طرابلس -فاطمة السعداوي
دعا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبى فائز السراج، جميع الليبيين إلى "تحكيم العقل، وعدم تضييع فرصة أن تكون 2018 عام ترسيخ الاستقرار"، في وقت دفع فيه الجيش الوطني الليبى بتعزيزات عسكرية ولوجيستية إلى مدن الجنوب، رغم أن مصادر قبلية أكدت أن الاقتتال في سبها بين قبيلتي "أولاد سليمان" و"التبو" قد توقف.
وكشفت "الشرق الأوسط" خلال خطاب تصالحي لرئيس المجلس الرئاسي: «أنا لا ألوم ولا أدين ولا أعتب على أحد، فالكل ملام ومدان بأشكال مختلفة ودرجات متفاوتة»، ورأى أن «الطريق الآن أصبحت واضحة جلية، تبدأ باحترام المسار الديمقراطي، والاستفتاء على الدستور، ثم الانتخابات التي يختار الشعب من خلالها القيادات التي تنال ثقته، وتملك الكفاءة لتقود البلاد نحو دولة الأمن والاستقرار».
وأوضح فائز السراج، الذي وصل إلى مدينة جادو (شمال غرب) على رأس وفد كبير من حكومته، أول من أمس، أن «بوادر الحل تلوح في الأفق، وتبشر بقرب الانفراج، وعلينا ألا نضيع الفرصة، وأن تكون 2018 هي سنة ترسيخ الاستقرار والبدء في مرحلة البناء والتنمية»، داعيا جميع أطياف الشعب إلى «تحكيم العقل وطي صفحة الخلاف والتناحر، والالتفاف حول هدف واحد هو بناء ليبيا»، مشددا على أن «الأغلبية لديها رغبة جامحة في إنهاء الأزمة، وستجرف في طريقها القلة المعرقلة، التي تتعايش سياسيا وماديا من استمرار هذه الأجواء».
وانتهى السراج إلى أن «الشعب ثار من أجل بديل ديمقراطي لحكم الفرد، وبهدف سياسة ناضجة عاقلة شفافة، لا تحارب طواحين الهواء»، وفي لقاء آخر، التقى السراج داخل مكتبه بالعاصمة طرابلس، أمس، كيران ديقان، المدير التنفيذي للمجلس الثقافي البريطاني مدير عام مكتب المجلس (فرع ليبيا) أنتوني كالدريك، وسفير المملكة المتحدة لدى ليبيا فرنك بيكر. وتناول اللقاء، بحسب بيان المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي، برامج ونشاطات المجلس الثقافي البريطاني في ليبيا، وأبدى ديقان استعداد المجلس لتلبية الاحتياجات التعليمية والثقافية والاجتماعية المتنوعة في ليبيا، وإعداد برامج التدريب من خلال شراكة فعالة مع المؤسسات الليبية المعنية.
وخلال اللقاء قال السراج «إننا نتطلع إلى شراكة مع المجلس الثقافي البريطاني على أساس التفاهم المشترك، تكون نموذجا للعلاقة بين البلدين الصديقين»، في غضون ذلك، نفت وزارة الخارجية في حكومة الوفاق الوطني ما تم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي بشأن خطف دبلوماسي مصري. وقالت الوزارة في بيان الخميس، إن السفارة والقنصلية المصرية في طرابلس «لم يستأنفا عملهما في العاصمة بعد»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد دبلوماسيون مصريون في العاصمة طرابلس حاليا، وبالتالي لا صحة لما يتم تداوله من أخبار مكذوبة».
من جهة ثانية، تصاعدت الخميس حدة الانتقادات إلى المبعوث الأممي لدى ليبيا غسان سلامة، وذلك بعد ساعات من إفادته أمام مجلس الأمن الدولي، مساء أول من أمس، التي تحدث فيها عن أنه «كلما اقتربت ليبيا نحو الانتخابات، كانت التعديلات على اتفاق الصخيرات، الموقع في المغرب قبل عامين، أقل أهمية».
