سد النهضة

تسود الشارع المصري حالة من القلق بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق نهائي مع إثيوبيا والسودان، في شأن اعتماد التقرير الاستهلاكي الخاص بآثار سد النهضة على دولتي المصب خلال اجتماع اللجنة الفنية الثلاثية الذي استضافته القاهرة الأسبوع الماضي.

وتخشى مصر من تأثير حجز المياه في خزان السد على حصتها السنوية من مياه النيل البالغة 55 بليون متر مكعب، وسط تأكيدات من الجانب الإثيوبي أن السد لن يُضر أيًا من دولتي المصب، وجاءت تصريحات رئيس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل، عقب فشل المفاوضات بأن مصر تدرس الإجراءات اللازم اتخاذها بعد تحفظ إثيوبيا والسودان على التقرير الاستهلالي الذي أعده مكتبان استشاريان فرنسيان بشأن سد النهضة، ليفتح الباب أمام الحديث عن ماهية تلك الإجراءات، خصوصًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي صرح بشكل قاطع بأن أحدًا لن يستطيع المساس بحصة بلاده من المياه.

ويترقب الشارع المصري زيارة رئيس وزراء إثيوبيا هايلي ماريام ديسالين إلى مصر في كانون الأول / ديسمبر المقبل، لرئاسة وفد بلاده في اجتماعات اللجنة العليا المشتركة، ورأى أستاذ القانون الدولي العام عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الدكتور أيمن سلامة، أن زيارة ديسالين لمصر "فرصة لحل أزمة سد النهضة"، خصوصًا بعد أن أكد الرئيس السيسي أن مياه النيل "مسألة حياة أو موت".

وأشار سلامة، إلى أن القانون الدولي يعطي مصر الحق في أن تطلب من إثيوبيا التوقف موقتًا عن استكمال بناء السد، حتى تقدم التقارير التي تضمن عدم تضررها من البناء في أيٍ من مراحله وحتى امتلاء خزان السد، وهو ما لم يتم الاتفاق عليه حتى الآن بين الدول الثلاث.

وبشأن مبدأ التسوية السلمية للمنازعات، قال سلامة إن الوسائل المتاحة لمصر "محدودة"، بعد أن وقع قادة مصر وإثيوبيا والسودان في الخرطوم في آذار/ مارس 2015، اتفاقية إعلان مبادئ تنص على أن تسوي الدول الثلاث منازعاتها بعد هذا الاتفاق بالتوافق، من خلال المشاورات أو التفاوض، وفي حال لم تنجح الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، يمكن لها مجتمعة طلب الوساطة أو إحالة الأمر لرؤساء الدول الثلاث.

وأوضح سلامة أن النزاع القائم بين مصر وإثيوبيا هو نزاع قانوني بشأن تفسير وتنفيذ البنود العشرة التي تضمنتها اتفاقية الخرطوم، إلى جانب نزاع فني حول التقارير الخاصة بمعاملات السد، خصوصًا مدة ملء الخزان وعدد الفتحات التي ستمر منها المياه إلى دولتي المصب، مؤكدًا أن قانون الأنهار الدولية ينظر بصفة خاصة إلى دول المصب لأي نهر دولي، مشيرًا إلى أن الاتفاقية التي وقعتها الدول الثلاث في الخرطوم يتمحور جوهرها على حسن النوايا والمنفعة المشتركة وأن تكون المكاسب للجميع، بما لا يخل بمبادئ القانون الدولي.

وأوضح سلامة، أنه منذ أكثر من قرنين من الزمان لم تلجأ أي دولة إلى استخدام القوة لتسوية نزاع على أي مجرى مائي، ما رسخ مبدأ الحل السلمي في القانون الدولي، لافتاً إلى أن من النادر أن تقدم أطراف النزاعات الفنية أو القانونية شكوى إلى مجلس الأمن الدولي، وإذا حدث ذلك، فإنه لا يعني يقينًا أن النزاع سيُدرَج على جدول أعمال المجلس وذلك لاعتبارات أهمها أن الأمر لا يمثل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين.