكيل مؤسسي نقابة علماء مصر عبدالله سرور، أن إنشاء أفرع للجامعات الأجنبية يجب أن يتم بالتوازي مع الجامعة المصرية، باعتباره الوسيلة التي يمكن أن تؤثر في تطوير التعليم بأن تكون هناك شراكة، وهو ما يمكن الجامعات المصرية من الاستفادة من التقدم الموجود في نظيرتها الأجنبية.

وبيّن سرور أن الأمر الثاني والغريب هو الاهتمام بالأفرع الأجنبية، بينما التعليم في مصر “سمك لبن تمر هندي”، وأكد وكيل علماء مصر، أن التعليم الأجنبي ليس له هوية أو قوام، موضحا أن الطلاب في الجامعات الأجنبية في مصر، حاليا، منفصلين تماما عن الواقع المصري، مطالبا بضرورة ربط هم بالشخصية المصرية وقيمة مصر ومكانتها وتاريخها ودورها بالتعليم.، وضرب سرور مثال، “في المدارس الدولية اشترطوا عليهم تدريس اللغة العربية، بيعطوا الطفل اللي في 3 ابتدائي نفس كتاب 3 ابتدائي اللي بيدرسه طفل المدرسة المصرية، لكن الفرق أن الطالب المصري بيدرس الكتاب بينما في المدارس الدولية بيختار موضوع من الكتاب ولا يأخذ بقية الموضوعات” مضيفا أن الجامعات الأجنبية تدرس علوم عادية على طريقته هو وبلغته هو.

وأوضح أنه لا توجد خطة جادة لنهضة الجامعات المصرية، مشيرا إلى أن الجامعات المصرية متروكة كالبيوت القديمة التي لا يتم إزالتها، ومضيفا “هنسيبه لغاية ما يقع، مفيش محاولة جادة لتطوير ونهضة تقدم الجامعات الحكومية”، ووصف سرور الجامعات الأجنبية في مصر بأنها جمهوريات مستقلة داخل الدولة ولا أحد يستطيع الاقتراب منها، مشيرا إلى مقولة طه حسين، في كتابة “مستقبل الثقافة في مصر” في ثلاثينيات القرن الماضي “التعليم الأجنبي نشأ في مصر غير مستظل بظل الدولة، وغير خاضع لسلطانها”، وهذه حقيقة حتى اليوم.

وتساءل عضو حركة 9 مارس في جامعة عين شمس خالد سمير، عن جدوى التعليم الأجنبي في مصر، قائلا “أفرع الجامعات الأجنبية موجود في مصر منذ فترة مثل الجامعة الأميركية، هل كان لها أثر في تحسين النظام الجامعي؟”، وأضاف “لا طبعا”، مشيرا إلى أنها محدودة العدد ومكلفة ومخصصة لطبقة من المجتمع ولم تساهم بجدية في تغيير نظام التعليم العالي أو خلق جو تنافسي داخل مصر، واستكمل سمير أنّه “كنا نامل أن تكون إضافة حقيقية لتطوير التعليم عن طريق خلق مناخ تنافسي أو جلب اعتماد لشهاداتها للدراسة في الجامعات الغربية، حتى تبدأ الجامعات الحكومية والأهلية في تحسين نفسها، لكن التجربة منذ أكثر من 20 عاما في مصر وللأسف تجربة سلبية، وأصبحت هادفة للربح بالأساس والجامعات الجدية قليلة في مقابل جامعات كثيرة مجرد أماكن لمنح شهادات لعدد أكبر من الطلاب ومستوى الجامعات غير معروف نظرا لعدم وجود تقييم موضوعي أو توحيد قياسي”.

وأشار سمير إلى أن المكان الذي ستنشأ فيه الجامعات الأجنبية لا يفرق؛ لأن الجامعات هي التي تضيف للمكان باعتبارها عامل جذب لمطاعم أكل وشرب وتطوير مجتمعي وأنشطة مختلفة وجذب لكثافات سكانية، فالمكان لا يضيف شيئا للجامعات وإنما العكس.