وفي هذا السياق، قال يوسف العقوري، عضو مجلس النواب، إن «هناك انقساما بين أطراف الحوار ما بين أن يكون المجلس الرئاسي الجديد مكونا من رئيس ونائبين، أو توسيع الاتفاق السياسي»، مستغربا الحديث عن انتخابات الآن في ظل «سيطرة الميليشيات على بعض المدن الليبية».
وأضاف العقوري، النائب عن مدينة بنغازي في حديثه إلى «الشرق الأوسط»: «لسنا في حاجة إلى انتخابات تستبدل الوجوه بأخرى، دون التوصل إلى قاعدة صلبة، تتمثل في جيش وأجهزة أمنية... ربما تكون الانتخابات مخرجا (للسيد) سلامة، وإذا كان فشل، فعليه الاعتراف ذلك».
في السياق نفسه، قال مصدران من لجنتي الحوار التابعة لمجلس النواب، و«الأعلى للدولة» لـ«الشرق الأوسط»، رفضا ذكر اسمهما، إن سلامة لم يبلغ الجهتين حتى ظهر أمس، بموعد استئناف اجتماعات تعديل الصخيرات.
بدورها، وجهت نادية عمران، مقررة الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، انتقادات لاذعة إلى المبعوث الأممي، بقولها إن «النيات السيئة المدعومة من أطراف خارجية ظهرت».
وأضافت عمران في مداخلة لفضائية «قناة ليبيا» مساء أول من أمس: «ما يجري في البلاد عبارة عن لعبة انتقالية جديدة بالقواعد السابقة نفسها»، وكان سلامة قد قال في إفادته: «أعتقد الآن أن هناك فرصة ضئيلة لتمرير تعديلات اتفاق الصخيرات. ولا تعتمد خطة عمل البعثة عليها»، لكنه استدرك بالقول: «سوف أبدأ من الغد (أمس) محاولة جديدة وأخيرة في هذا الاتجاه».
في غضون ذلك، دان مجلس النواب، الذي يباشر أعماله من مدنية طبرق في الشرق، عمليات خطف رجل الأعمال ومدير قناة العاصمة الفضائية عمر الأسطى من منزله في العاصمة. وطالب المجلس في بيان، نشره على موقعه الإلكتروني «بالإفراج الفوري عن المحتجزين كافة من دون وجه حق خارج سلطة القانون»، محملا الأطراف التي تقف وراء هذه الأعمال، أو التستر عليها، والأجهزة الأمنية كافة في طرابلس، المسؤولية القانونية والأخلاقية المترتبة على هذه الأعمال.
ميدانياً، دفع الجيش الوطني الليبي، الذي يترأسه المشير ركن خليفة حفتر، بتعزيزات عسكرية ولوجيستية، تتضمن أسلحة وذخائر وآليات ومدرعات إلى الجنوب الليبي.
وأوضحت شعبة الإعلام الحربي، أن هذه التعزيزات تستهدف «إنجاح مهمة تأمين الجنوب، وذلك من خلال استمرار التصدي للجماعات الإرهابية، والمجموعات المسلحة، الخارجة عن القانون».
وناشد المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان (الجنوب) «جميع المتحاربين في مدينة سبها وضع السلاح جانبا، والتهدئة وضرورة الحوار»، وقال المجلس في بيان، مساء أول من أمس: «رفقا بالمدينة وحياة المدنيين الآمنين أطفالا وشيوخا وعجائز».
في سياق آخر، انتهى معهد الولايات المتحدة للسلام (USIP)، بالاشتراك مع «يونيسف»، من ورشتي عمل ممولتين من الولايات المتحدة لقيادات السجون الليبية، وقال القائم بأعمال السفارة الأميركية بالنيابة، ستيفاني تي ويليامز، في بيان: «لقد أبهرنا مديرو السجون بالتزامهم بتعزيز تنفيذ قانون السجون الليبي، كما تتطلع الولايات المتحدة إلى مواصلة هذه الشراكة لدعم توفير العدالة الجنائية في جميع أنحاء البلاد»